كوبرى الدويم......وفوبيا البنطون!!!!!!

من أولى أسباب عدم التواصل مع مدينتنا "الدويم" ما يمكن أن أطلق عليه( فوبيا البنطون!!)

فبحكم نشأتى وترعرعى بعيداً عن هذه المدينة- وبالذات فى مدينة الأبيض - فدائما ينتابنى خوف شديد من إمتطاء ظهر هذا البنطون!!!
ولا أشك أن هنالك الكثيرين مثلى ممن لا يعرفون فن العوم...تنتابهم
نفس المخاوف!!!!!!
ومن الطرائف أن أحد أشقائى من الذين ولدوا ونشأوا فى الأبيض وفى
أول رحلة له إلى (البحر) كما يطلق على تلك البقاع النيلية.....
وعندما عبروا كوبرى كوستى ورأى البحر(النهر) لأول مرة ...فما كان منه
إلاّ أن لفت نظر والدته اليه قائلاً:- شوفى يمه فولتم كبيرة كيف!!!
و الفولة لمن لا يدرى فهى ذلك الحفير الذى يمتلئ بمياه الامطار!!!!!

أذكر فى نهايات الثمانينات - وكنت آنذاك برتبة المقدم فى الشرطة-
كنا ومعى بعض الزملاء فى مهمة تفتيشية لأقسام شرطة الأقليم الأوسط:- مدنى - سنار -كوستى- إلخ....
وكان من نصيبى ومعى بعض الزملاء مهمة تفتيش أقسام مدينة الدويم...

وكان الجو عاصفاً... وأمواج البحر(النهر) تعلو وتهبط متلاطمة.....
وليس هناك من وسيلة للوصول الى الدويم إلاّ على ظهر ذلك البنطون
العتيق ( وكان ذلك قبل وصول البنطون الكبير الحالى)!!!!!!

ونحن على الضفة الشرقية للنهر فى انتظار قدوم البنطون من الدويم....
لاحظت انه فى طريقه نحونا يتمايل ذات اليمين وذات اليسار متأرجحاً...
وبعد رسوه فى الضفة الشرقية...هالنى أن أرى (لورى) ذا حمولة هائلة
ترتفع أكثر من مترين على ظهره( تكويشة عالية)..ارتقى ظهر هذا البنطون الصغير!!!!
غايتو توكلت على الله وارتكبت البنطون ...وما إن توسط البحر(النهر)... والذى أحسب أن عرضه كعرض البحر الأحمر....حتى بدا فى التأرجح والتمايل ذ ّات اليمين وذات اليسار.....واللورى على ظهره يميل بحمولته
المتكوشة حيث مال....
ودون أن أشعر ارتقيت السلم حيث القبطان(الريس) حتى أكون بقرب خبير قد ينقذنى عند اللزوم!!!!!!!

لا أدرى كم من الأعوام مضت حتى وصلنا إلى الضفة الغربية حيث الدويم
.....فما إن قاربنا الشاطئ حتى قفزت من على ظهره وأنا أتمثل قول الشاعر.....والذى يتمثل به الموسيقار المصرى محمدعبدالوهاب والذى
تنتابه فوبيا الطائرة......

أنل قدمى ظهر الأرض إنى.......رأيت الأرض أثبت منك ظهرا

ومرت لحظات-وكمان ساعات - حتى استعدت رباطة جأشى حتى أقوم
بواجبى الذى أتيت من أجله......و ما إن انتهينا حتى انتابنى الشعور نفسه متوجساً من رحلة العودة على ظهر هذا البنطون الرهيب!!!!!!!!
ولكنها ...ويا للعجب ....لم تكن كسالفتها ...لا أدرى لماذا ولكن يبدو أنه
الإعتياد ...أو لأنه ليس هناك لوريّاً مكوشاً على متنه!!!!!!

وليس البنطون الحالى ....بكل عظمته تلك....بأفضل حالاً من سلفه....

ففى الرحلة السالف ذكرها كان البحر(النهر) ممتلئاً هادراً صاخباً.....

وذات مرة ارتكبت ظهر هذا البنطون العملاق ....وكان البحر(النهر)
هادئاً ساكناً مسترخياً وليس عريضاً كما سبق...فانتابنى بعض الإطمئنان
ولكن الفوبيا اللعينة أبت أن تفارقنى.......
لاحظت فى منتصف البحر(النهر) أعلاماً مغروسة....وعلى التعترنى ....
سألت عنها ...وليتنى لم أفعل ....فقد كانت الإجابة أن هذا البنطون
لكبره وعملاقيته ...لم يلحظ ربانه وجود جزيرة فى تلك النواحى ذات مرة
....فانغرس فيها ...وهى فى منتصف البحر(النهر) ...ولم تجد كل المحاولات فى التخارج من تلك الورطة ......وانتاب الركاب الهلع والذعر
حتى قيض الله لهم مخرجاً......ولكن بعد شنو.....
وما أن سمعت هذا القول حتى عاودتنى الفوبيا بكل عنفوانها.....
ولم أصدق اننا تفادينا تلك الإنغراسة فى ظهر هذه الجزيرة التى مررنا
بالقرب منها...إلاّ بوصولنا للضفة الغربية.....الدويم!!!!.

هذه بعض من تجاربى الشخصية مع البنطون.....وهو وسيلة عقيمة للتواصل....وليس أجدى ولا أنفع من تشييد الجسر(الكوبرى) لتنمية مدينتنا الخالدة الدويم....فالتنمية والعمران تتطلب وسائل كبيرة للنقل
مثل الشاحنات...والناقلات.. وسيخ واسمنت وانابيب ومعدات ضخمة ومولدات و...و....و...إلخ... وهذه لايمكن أن تتم إلاّ بعد إنشاء هذا الكوبرى
(الجسر) والذى يؤمن انسياب هذه المعدات آناء الليل وأطراف النهار...
وسويعات عمل البنطون معدودة.... وتخيل انعزال الدويم بعد توقف البنطون الليلى....كم من حالات طارئة استدعت النقل ليلاً...والبنطون متوقف عن العمل فى ثباته الليلى؟؟؟!!!!

الدويمابي العزيز اخونا عبد الحفيظ حسن

اهلا بيك بيننا والف مراحب والمنبر منور
ونتمني ان يطيب لك المقام بيننا في هذا الوطن الصغير الكبير
مع تحياتي لكل اهلي( جعافرة) الدويم والابيض ومنهم اهلنا ال ابو كشوة وابو حجايب.
ودي واحتراماتي

العزيز الودود هشام.....

لطالما امتدت حبال الوصل معكم قبل إنتمائى لهذا المنتدى!!!

والذى وجدته منك من اريحية وشهامة...دون سابق معرفة....

سيظل فى دواخلى دون بوح......

أشكر لك ترحابك الحميم ....