د. الطيب زين العابدين يقرع الأجراس من داخل الحوش .. من يستمع؟؟؟؟؟؟؟

د. الطيب زين العابدين يقرع الأجراس من داخل الحوش .. من يستمع؟؟؟؟؟؟؟


02-10-2008, 09:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=150&msg=1202632638&rn=0


Post: #1
Title: د. الطيب زين العابدين يقرع الأجراس من داخل الحوش .. من يستمع؟؟؟؟؟؟؟
Author: البحيراوي
Date: 02-10-2008, 09:37 AM


هذا المقال جاء علي موقع جريدة الصحافة حول أحداث تشاد الأخيرة والإتهام الموجة للإنقاذ بالتدخل !! من الذي سوف يستمع ويُحاسب علي القول والفعل ؟

بحيراوي

منذ تسلمه السلطة في عام 1990 بعد انقلابه على الرئيس السابق حسين هبري، يعيش الرئيس إدريس ديبي على الموازنات القبلية غير المستقرة في تشاد فقد تعرض شخصياً لعدة محاولات اغتيال كما تعرض نظامه إلى محاولات انقلاب من داخل المؤسسة العسكرية ومن خارجها. ورغم أن النظام يعتمد في الأساس على تأييد قبيلة الزغاوة الممتدة بين دارفور وتشاد، إلا أن بعض محاولات الانقلاب جاءته من داخل ذات القبيلة التي لا يزيد تعدادها عن خمسة أو ستة في المائة من سكان تشاد، بل من بعض أفراد أسرته الذين تولوا مواقع قيادية في النظام. واستطاع إدريس ديبي بيقظته وشجاعته وحسن طالعه وبالمساعدة الفرنسية التي تقدم له عند كل «زنقة» أن يخرج من كل تلك المحاولات حيَّاً يرزق ومسيطراً على مقاليد الأمور في تشاد الممتحنة بالاضطرابات والانقلابات وعدم الاستقرار. وليست تشاد بدعة في ذلك مقارنة بكثير من الدول الأفريقية التي ما زالت القبيلة تشكل أهم مكونات مجتمعاتها، وتستغل إلى أبعد الحدود في الكسب السياسي والبقاء على مقاعد السلطة أيَّاً كان الطريق إلى تلك السلطة، عن طريق الانتخابات «المصنعة» أو القوة المسلحة! وليس بعيداً ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية في كينيا التي كانت تعتبر قمة للاستقرار السياسي ونموذجاً للممارسة الديمقراطية في أفريقيا، ولكن القبلية أبت إلا أن تطل بوجهها الدموي الكالح متعرِّية من كل المساحيق التي تضفيها الدعايات الغربية على النظام في كينيا.
ولقد برهنت التجارب منذ مطلع الاستقلال إلى اليوم أن المهدد الأول للأمن القومي السوداني يأتي من دول الجوار الأفريقي بدءاً من اريتريا في الشرق وانتهاءً بتشاد في الغرب، وأن مصدر التهديد هو حمل مجموعة محلية للسلاح ضد الحكومة المركزية لمظالم تظن أنها حاقت بالعرقية أو الإقليم الذي تنتمي إليه، وتجد المجموعة المتمردة مساندة من دولة مجاورة تسمح لها بالمأوى والتدريب وادخال السلاح وذلك بسبب الامتداد القبلي بين البلدين أو التعاطف العرقي الافريقي أو التحريض من دولة كبرى صديقة لدولة الجوار تريد زعزعة أوضاع الحكم في السودان. ولا يستطيع السودان أن يلغي الامتداد القبلي أو يكبت التعاطف العرقي الافريقي مع الجيران فهذا ميراثنا من الاستعمار الأوربي وقدرنا من طبيعة مكونات شعبنا، ولا يستطيع أن يمنع دولة كبرى من أن تحرض احدى دول الجوار الضعيفة الفقيرة أن تساعد معارضة سودانية مسلحة ضد حكومة بلدها. ما يستطيع أن يفعله السودان وما يجب أن يفعله هو تعزيز الوحدة الوطنية الداخلية بإحداث التنمية العادلة المتوازنة في كل أقاليم السودان، وبالمساواة بين كل أبناء الوطن في فرص الدراسة والعمل والمشاركة السياسية، وبتقوية النظام الفيدرالي حتى يتحمّل أبناء كل إقليم مسؤولية حكم مناطقهم (التقسيم الفيدرالي الحالي غير متوازن وغير مقنن بصورة كافية ويعتمد على أعطيات المركز)، وبتقوية النظام الديمقراطي حتى يتأسس دستورياً وفعلياً على أن الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحكم هي التفويض الشعبي الحر عبر انتخابات نزيهة وعادلة، وبالحساسية تجاه التنوع العرقي والثقافي والديني حتى لا تشعر مجموعة أن هويتهم العرقية أو الثقافية أو الدينية مستضعفة من قبل المجموعات المهيمنة.
هذا هو الطريق الأول لحراسة الأمن القومي، والطريق الثاني هو القوة العسكرية الرادعة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حرم الوطن السوداني. وينبغي ابتدءً التفرقة الواضحة بين الأمن القومي لكل الوطن وبين حراسة النظام الحاكم، فقد يتناقض الإثنان خاصة في ظل الأنظمة العسكرية لأن الأخيرة بحكم وسيلتها غير الشرعية في الاستيلاء على الحكم يتولد عندها هاجس حراسة النظام بكل الوسائل بما فيها العبث بمقدرات القوات المسلحة، ولأنها من داخل المؤسسة تعرف كيف تجيرها لمصلحتها دون أن تأخذها في ذلك لومة لائم. فالأنظمة العسكرية منذ انقلاب عبود وإلى انقلاب البشير كانت الأكثر جرأة في ترقية الضباط على أسس سياسية، وفي تسريحهم من الجيش بشبهة معارضة الحكومة القائمة، وبتحويلهم الى وظائف سياسية ومدنية خارج أعمالهم العسكرية التي تدربوا عليها، وبإجراء تنقلات داخل الجيش لا على أساس الكفاءة والتخصص ولكن على أساس تولي أهل الثقة من الضباط للوحدات العسكرية التي يخشى منها على النظام، ثم التغاضي عن الفساد من أهل الثقة ومحاولة «رشوة» الضباط والقيادات بتحسين مخصصاتهم المالية دون الاهتمام الحقيقي برفع كفاءة ومقدرات القوات المسلحة. فالقوة العسكرية الرادعة تعني تطوير مقدرات القوات المسلحة بالتدريب والتسليح، والانضباط الصارم بالقوانين واللوائح والتراتيب الادارية، وبتوفير وسائل الحركة السريعة والإتصال، وأهم من ذلك كله بالحفاظ على قومية القوات المسلحة ومهنيتها التي لا صلة لها بالسياسة والعمل الحزبي. وحكومة الإنقاذ متهمة أكثر من أي حكومة مضت بأنها سعت لحماية نظامها على حساب مهنية القوات المسلحة وقوميتها رغم ما أحدثته من تطوير في مجال التسليح والتصنيع. ويتفق الطريق الأول (تنمية القوات المسلحة) تماماً مع الطريق الثاني وهو الحفاظ على الوحدة الوطنية والنظام الديمقراطي. ولا تمنع مهنية القوات المسلحة من ابداء رأيها عبر قيادتها الشرعية في بعض القضايا الوطنية الكبيرة الى الحكومة القائمة آخذة في الاعتبار الحدود القانونية للتدخل المباح.
لقد نجحت سلطة الإنقاذ في مطلع التسعينيات في المساعدة في تغيير الأنظمة الحاكمة في كل من اثيوبيا واريتريا وتشاد، ولكن ذلك زمن مضى ضد أنظمة غير مسنودة شعبياً من الداخل ولا سياسياً من الخارج. فالتدخل في شؤون بلد آخر يحتاج إلى قوة داخلية تتحمّل تكلفة التدخل حتى نجاح المهمة والى سند خارجي يعطيك الحماية الكافية، فالتدخل الأثيوبي الصارخ في الصومال لم يجد من ينتقده من الدول العربية والإسلامية حتى السودان سكت عنه! فقد جاء بطلب من حكومة تحمل قدراً من الشرعية الدولية وبتحريض من دولة يخشاها الجميع ولا يرد لها طلب! وعلى السودان أن يقرأ خريطته الداخلية بعناية فهو بلد يموج بأسباب الصراع الداخلي، وقابل للإنفجار المسلح في أكثر من موقع، ولا يتمتع نظامه الحاكم بشرعية سياسية متفق عليها، ولا يملك إمكانات مادية واسعة تجعله يتحمَّل تكلفة التدخل الخارجي، وغير مقبول لدى الدول الغربية الكبرى التي تهيمن على المنظمات الدولية. وليس هذا وضع يغري بالمغامرة في شؤون الآخرين.
والسؤال هو: ماذا نفعل مع النظام التشادي الذي تتهمه الحكومة بأدلة واضحة أنه يساعد المتمردين في دارفور خاصة «حركة العدل والمساواة» التي تنتمي قيادتها لقبيلة الزغاوة، وهي ذات القبيلة التي يستند عليها إدريس ديبي؟ لا أحسب أن مساعدة المعارضة التشادية هي الإجابة الشافية على السؤال نسبة للمتغيرات التي حدثت من حولنا منذ مطلع التسعينيات، وحتى لو كانت المساعدة العسكرية مبررة سياسياً من باب المعاملة بالمثل فإن فشل المحاولات السابقة مثنى وثلاث ورباع جدير بأن يجعل السودان يفكر في وسيلة أخرى! جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الدفاع يوم الأربعاء الماضي أن الرئيس ادريس ديبي كان حريصاً على مساعدة حكومة السودان وتنبيهها ضد تحركات المتمردين ولكنه غلب على أمره بسبب تعاطف بعض قياداته العسكرية والضغوط الخارجية، ولعله أيضاً تأثر أكثر باقتحام المعارضة المسلحة لبلاده في عشرات العربات التي تأتي محملة بالسلاح من شرق البلاد الى أن تصل انجمينا في أقصى الغرب على مدى ساعات أو أيام! لماذا لا تعين حكومة السودان ادريس ديبي على حل مشكلته مع قياداته الداخلية وعلى تقويته حتى لا يستجيب للضغوط الخارجية خاصة وأن السودان تصالح بصورة أو أخرى مع تلك القوى الخارجية التي أصبحت شريكا في معالجة مشكلة دارفور؟ لقد برهن الرئيس ديبي أنه يتمتع بتأييد من كثير من القوات التشادية يمكنه من الصمود في وجه معارضة مسلحة غير موحدة رغم ضعفه السياسي، وقد يلقى مساعدة من القوات الفرنسية بالطيران والمعلومات الاستخبارية تفيده في الصمود. فمن الأفضل للحكومة السودانية أن تصبر على التعامل معه وتحاول في ذات الوقت كسب القيادات التي تتعاطف مع المتمردين، وأهم من ذلك أن تجتهد في حل مشكلة دارفور سياسياً في أسرع وقت ممكن مع الفصائل المتمردة التي من أهمها حركة العدل والمساواة التي أبدت استعداها للتفاوض مع الحكومة السودانية في شهود المجتمع الدولى.