لكم هذا المقال أرجو المناقشة بكل حياد

لكم هذا المقال أرجو المناقشة بكل حياد


01-27-2008, 04:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=150&msg=1201447457&rn=0


Post: #1
Title: لكم هذا المقال أرجو المناقشة بكل حياد
Author: زهير عثمان حمد
Date: 01-27-2008, 04:24 PM

مهنية المؤسسات.. فردية الممارسات

خالد فضل



* دار لغط شديد حول مسألة انتساب الملازم بشرى الصادق المهدي لجهاز الأمن الوطني، واعتبر السيد الصادق، أن انتساب ابنه لجهاز الأمن خطأ يجب أن يُصحح، وخيرِّ المهندس (مادبو) نائب رئيس الحزب، بشرى بين الانخراط في عضوية الحزب أو الاستقالة حال إصراره على الانتساب لجهاز الأمن. واكتسبت المسألة بُعدها العام، رغم خصوصيتها لأن المذكور هو ابن زعيم حزب الأمة القومي المعارض لسلطة الإنقاذ منذ 30 يونيو 1989 وحتى 9 يوليو 2005م، ثم معارضاً لحكومة الوحدة الوطنية المشكّلة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن.. وهذه الوضعية أعادت النقاش حول مسألة في غاية الأهمية في تقديري، ذلك أنها ترتبط بجوانب أو معادلات متعددة، كما تشمل جانباً مهماً حول ترتيب الأولويات، فهل من المهم أن يتم تعديل القوانين الحاكمة لعمل جهاز الأمن مثلاً حتى تتسق مع ما أورده الدستور حول طبيعة عمل ومهام الجهاز، ثم بعد ذلك يحق لجميع السودانيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية والعرقية والثقافية والجهوية الانتساب له، أم أن التنسيب لجهاز الأمن في ظل وضعه الراهن يعتبر من ضمن خيارات تعديل قوانينه وممارساته، بمعنى آخر هل يتم الرهان على حدوث التعديل من الخارج أم يمكن عمل اختراقات من داخل الجهاز نفسه؟ مثال ذلك، إذا أصدرت أوامر لضابط صغير كبشرى الصادق باعتقال شخصيات سياسية ناشطة لم ترتكب ما يستوجب الاعتقال بحسب تقديراته هو، فهل يمكنه عصيان الأوامر في هذه الحالة؟ وتحمّل ما يترتب على ذلك العصيان من إجراءات تأديبية، أم سينصاع للأوامر العيا بغض النظر عن اتفاقها مع الدستور من عدمها؟ هنا تأتي أهمية التعديل من الداخل، إذ أن المفهوم العالمي الحديث لحقوق الإنسان، يعتبر أن منفذ الانتهاك هو المسؤول الأول عنه، فالجندي الذي يطلق الرصاص على متظاهرين مسالمين بدون مسوغات تنفيذاً لتعليمات ضابطه الأعلى يعتبر هذا الجندي هو المسؤول الأول عن نتائج اطلاقه الرصاص، ثم تتالى المسؤوليات إلى أعلى حتى تصل إلى القائد الأعلى للجهاز القمعي الرسمي، جيشاً كان أم قوات أمن أم شرطة، وبالتالي فإن الجندي الذي يرفض تنفيذ مثل هذه التعليمات، إذا تعرّض لأي إنتهاك لحقوقه من جانب رؤسائه يعتبر هو نفسه مِنْ مَنْ يحتاجون للمؤازرة والدفاع عن حقوقه بإعتباره يتعرّض لانتهاكات جسيمة لحقوقه، هذه القاعدة قُصد منها التقليل من فرص الإفلات من العقوبة التي يتخذها منتهكو حقوق الإنسان ومرتكبو الجرائم الإنسانية بذريعة تنفيذهم لأوامر صادرة من جهات أعلى. تنطبق هذه القاعدة على عمل القوات والأجهزة النظامية وغيرها من جماعات تمارس العنف وترتكب الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان.



* من وجهة نظري، أن مؤسسات الدولة السودانية لم تتعاف بعد من كونها أجهزة حزبية، فقد تعرّضت كلها دون استثناء لعمليات غربلة وإبدال وإحلال حوّلت جهاز الدولة برمته إلى جهاز تابع لحزب المؤتمر الوطني، حيث دانت لمنسوبي الحزب كل الوظائف القيادية في مختلف أجهزة الحكم والاقتصاد والإعلام وغيرها، وتم تعديل القوانين بصورة تتماهى بشكل مطلق مع مصالح هذا الحزب وتوجهاته ورؤاه، ولذلك تكتسب دعوة (إعادة قومية دولاب الدولة) صدقيتها، بل إن في إقرار مثل هذه الدعوة ضمن بنود الاتفاقات التي وقّعها المؤتمر الوطني مع القوى السياسية المعارضة والمقاومة لهيمنته في هذا الإقرار، اعترافاً ضمنياً بشيئين، أولهما أن هذه الأجهزة ليست قومية الآن، وثانيهما أنه لحل الأزمات وإنهاء الصراعات المسلّحة وإقرار السلام والتحوّل الديمقراطي فلا بد من إعادة تشكيل جهاز الدولة ليصبح قومياً كما كان، قبل أن تمضي عليه عشرون عاماً من الحزبية التي تطوّرت في وقت لاحق لتصبح ذات سمات (عنصرية) و(قبلية) (وجهوية) وغيرها من صنوف الإنتماءات الأضيق.. ولهذا فإن الجدية في هذا التغيير والسير خطوات عملية ملموسة في اتجاهه تمثّل حافزاً لقبول فكرة الانتساب لهذه الأجهزة حتى يشارك جميع أبناء السودان في اكمال التحوّل الديمقراطي، ولهذا فإن تعليق السيد الصادق بأن انتساب نجله بشرى تم لحماية الحزب، هذا التعليق جانبه التوفيق في رأيي، فالملازم بشرى مهما أوتي من قوة لن يستطيع حماية حزب الأمة من بطش جهاز الأمن، فمن الأفضل -في تقديري طبعاً- أن ينظر إلى مسألة انتسابه هذه من زاوية حقه في العمل في أجهزة الدولة أسوة بغيره من منتسبي حزب المؤتمر الوطني، أو حزب الحركة الشعبية، مع التأكيد على أن الممارسات الشخصية لهذا الكادر تنسجم مع الاتفاقية والدستور ولا تستجيب لما تمليه القوانين المعارضة والمخالفة للدستور، تلك القوانين التي اتفق على تعديلها أو إلغاء بعضها، والتي ينفذها منتسبو المؤتمر الوطني رغم معرفتهم بأنها تخالف الدستور، ولكنهم يتمسّكون بنص دستوري كذلك يقول بسريان هذه القوانين لحين تعديلها أو الغائها. وهذا ما يجعل المناداة بضرورة الإسراع في تعديل كل القوانين السائدة الآن والتي تخالف الدستور وتكبّله حتى تنفتح الحياة السياسية على (مربع جديد) كما يسميه السيد الصادق، يتم فيه تجاوز مرارات الماضي، ويمكّن من النظر بروية ونظر ثاقب إلى المستقبل، ويتم فيه الاعتداد بحقوق الإنسان، والالتزام بالاتفاقية الأساسية (اتفاقية نيفاشا) وغيرها من اتفاقات لاحقة، وبالتالي استشراق مستقبل أفضل للوطن بما يحقق فعلاً لا قولاً كون أن السودان هو بلد متعدد ومتنوع، تتاح فيه الفرص بمساواة وعدالة لجميع أبنائه للمشاركة في بنائه على أسس العدالة والحرية واحترام حقوق الإنسان.. أي بناء سودان جديد مبرأ من عهود التيه والظلام والمظالم.
هذا المقال للزميل خالد فضل وهو من شباب الصحافة النابهين