" تاكسى " فى العناية المكثفة !

كنت أبحث عن سيارة تاكسى بين رتل من السيارات يصطف على ناصية الشارع الريس . وقع إختيارى على واحدة يبدو عليها آثار الشيخوخة والرهق ! كان سائقهاأكثر تعاسةوبؤسا منها . من باب المروءة أخترت سبارته بالذات ، لأننى لاحظت ما من أحد يقترب منه ، ربما لأن ملابسه كانت رثة . سلمت عليه وطلبت منه أن يأخذنى الى السجانة ، رحب وعندما هممت بالجلوس فى المقعد الأمامى ،فوجئت باناء من البلاستيك مملوء بالبنزين وموصول بالتانك الخارجى ، بدت على دهشة عفوية ، وربما خوف فى مظهر من الشجاعة المصنوعة ! لأول مرة ارى ذالك ، هذا قبل سنوات خلت فى الخرطوم .بادرنى : آلا تعرف "الدرب" قلت له : بلى ولكن اليس "الدرب" عادة فى المستشفيات ؟ يبدو يا ابن العم انت غريب هنا؟ قلت له أبدا ( حتى لايضاعف أجر المشوار ) ثم بدأ يطماننى انه أمر عادى ولاخطورة فى ذالك كما تتوقع .قبل أن نتحرك طلب منى أن أتكرم وأمسك له الباب !فاعتقدت أن امسكه ريثما نتحرك ، ولكن كان أمينا وشرح لى ان الباب يحتاج أن امسكه حتى نهاية المشوار فى السجانة لأن " الوكرة " مفقودة ! ساعتها أدركت تماما أننى فى مأزق عجيب ، وربما أفرطت فى إستخدام المروءة حسب تعبير الخبراء العسكريون " الإفراط فى القوة " فى القنوات الفضائية ! رغم كل هذه المصائب ، إنطلق يحدثنى عن تجربة غربته فى ليبيا وكيف عاد بخف حنين يقصد ( خف درب ) وكان سعيدا طوال المشوار . كنا قد إتفقنا على سبعة جنيهات ، عندما وصلنا أعطيته عشرة حنيهات ،فكان يبحث عن الباقى فى جيوبه، قلت له : خليها "كرامة الوصول سالمين " ضحك شاكرا وقال : ياظريف طبعا عرفت مكان وقوفى بكرة أنا موجود ..." قال بكرة قال ! كما يقول أخونا أبوحراز. أجيك بكرة عشان تشغلنى وكرة !!

الصديق الاديب

د. جعفر

قصة لذيذة و تعبر عن حال السودان فى كل الاوقات

السلامة الشخصية آخر ما يهتم به الفرد والمجموعة فى حالة الفوضى القائمة على كل مستوى

ربنا بس شايف هذا الشعب

لكن لمتين تستمر الشوفة مامعروف

العزيز جعفر
تحية طيبة
هذا الموقف مثال صارخ لعدم اهتمامنا بمتطلبات السلامة على المستوى الرسمي والفردي ولذلك نجد بعض مؤسساتنا الحيوية قد نفقدها بسبب هذا الأهمال (محطة بري مثالاً)،وايضاًحوادثنا المنزلية بسبب الغاز والكهرباءو خلافة،آن الأوان ان نبدي بعض الاهتمام بثقافة السلامة الشاملة تقليلاً لللأخطار المحتملة ونترك الباقي للأقدار

تحياتي يا حبيب

الصديق عبده عبد الحميد تحياتى :
الأهتمام باجراءات الأمن والسلامة من السلوكيات الحضارية التى يفتقر اليها العالم الثالث ! أذكر ثانى يوم لوصولى كندا لأول مرة إستاجرت سيارة وذهبت لأخذ صديق سودانى يسكن فى بناية فى الجوار .وقفت أنتظره ريثما ينزل ، ولم يمض على ذالك غير ثلاثة دقائق فقط ، فاذا برجل شرطة يحيينى قائلا :هل يعلم السيد انه يقف فى طريق الحريق ؟ قلت له معذرة أنا مغادر وفى إنتظار صديق فى طريقه الى الآن . لم يتركنى أكمل فاذابه يسلمنى إيصالا بدفع عرامة 100 دولارا !حاولت ان اشرح له فقال لى : قل ذالك للقاضى فى المحكمة ومضى . عندما وصل صديقى قلت له :ستدفع أنت نصف الغرامة بسبب تاخيرك !

الصديق الأستاذ هشام لك التحايا والود :
وجودك فى المنبر يشكل علامة فارقة . الإنسان يقع فى قاع سلم إهتمامات السلطة القابضة على تلابيب أهل السودان ! اسباب الوفاة فى السودان تتجاوز 24 سببا أولها صحة البيئة وآخرها ركشة يقودها طفل طائش لايتجاوز العاشرة من العمر ! مرة وانا اقوم بجولة سياحية فى الخرطوم، شاهدت نفرا يأكلون فى مطعم فى الهواء الطلق وعلى يمينهم جلس ثلاثة من ماسحى الأحذية وعلى شمالهم حصان يتبول "عفوا " ثم يقال لك ان فلانا بينما كان يتوضأ توفى أو أتكأ على جنبه وقال لأولاده العفو والعافية ومضى ! كيف لايمضى وهذا حال البلد !

up

أستاذنا الكبير جعفر..
ومداخلة بعيدة قليلاً عن قصة صاحب التاكسي (البشغل الناس وكرة)..
أكثر ما يضايقني في شوراع وسط الخرطوم ليس حالها بعد الخريف ، وليس البائعين المفترشين للأرض الذين تحتاج معهم أن تتمرن على رياضة الوثب الطويل. ولكن رائحة بعض الجدران التي صارت مبولة. أحد الشوارع شرق منطقة السوق العربي يطل عليها مؤسسة جميلة بطول الطريق أمامها (ترتوار) أنيق ومصابيح زينة يوجد في الجهة المقابلة لها (نفس الشارع) أكبر حائط بولي في التاريخ المعاصر. واذا اخترت يمين الشارع وانت تأتي من جهة الجنوب فلقد (دقست). اما اذا حاذيت الجدران شمال الشارع فستتسائل بحيرة لماذا التعبير الذي يسبق القئ موجود على وجوه المارين في الجهة المقابلة.
سلوك بعض أهلنا من ساكني مدينتنا الكبيرة استاذي يدعو الى الخجل.
تربيطة:
وسائق التاكسي في القصة متحضر جداً ، ربما ارغمته ظروفه على نسيان اجراءات السلامة.

تحياتي

الصديق العزيز ( محمد فرح ) أشكر لك مرورك الظريف . أذكر قبل سنوات إستنجد بى سائح أوربى كان يبحث عن دورة مياه فى قلب الخرطوم ولم اجد غير أن ذهبت به الى دورة مياه مسجد فاروق ! المكان الذى وصفته معروف بانه اكبر مجرى نهرى للبول ! وبالمناسبة نفس المكان مشهور بسرقات الموبايل لأن المارة يكونوا فى حالة دوخان وتارة يسدون أنوفهم مركزين على عبور هذه المنطقة بسرعة . أنا متاكد المستثمر بتاع امدرمان لو عرف بهذه المنطقة اكيد سوف بفتح مشروع جديد امتداد لمشروع امدرمان . لماذا لم تسالنى عن نوع الخدمات ؟ عنده دورات مياه نظيفة واسعارها معلقة : خفيف 1000 وثقيل 5000 ولكن فات عليه ان يضع اسعار خاصة لأصحاب النزلات المعوية ! افتكر التكلفة قد تصل 8000 !

up

الأخ العزيز جعفر
لك كل الود والتقدير والتحايا العطرة
كنت قد آليت على أن نفسي أن لا أدلف إلى المتبر إلا إذا كان هنالك ما يستحق المخاطرة بالدخول وذلك مواصلة لتجنب المرور بمحاذاة حوائط السوق العربي وجامع فاروق وقصرت دخولي إلى المنبر لإسماع صرخات من يعانون من المرض والفاقة على طول المليون ميل مربع..ولكن..طلتك البهية أجبرتني على كسر القاعدة ( تكون دي عنصريه وللا شنو؟؟)..لك الود مثنى وثلاث ورباع

نداء إلى أهل الخير ..مدوا أياديكم لإنقاذ أميـــــره

الزاكي

الصديق العزيز الزاكى التحايا والود أين أنت يارجل كما يقول الأمريكان ! لاحظت أنك لاتطل ...
وجود أمثالك مهم فى المنبر . حكايات الخرطوم لاتنتهى ولدى الكثير ، تنزل حسب الظروف . يبدو انك تقصد شارع العيادات الذى يجسد ماساة الانسان السودانى ، المرضى الذين يتكومون فى كتل بشرية لايملكون ثمن الدواء ، وتمر امامهم سيارات فارهة ومظللة يكفى ثمن الواحدة منها لتوفير العلاج لكل هؤلاء المعدمين ! لك شوق السنوات التى لم التقيك .

عزيزي جعفر ... هذا السائق يجد زبائن حتي ولو شفقة او مروة زائدة -كحالتك - ولولا ذلك لما بقي ؟؟ .. الامر التاني كيف يرخص هذه العدة ؟؟؟ اجد كتابات هنا وهناك تمجد الشرطة الخرطومية ؟؟ كيف يستقيم ذلك التمجيد وسوء خال سيارة وتاكسي كمان ؟؟؟ هذا يعطي اشارة ولو هامشية عن مستوي اداء الشرطة والسلطات عموما ؟؟ بنفس القدر يمكن ان تجد عيادة او مدرسة او صيدلية .... الخ ؟؟؟؟ علامات انهيار الدول تظهر في اشياء نراها صغيرة كهذه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الي هذه الحالة توجهت بنا الانقاذ "حضاريا" ....

الصديق أبوبكر لك الود القديم :يبدو أنك ياصديقى لم تقرأ ماكتبته عن الخرطوم ( الخرطوم مدينة من فوضى ) و ( مقاهى القرفصاء ) و ( أسواق الإشارة الحمراء ) و (جماعة النظام العام ) وغيرها....
كل تلك المقالات تفضح ماوصل اليه الحال فى العاصمة وهو تجسيد للحال العام فى البلد . هذا لايمنع ان اروى لك تجربتى مع الركشة . كبف أكتب عن الركشة وأنا لم اجربها . ركبت مع شاب صغير أكاد أجزم أنه لايتجاوز الرابعة عشر من عمره . كان المشوار من العمارات الى حى الصفا، بعد التحية سالته : الا تذهب المدرسة ؟ قال : ان ظروفه المادية لاتسمح ، حاول استدراكى للاعتراف باننى مغترب لم يجد ما يشفى غلبله ! قال لى بلطف : آسفين ياأستاذ اليوم الأستريو ماشغال !. قلت له ماعليك ثم طلب منى أن يتفادى الشوارع الرئيسة خوفا من البوليس . سمحت له بذالك . اثناء ذالك شاهدنا أناسا يتجمهرون حول مجرى عميق . فقلت : هذا حادث فظيع حيث إستقرت الركشة ومن فيها فى قاع المجرى والناس فى حالة هرج وإضطراب كبير . قال لى بكل بساطة هذا شى عادى يبدو أنك لم تشاهد ركشة مقلوبة من قبل ! الم اخمن أنك مغترب ؟ طلبت منه أن يتوقف فقال لى ولكن لم نصل الصفا بعد ؟ ناولته أجره وحمدت الله على حياتى التى كان يمكن ان تكون ثمنا لمقال عن الركشة !