عمودي اليوم: حين يكون الموت جرحا !

عمودي اليوم: حين يكون الموت جرحا !


01-19-2008, 11:36 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=150&msg=1200738969&rn=0


Post: #1
Title: عمودي اليوم: حين يكون الموت جرحا !
Author: خالد عويس
Date: 01-19-2008, 11:36 AM

ضد الأغلال
حين يكون الموت جرحا !
خالد عويس
[email protected]
- كان، كأنما يلملم ثيابه العيدية على عجل، ليمضي مع زائره الوسيم: الموت !
- قهوته الأخيرة.فنجانه الأخير.مرتب، ومدوزن، كأغنية.مثل طائر منح الكون الأفراح كلها، وصفق جناحيه.وللأسى، لم تكن تمطر.لم تكن تمطر في تلك الصحراء القاحلة.
- وكقصيدة شعر تليق بالمناسبة، حوّم مثل الفراشة حول الضياء، واغتسل في نبع الكون.اغتسل تماما، واستعد للرحيل !
- هذا الذي زرع الفرح والحزن معا في كلّ دروبنا، ومنحنا (الأمل)، ركب القطار الأخير.
- هذا الذي احترق جناحاه، وتعب قلبه، وغارت أغنياته - تماما - في العمق.هذا الذي كتب على الماء، ومشّط شعر القصيدة، وأسرج للأغنية خيول الحب الأبدية !
- يا مصطفى، كيف يكون الموت جرحا إلى هذا الحد ؟
- كيف يكون بهيا، كصبية سمراء، وكيف يكون سماويا، وأنيقا ؟
- كيف يا مصطفى، تفتح للحزن بوابات في كلّ البيوت ؟
- وذاك الصوت يا مصطفى ! ذاك الصوت الذي ينقر إلى غاية الآن على شبابيكنا، وينقّط الضوء على أرواحنا !
- ذاك الصوت المغسول بضوء الفوانيس، وضحكات الجدات، وحقول القمح، وانثناءات النخل، وتموجات النيل، وأصالة التبلدي، وبهاء الأدغال !
- ذاك الصوت المهجّس المعذّب بأنّات الجوعى، ودموع الفقراء !
- ذاك الصوت الذي يحمل صليبه فوق ظهره، ليطرق على بيوت الأيتام، ليلا، وينام في الشارع الخلفي !
- ذاك الصوت الأبنوسي المضمخ بالتراب والندى، المعمّد بالصهيل والأذان والأجراس !
- ذاك الصوت يشبهنا يا مصطفى.يشبه أوجاعنا وأمالنا وأفراحنا.يشبه الجراح التي استعمرتنا.يشبه الضياء الذي يغسلنا.يشبه شوارعنا ومساجدنا وكنائسنا.يشبه أمهاتنا، وركوة قهوتنا.يشبه حسناواتنا، وكهولنا.يشبه جنونا وثرثرتنا وصمتنا.
- يشبه أمجادنا وهزائمنا الكبرى، يشبه ثوراتنا وكرامتنا.يشبه نقوش الحناء على أكفّ جميلاتنا، والشامة على خدودهن.يشبه الحقول والجبال والصحراء والأدغال، والنهر المعتّق !
- يا مصطفى، كيف يكون الموت، موتك قاسيا إلى هذه الدرجة ؟
- كيف تكون الحياة نبيلة إلى هذا الحد، وكيف يكون الموت نبيلا، والأغنيات ؟
- يا مصطفى، يا شامة هذا الزمن الخرافي، يا ينبوعه، ومواقيت أفراحه وأوجاعه !
- يا أيها المثقل بالضوء، المضوّع بالعطر، غنّ. فالأغنية حرائق وعذاب وأوجاع وأفراح !
- مضيت كما يمضي الشهداء والفقراء، وبقيت أغنياتك (شهيدة) وطازجة وموشحة بالمعاني العميقة !
- بقيت ألحانك مغروسة في تربتنا الداخلية !
- أما صوتك، فله مدارات الكون، وارتعاشات الروح !
- ومع ذلك، فهم لا يأبهون ! تمر ذكرى (استشهادك) في كلّ عام، فيستذكرك البسطاء والمنفيون والحالمون بوطن جميل.تستذكرك البيوت الطينية، والأكواخ، والمطر والنار، وتهملك (القصور) و(التخمة) و(التلفزيون القومي) !!


Post: #2
Title: Re: عمودي اليوم: حين يكون الموت جرحا !
Author: امير عوض الجمري
Date: 01-19-2008, 11:49 AM
Parent: #1

رحم الله مصطفى سيد احمد
بقدر ما عمّر ارواحنا وسمّدها وسقاها


خالد عويس مشتاق ليك بشدة بشدة بشدة ..
رغم انشداهك بمشغولياتك الكتيرة .. الاّ الامل لازال فينا باللقاء يوماً

Post: #3
Title: Re: عمودي اليوم: حين يكون الموت جرحا !
Author: خالد عويس
Date: 01-19-2008, 01:49 PM
Parent: #2

عزيزي أمير
والله الواحد مشتاق لجلساتنا و"فنجان" القهوة عندكم، والنقاشات الثقافية والسياسية.