الشوك و الحصاد

الشوك و الحصاد


02-16-2008, 01:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=150&msg=1203121756&rn=6


Post: #1
Title: الشوك و الحصاد
Author: اْسامة اْباّرو
Date: 02-16-2008, 01:29 AM
Parent: #0

جاءه الصبي بقطعه من لحم التونا المفري وبعض الخبز الجاف كان قد تسلل بهما من
منزله بعد ان منعه والده من مرافقة ذلك العجوزالسئ الحظ ليلحقه بصيادٍ آخر عله يدر دخلاً ويتمرس اكثر .
شكره الصياد العجوز علي حفظه الجميل , وجلسا يستذكران اول رحلةٍ قاما بها وكان الصبي حينها في السادسه من عمره , واستطاعا إصطياد سمكة تونا بلغ وزنها إذ ذاك الثلاثون رطلاً
عاشا غمرة ذكري تلك الرحله الليليه ووهج ذبالةالمصباح الزيتي تتمايل في تخاذل حتي كادت تخمد .
نهض الصبي وادخل يده في جيب سرواله قائلاً:
- إن معي بعض الدراهم ادخرتهم أجر رحلتي وعملي ..يمكن الإفاده منها.
- دع نقودك مكانها , غداً ستفرجها السماء .هكذا رد العجوز
غادر الصبي , بحث العجوز في زوايا كوخه واخذ في مراجعة الحبال وشحذ الحربه والمديه.
بعد ان رتب العجوز أدوات صيده إستلقي علي ظهره خارج كوخه متأملاً السماء والبحر متشاغلاً بالنوم عله يستجم استعداداً لرحلة الغد , ولكنه عبثاً حاول فقد فارق النوم جفنيه , نهض ودخل الكوخ حاملاً أدوات صيده ومصباحه واتجه لقاربه قبل بذوغ الفجر عله يوقظ حظه العنيد .
اخذ يجدف مبتعداً داخل أمواج البحر الزرقاء ملاحقاً النجيمات فوق سطح الماء وأدلي صنارته مرخياً حبلها في يده .
أحسّ بحركه خفيفه
- لابد ان هنالك صيد يغازل الطعم
- سأدعك حتي تتمكن الصناره من حلقك أيتها السمكه الجائعه
ولكن الحركه سكنت ......
-لااظنك تستطيعين مقاومة طعم ورائحة التونا الشهيه أيتها العزيزه .. عودي ثانيه وحاولي إلتهامها .
ولكن لا حركه
أخذ العجوز يتأمل ذبالة مصباحه القابع عند مؤخرة القارب والتي تتوالي إخماداً وأشتعالاً مقاومه هبات نسيم البحر
القارب يبتعد داخل المياه والصياد العجوز مسنداً ظهره علي حافته في تحفز .
- حسناً , لابد أن أطاوعك هذه المره حتي لا تفلت الصناره من شدقيك
قال ذلك ناهضاً ببطء عندما احس بحركة جذب الحبل علي يده والتي بدأت تزداد
- من المحتمل أنك لا تقلين عن عشرة ارطال وزناً
إزدادت حركة الجذب حتي خاف أن ينقلب عليه القارب إن هو بدأ في الجذب المعاكس مما
دعاه لإرخاء الحبل
- أيتها السمكه العنيده مهلاً
أرخي الحبل ولف طرفه علي يده رابطاً به علي القارب , السمكه تجر القارب الي داخل البحر , أشرقت شمس الصباح ولا زالت السمكه تبحر به نحو المجهول , إنتصف النهار , أحس العجوز بالتعب يهده , أمسك بطرف الحبل وجلس علي صفحة القارب , مستنداً , مترقباً
فجأه جذبه الحبل فنهض , أحس بالجوع , قطع شريحه من لحم التونا مثبتاً إياها برجله
حتي لا يفلت منه الحبل , إلتهمها دون تذوق
أيقن الصياد العجوز بأنه ضاع وسط البحر والمجهول بسبب هذه السمكه الماكره
- ما خطبك أيتها السمكه العنيده ؟؟
- لن استسلم مهما طال بنا الإبحار
- ليت الصبي كان معي , حتماً سيعينني عليك ايتها اللعينه
مالت الشمس , الوقت اصيل , سمع الصياد زغزغة طائر هبط علي مؤخرة القارب
- مرحي ايها الصديق لابد انك جئت لتؤنس وحدتي
بدأت حركة السمكه في الإزدياد جذباً , حركة تأرجح القارب أخافت العصفور فطار مبتعداً
نشرت الشمس أشعة الغروب ونصب الليل أشرعته , سرت رعده من البرد المتعب بجسد العجوز المتهالك جراء التعب والشمس والجوع , ولكنه كان صعب المراس متجلداً بالصبر .
سمع العجوز ازيز طائره من طراز الهليوكوبتر فوق رأسه , ولكنها حلقت وابتعدت
أسدل الليل , ثأرت السمكه وطارت في الهواء لترتد صافعة وجه الماء مطيرة للرشاش
لتخلف طيات امواج جعلت القارب يتأرجح ,وما زال الصياد العجوز ممسكاً بالحبل في جلد
وقد احس جراء جذبة الحبل المفاجئه بدفء ولزوجه بكفه , لقد جرحت يده , لم يأبه وإنما
هاله ما بدأ له من ضخامة جسم سمكته
- مهلاً , مهلاً أيتها المخلوقه اللعينه
تناول حربته وصوّب نحو السمكه التي بدت مرةٍ اخري علي السطح ثائره , وأغمد فيها الحربه , أصابها في مقتل لتهدأ حركتها وتغوص في الامواج بحربتها
- حسناً , إهدأي , وإن كان الثمن الحربه
إلتفت الصياد العجوز لجرح يده , وضع يده علي الماء المالح , رأي شريطٍ من دمه يختلط بدم السمكه
- ياه هذا يعني دعوة اسماك القرش لوليمه عامره , سّماك وصيده !!
- ليت الصبي كان هنا
ردد إسم الصبي... وشرع في جذب الحبل بعد أن سكنت حركة صيده الضخم , ليجره علي صفحة القارب ويربطه علي جانبه فبدأ له جسم السمكه بطول القارب وبحجمٍ اضخم مما تخيل وتوقع وشرع في هِمه لإنجاز مهمته
ربط السمكه بطول صفحة القارب , إنتهي منها وقد وصل به التعب مداه
لم تخيب اسماك القرش المفترسه حدسه , فبدأت في التوافد وتتحفز للإنقضاض علي سمكته , اوقع في يد العجوز !
- الحربه راحت , ولا سلاح إلا هذه المديه الصغيره
قذف به في جسم سمكة القرش التي هاجمت مشرعه اسنانها لإلتهام صيده وتمكّنت من قضم بضعة ارطال من جسم سمكته في اللحظه التي تمكن هو من غرز مديته بوجهها لتهتاج جاعله صفحة البحر جبالاً من الامواج المخططه بالدماء مما دعا اسماك القرش تتوافد في جماعات
- الآن اصبحنا في قلب الخطر , لاحربه ولا مديه
وسارع العجوز مجدفاً مبتعداً عن دائرة الخطر , ولكن هيهات هيهات فقد تبعته جحافل القرش وكلٍ منها يقضم ما استطاع من سمكته المربوطه علي جانب القارب , فما كان منه وهو يري تعبه تسطوا عليه الاعداء وتسلبه نجاحه , إلا وحمل مجدافه ووقف علي حافة القارب متأهباً, وانقض به علي رأس اول سمكة قرش إقتربت , فسمع قرقعة تهشم جمجمتها مختلطه بطرقعة تكسر مجدافه , عندها إبتعدت الحيتان المفترسه
- ليت الصبي كان هنا
- الآن لا حربه ولا مديه ولا مجداف حتي
إنقضي ليله الآخر , وقبل بزوق الفجر وجد الصياد نفسه بمحاذاة الشاطئ , عمل علي جر القارب وربطه بالمرساة عند اوتاد الكوخ , رمي نفسه متهالكاً فوق حصيرته الباليه
لا يقوى علي الحراك
اشرق الصبح وتجمعت جماعات الصيادين حول القارب يتصايحون دهشاً من حجم مشط الهيكل العظمي المسلوب اللحم لهذه السمكة الضخمه والممتد بطول القارب يقدرون وزن ما كان يكسوه من لحم ودهن بمئات الارطال
خلال ذلك تسلل صبي يحمل رغيفاً ولحم سمك مفري داخل الكوخ , احس الصياد العجوز بحركته وطرق أُذنيه همسه
- ارسلنا في طلبك هليوكوبتر
- أيقنا أنه ابتلعك البحر
فتح عينيه وردد باسماً
- ليتك كنت هناك
- ليتك كنت معي

حاشيه --------------------------

هذه إحدي قصصي القصيره وقد جاءت مستوحاة من رواية ((العجوز والبحر))




Post: #2
Title: Re: الشوك و الحصاد
Author: بشير حسـن بشـير
Date: 02-16-2008, 08:42 AM
Parent: #1

الرائع م أســامه ن تحياتى ....


أبحرت برفقة هذا العجوز فى قصتك المؤثره هذه
وسرحت وهومت بعيدا بين مد وجزر فى أعماق هذا البحر
العنيد ، ووسط أسماك القرش ، قصتك عندى هى الدنيا
وما يحفنا من المخاطر والمحن ، نهايه سعيده حفظت
حياة هذا الصياد العجوز ، مما أثلج صدرى وأفرحنى
واصل أخى فأنا أعلم أنه عندك الكثير الكثير والمثير
فقلمك بارع وتصورك دقيق لهذه الأحداث .

Post: #3
Title: Re: الشوك و الحصاد ... ( قصه قصيره ..من اسبوعيات ابارو )
Author: اْسامة اْباّرو
Date: 02-16-2008, 12:15 PM
Parent: #2

الحبيب الحبوب بشير..

شكراً لتذوقك .. شكراً لإبحارك

هذه واحده من سلسلة اسبوعيات كتبتها في إسكندريه

في فترة الدراسه وقد قبعت في الظلام كثيراً وآن لها ان

تري النور .

في معيتي الكثير يا بشير واعدكم بالمزيد

طامعاً في النقد حتي اتمكن من تجويد هذه الاعمال وتوثيقها

Post: #4
Title: Re: الشوك و الحصاد
Author: اْسامة اْباّرو
Date: 02-21-2008, 01:25 PM
Parent: #1


*****

Post: #5
Title: Re: الشوك و الحصاد
Author: اْسامة اْباّرو
Date: 02-21-2008, 10:25 PM
Parent: #1

Quote: حمل مجدافه ووقف علي حافة القارب متأهباً, وانقض به علي رأس اول سمكة قرش إقتربت , فسمع قرقعة تهشم جمجمتها مختلطه بطرقعة تكسر مجدافه , عندها إبتعدت الحيتان المفترسه
- ليت الصبي كان هنا
- الآن لا حربه ولا مديه ولا مجداف حتي






!!!!!

Post: #6
Title: Re: الشوك و الحصاد
Author: اْسامة اْباّرو
Date: 03-07-2008, 07:36 PM
Parent: #5

الحبيب شمس المعارف
شكراً جزيلا لذوقك العالى
كيف لا و انت من عهدتك المرهف بحس نقدى عال و قلم انيق
نعم يا صديقى كل منا به هذا العجوز فى صراعة من اجل البقاء
اى كانت ادوات هذا البقاء و كل منا وفق ما متاح له من ادوات
لادارة هذا الصراع وفق منهجبته و رؤاه..
الزمن لم يمسح من الذاكرة الثوابت
و ..ان غشيها البلى
كم ياصديقى اتوق لرؤياك و انت تتحكم و توجه زمام المعانى و مقاصد الكلمات
بمثل ما انت الآن تتحكم فى عدالة التنافس على نجيل الملاعب
اسعدنى اتصالك
لك الاشواق
يا صديقى اترك صنبور العلائق مفتوحاً
فى انتظار اخبارك
***
يا صديقى افعل تراجمك و اعادة نشرك فيها(لك كل الاذن و الفخر لى) و لندعها ارث للمعانى وادب الصراع