|
الاجهزة الامنية فى ورطة بعد مقتل الامريكي
|
تقرير: محمد عبد العزيز- صحيفة الرأى العام فى الوقت الذى استقبل فيه العالم العام الجديد، بالغناء والمرح والرقص، كانت الخرطوم على غير العادة تستقبله بالدم. بعد اغتيال موظف أمريكي يعمل فى «USAID»، و سائقه السودانى، فى الساعات الاولى من العام، بأسلوب يشبه أفلام الاكشن التى تنتجها هوليود. يجئ الحادث فى وقت بدأت فيه العلاقات السودانية الامريكية تعود لطبيعتها، خاصة بعد استلام البرتو فرنانديز لمقالىد الامور بالخرطوم،وجولاته المكوكية لترميم العلاقة، وحديثه المستمر عن أن الخرطوم مدينة آمنة، علاوة على شروع الولايات المتحدة فى بناء سفارة جديدة بمنطقة سوبا. غير أن أمريكا بجانب بريطانيا فى أوقات سابقة قد حذرتا رعاياهما من السفر الى الخرطوم لتزايد المخاوف إزاء ما وصفتاه باحتمال مهاجمة مصالح غربية هناك،خاصة بعد غزو العراق، وقد كان آخر تحذير أمريكي فى فبراير من العام الماضى. ولم يحدث أن حدث أعتداء على دبلوماسيين فى الخرطوم باستثناء إعتداء حركة فتح على السفارة السعودية فى السبعينات، لذا فإن الامر يعد منحنى خطيراً فى استباب الامن.ويقول اللواء د.محمد عباس الامين الخبير الاستراتيجي لـ(الرأى العام) ما حدث يستدعى من الجهات الامنية اتخاذ حزمة من التدابير المشددة، خاصة أن حدود السودان مفتوحة،الامر الذى يفتح ابواب التسلل. خاصة أن استلام القوات الهجين لمهامها وسط، تهديدات كثيرة، أضافة لسعى بعض الدول لخلق بلبلة وعدم استقرار بالبلاد،الامر الذى يرشح السودان- اذا لم تحسم الامور- للعب دور عراق آخر. ويبدو توقيت العملية مفاجئاً للجميع، فالاستعدادت الامنية فى أعلى درجاتها، الامر الذى يجعل البعض يؤكد أن الاستعداد لم يكن لمثل هذه العمليات المحكمة التدبير. فاختيار مسرح التنفيذ، لم يكن مصادفة (فهو أقل شوارع المنطقة حركة)، علاوة على أن الكل كان مبتهجاً بالعام الجديد، وسط أبواق السيارات، وأصوات المفرقعات. الامر دفع د. محمد عباس الى وصف الذين قاموا بالعملية بأنهم يتمتعون بعقلية مدربة ومتمرسة، عملت على دراسة مخارج ومداخل المنطقة جيداً. ولا تبدو هذه العملية مجرد عملية اغتيال تنتهى بانتهاء مراسم القبض على الجناة، ويذهب الخبير الامنى حسن بيومى الى (الرأي العام) أن القضية لها أبعاد أمنية، سياسية، واقتصادية. فمن الناحية الامنية يمكن اعتبار ما حدث أستفزازاً مبالغاً فيه للاجهزة الامنية،خاصة أن الحادثة وقعت فى ظل استعداد أمنى كبير،كما أن منفذى الحادثة أرادوا من الناحية السياسية أن يوصلوا رسالة مفادها أن النظام عاجز عن توفير الامن حتى فى قلب العاصمة، وعلى الصعيد الاقتصادى يسعى لتنفير المستثمرين، واستبعد بيومى فى ذات الوقت تنظيم القاعدة، واعتبر أن العملية لاتحمل بصماته. ويبدو أن السفير السابق فضل عبيد لديه رأى آخر، خاصة فى ظل عدم اكتمال الصورة، ويقول عبيد لـ(الرأي العام) يجب عدم التسرع، ولا يمكن التكهن بمستقبل العلاقات السودانية الامريكية الآن بعد العملية،ولم يستبعد عبيد فى ذات الوقت أن تكون العملية لها أبعاد شخصية،ويتفق هنا معه الفريق الفاتح الجيلى المصباح الذى طالب فى حديثه لـ«الرأي العام» بعدم استبعاد الطابع الاجتماعى الشخصى للقضية، ووضعه حتى قبل الانتقال للدوافع السياسية، خاصة أن أى شخص يمكن باستخدام سيارة اعتراض سيارة المجنى علىهم، وضربهم بالرصاص. وتبدو بعض الملاحظات مهم جداً فى العملية أهمها أن الهجوم تم بمسدس عيار(9 ملم)، كما أن الموظف الامريكي لم يمت مباشرة، رغم أصابته بخمس طلقات، وهذه فى مجملها أشارات تدل على عدم أحترافية المنفذين،الذين يستخدمون عادة مدافع رشاشة، أو متفجرات، علاوة على الاصابة القاتلة فى الراس. ولكن السفارة الامريكية وفى ظل غياب القائم أعمالها فرنانديز خارج البلاد، يبدو أنها لا تعلم الكثير،وقال الناطق باسم السفارة وولتر برونلر لا نعرف حتى الآن من اطلق النار وما هي دوافع الهجوم، وسنعمل فى السفارة بشكل وثيق مع السلطات السودانية للتحقيق فى الحادث). فى وقت أفادت فيه مصادر مطلعة ل(الرأى العام) بأن وفداً يتبع الخارجية الامريكية من ادارة أمن السفارات، سيصل الخرطوم للوقوف على الحادث، ومن ثم رفع تقرير عن الوضع الامنى للسفارة، والرعايا الامريكيين بالسودان. الامر الذى ربما يصل حد إعادة النظر فى إعادة فتح السفارة بالخرطوم، من عدمه. وليس غريباً أن تأتى المشاركة الامريكية فى التحقيقات، بجانب دعم لوجستي غير محدود لكشف طلاسم القضية.فى وقت تدخل فيه جميع الاجهزة الامنية فى امتحان صعب لاثبات الذات. ورغم تعدد الروايات، وتضارب التصريحات حتى بين بيانى وزارتى الداخلية والخارجية، فإن مقتل الموظف الامريكي، سيكون نقطة تحول كثير من الامور على صعيد المسرح الامنى والسياسي، غير أن عدم اكتمال الصورة، يجعل الايام القادمات حبلى بالكثير والمثير، ويطلق أشرعة الاحتمالات نحو كل الاتجاهات.
|
|
 
|
|
|
|