نويت أن أضحك ـ مع الشاعر خليل عجب الدور الهواري : وحدثني فلم أفهم حديثه * كأن حديثه شعرٌ حديثُ

نويت أن أضحك ـ مع الشاعر خليل عجب الدور الهواري : وحدثني فلم أفهم حديثه * كأن حديثه شعرٌ حديثُ


02-26-2008, 10:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=150&msg=1204061949&rn=4


Post: #1
Title: نويت أن أضحك ـ مع الشاعر خليل عجب الدور الهواري : وحدثني فلم أفهم حديثه * كأن حديثه شعرٌ حديثُ
Author: محمد جميل أحمد
Date: 02-26-2008, 10:39 PM
Parent: #0

شاعر روحه تقطر ظرفا ، من تحت العمامة والجبة الأزهرية . إنه الشاعر الحلمنتيشي / الفصيح الشيخ خليل عجب الدور الهواري ، فهو بعوده الفارع وجبته الضخمة ، وقامته المديدة وعمامته المكورة ، وحزامه الذي يتمنطق به ما بين الجبة والجلابية ؛ يخلع على من يراه لأول مرة الهيبة والإجلال القهري . لكن سرعان ما تنكشف عنك هالة التهيب حين تستمع إلى شعره الظريف والمضحك .
والشاعر خليل عجب الدور من الذين يعتقدون اعتقادا جازما بأن الشعر العربي لا بد أن أن يكون مشدودا إلى (عمود الخليل) (بأمراس كتـِّان ٍ إلى صُـمِّ جنـْدَلِ) على منوال شيخ الشعراء القديم (إمرؤ القيس) ..
استمع إليه وهو يصف معاناته في ليلة من ليالي الخريف الماطرة ، استعدادا ليوم زراعي طويل بمدينة القضارف :
وليلة ٍ بتـُّـها والجو معتكر ٌ
والأفق بالسحب أمسى جد مشحون
قضيتها ساهرا أحتك من شعـث ٍ
ومن قروح ٍ دوام ٍ فهي تبكيني
حتى إذا انقشع الصبح المنير وقد
حملت في الإبط ِ فـَّراري وسكيني
ورحت مبتدرا للزرع في نفـر ٍ
من (المساليت) هم نصف الثلاثين
مِن كل مَن اسمه موسى بن أبكر ٍ
ولد (إساغة)أو عيسى بن هارون
...........................
وبعد ذلك اليوم المرهق الطويل يتمنى الوصول إلى البيت ليستمتع بحمام بارد من الصابون
فيقول :
إني هناك طريح الجسم من تعب ٍ
ممزقات ٌ قبيحات دلاقيني
وفي البيوت تراني في رفاهية ٍ
مشـّرب ُ الوجه من غسل بصابون
فكل من زارني في البيت يحسبني
ضيفا من (الهند) أو ضيفا من (الصين)

والشاعر خليل عجب الدور من أمهر الشعراء السودانيين في إدخال الكلمات العامية في السياقات الفصيحة والمجوَّدة ، حتى إذا حذفت بعض كلمات العامية السودانية في قصائده ستجد نفسك أمام شاعر من طراز (أبي صخر الهذلي) ...
في بدايات العام 1991 لقيته بصورة شخصية في مهرجان الثقافة والابداع بمدينتي مدينة بورتسودان . حيث كان أحد ضيوفه ، وعرضت عليه بعضا من شعري ، فشرفني بقوله (شعرك من عيون الشعر ياولدي) ..
ثم سألته : ياعم خليل لم لا تنظم في الشعر الحديث ؟
فأجابني قائلا : أما سمعت قصيدتي بقصيدتي عن البص ؟ فقلت له هات ، فقال :

ياحبذا البص إن البص َّ عادته
دوما لمن قصد الأحبابَ رحـَّـالُ
بصٌ يمـرُ على الأسفلت يدفعــه
ترس ٌ إذا حلَّ بالـ(دفرنشي)إخلالُ

أما الشعر الحديث غير المقفى فلا يعترف به ؛ متخذا من البيت التالي شعارا له :
وحدثـني فلم أفهـمْ حديثـه؟
كأن حديـثـه شـعـرٌ حديــثُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المادة نشرها لي مشكورا الكاتب العراقي الساخر خالد القشطيني في عموده اليومي بصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ
الأربعاء 14/7/1999م العدد 7533
* خليل عجب الدور من خريجي معهد أمدرمان العلمي ومن تلاميذ الشاعر الكبير عبد الله محمد عمر البنا .. وهو من قدامى رجال التعليم بشرق السودان ، تقاعد في الثمانينات ... لكن حين سألته في ذلك اللقاء ذكر لي أنه مدير لمدرسة (أم راكوبة بمنطقة دوكة) في نواحي القضارف ... وهوشاعر أشاد به المرحوم البروفيسور العلامة عبد الطيب من خلال هذه القصيدة التي اقتطفنا منها هذه الأبيات وهي بعنوان (من وحي القبوب بين الطين والربوب)
كما نشر له الشاعر الكبير المرحوم محمد محمد علي بعض قصائده في كتابه الشعر القومي في السودان . وقال عنه أديب الشرق الكبير أستاذنا المرحوم حسان أبو عاقلة أبو سن في كتابه (قصائد من الشرق) : (تتجلى الأصالة في شعره ، ولا يملك من يقرأه إلا أن ينسبه إلى السودان)


ـــــــــــ حليل زمنك الجميل يا عم خليل

Post: #2
Title: Re: نويت أن أضحك ـ مع الشاعر خليل عجب الدور الهواري : وحدثني فلم أفهم حديثه * كأن حديثه شعرٌ حد
Author: محمد على طه الملك
Date: 02-27-2008, 01:31 AM
Parent: #1

تعريف جميل بالشاعر وأشعاره المليحه وليتك أفضت ..
ولكن أحزننى سماع نبأ وفاة الشاعر الكبير حسان ابو عاقله..
إذ قضيت في حرم داره(مدينة كسلا) سنوات لا تنسي..
رحمه الله رحمة واسعة .
لك تقديري.

Post: #3
Title: Re: نويت أن أضحك ـ مع الشاعر خليل عجب الدور الهواري : وحدثني فلم أفهم حديثه * كأن حديثه شعرٌ حد
Author: محمد جميل أحمد
Date: 02-27-2008, 09:31 AM
Parent: #2

عزيزي محمد علي طه الملك .... تحياتي
شكرا على المرور . المرحوم حسان أبو عاقلة توفي قبل سنوات . وآخر عهدي به عندما زرته في منزله العامر بكسلا قبل عشر سنوات في اغسطس 1997 وأنا في طريقي إلى بورسودان ، فأهداني مشكورا نسخة من مختاراته الشعرية للكثير من شعراء شرق السودان وهي بعنوان (قصائد من الشرق)
أما الشاعر خليل عجب الدور فقد تم تكريمه قبل سنوات قليلة ربما في العام 2002 كما شاهدت ذلك في برنامج تلفزيون السودان ، وكان قد ناهز التسعين من عمره ، ولم أعرف عنه شيئا بعد ذلك .. أتمنى أن يكون بصحة وعافية ، و كنت قد إطلعت على ديوانه المخطوط ، ضمن الكتب والدواوين المخطوطة لشعراء وأدباء شرق السودان في معرض المخطوطات في ذلك المهرجان وهو ديوان كبير ، لكن للأسف لم يكن مطبوعا في ذلك العام 1991 ولا أدري ما إذا تمت طباعته أم لا ، لكن القصائد التي اطلعت علي بعضها في الديوان هي قصائد غاية في الروعة والسخرية الضاحكة جدا ...
وهو شاعر يذكرك في سخريته بشاعر أعمى ضرير (أبو البنات) عاش بمصر في القرن الثالث الهجري كان ساخرا مثل شاعرنا خليل ، ومن أبياته الجميلة والساخطة على من كان يعيش بينهم في ذلك الزمان قوله :

لولا بناتي وسيئاتي * لطرت شوقا إلى مماتي
لأنني في جوار قوم * بغـَّـضَ لي قربهم حياتي

سأحاول انزال قصيدة (من وحي القبوب بين الطين والربوب) لا حقا
مودتي
محمد جميل

Post: #4
Title: Re: نويت أن أضحك ـ مع الشاعر خليل عجب الدور الهواري : وحدثني فلم أفهم حديثه * كأن حديثه شعرٌ حد
Author: محمد جميل أحمد
Date: 02-29-2008, 09:53 PM
Parent: #3

من وحي القبوب بين الطين والربوب* للشاعر الكبير خليل عجب الدور الهواري

ولـــيلـــة ٍ بـتــُّهـا والجــوُّ مُــعْـتــَـكرٌ
والأفــقُ بالسحب أمســى جدَّ مشحُــون ِ
قـَضيتــُها ساهرا أحْـتــَكُّ مـِن شـَعَث ٍ
ومــــِنْ قـــُرُوح ٍدَوام ٍ فـهـي تــُبـْـكيـني
حتى إذا انـقـشعَ الصُّبـْحُ المُـنِـيـرُ وقـدْ
حـمـلتُ فـي الإبط ِ فـَرَّارِي وسِكـِّـيـِني
وسِرْتُ مُـبـْـتــَدِرا ً لـلـزَّرع ِفـي نـَفـر ٍ
مِنَ (المَسَالـِـيتِ) هم نـِصفُ الثـلاثـيـن
مِـن كُـلِّ مـَن اسمه مُوسى بـن أبكـر ٍ
وَلـَـد (إساغـة) أو عـيسى بن هـــارون
ولـُـقـمَة ٍ مِن دقـيـق الـدُّخْـن ِ دافــئة ٍ
ألــَذ ُّ في البطن من قـُرَّا صَة َالفـيـني
صنعتـُها بيــدي فــي الصَّاج لـَيـّـنـَـة ً
كـأنـَّما صُـنـِعـَتْ فـي دوكـَة ِ الطـيـن
لهـــا بُخـَارٌ يــرُوق النـفسَ وهـي بـــه
تــزدادُ طـَعـما ً ونـفـعا ً لـلمـصاريـن
مـــُلاحُـها ويــكـــة ٌ لا يُــوقـــة ٌ وبــه
ملحٌ اُجـَـاج ٌ وفــيــه فـصُّ عـطــرون
ذاك المــلاح لــذيـذ ٌ كالــطبـيــخ لــنا
يـشـتاقــه الكــلُ من حيـن إلـى حيــن
فــإن عَــدِمْــنا هناك الـزاد لا حرجٌ
فـكــلـنا يـــأكـلُ الحِمَّــيـْـضَ كالـتــَّيـن ِ
وإن ظمئـــنا شربنا الماء من حـُـفـَـر ٍ
فــيــها الدغــــاليبُ أضعاف الملايين ِ
إنـِّـي هــناك نحيـــل الجسم من تعب ٍ
مُـمَـزَّ قات ٌ قبــيــحات ٌ دلاقــــيـــني
مُـشَــمِّـرُ الـسَّاق حاف ٍ غير منـتـعل ٍ
وحاسرُ الرأس ِ فــي شكل المجانـين
وفي البـيوت أراني فـــي رَفاهــــية ٍ
مـشـَّرب الوجـه من غـُسل بصابــون
فكل من زارني في البيــت يحسبـُـني
ضيفا ً من الهند أو ضيفـا ً من الصين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* القصيدة نقلا عن كتاب (قصائد من الشرق) للأديب والشاعر حسان أبوعاقلة أبوسن رحمه الله رئيس اتحاد الأدباء والشعراء بالإقليم الشرقي سابقا ً