المحور الأول:
رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان
التنوع التاريخي الحضارات التي مرت علي المنطقة الجغرافية
إن تاريخ السودان يمتد لآلاف السنيين. فالحضارة النوبية في تداخلها مع الحضارة المصرية تعود لـ 3000 سنة ق.م. بينما وصلت الحضارة الكوشية في 1700 ق.م. قمة من التطور. ويتحدث إنجيل النبي عيسي في فصله الثامن عشر عن السودان كالأرض التي تقع خلف أنهار أثيوبيا، واصفاً إياها بالأرض ( المتلفة بالأنهار ) ويسكنها أناس طوال القامة، شجعان، ناعمي الجلود، يوفدون رسلهم للقدس. هذا هو وصف دقيق لأراض وسط وجنوب السودان حتى أوغندا. إن جنوب السودان مازالت تغرقه الفيضانات ( متلفاً بأنهاره العديدة ) ومازال يسكنه نفس الناس طوال القامة، ناعمي الجلود، الذين وصفهم النبي عيسي قبل ما يقرب من 2700 عام.
منذ حقبة الأنبياء، نصعد عبر ممرات التاريخ حتى النوبة المسيحية، تلك الحضارة الراسخة التي أفلت قبل ما يزيد علي 700 سنة. وعلي الرغم من أن جون الأفسوسي يسجل تحول النوبة ( للمسيحية ) كحدث تم في العام 543م. عبر إرسالية ترأسها القديس جوليانوس المرسل من قبل الإمبراطورة ثيودورا البيزنطية، إلا أن المسيحية وصلت السودان أبكر كثيراً من القرن الرابع ، بل حتى أن بعض معاصري النبي عيسي زاروا السودان.
صعوداً عبر ممرات التاريخ، نجد أن انتشار الإسلام وقدوم أناس من شبه الجزيرة العربية للجزء الشمالي من السودان قاد لنشوء الممالك الإسلامية المختلفة مثل سلطنة الفنج العتيدة والتي برزت حوالي العام 1500م. في نفس الوقت الذي أُرخ فيه لأفول الممالك المسيحية النوبية الأخيرة ( سوبا وعلوة والمقرة ) كما كانت هنالك مملكة دار فور والتي لم تدمج في السودان الحديث إلا في العام 1916م. بينما شهد العصر الحالي الفتح التركي / المصري 1920م. وقيام الدولة المهدية 1885م. ثم الحكم المصري / الإنجليزي 1898م. والدولة السودانية المستقلة في 1956م.
التنوع المعاصر التنوع الديني والعرقي
إن الشكل الثاني للتنوع السوداني هو ( التنوع
المعاصر ) والذي يشكله التنوع العرقي والديني. إن النظرة العرقية تُعرف أساساً مجموعتين قوميتين عريضتين، هما الأفارقة والعرب. وخلقت وسائل الإعلام والمروجين المختلفين انطباع زائف، ذلك أنه يوجد جنوب أفريقي، مسيحي و( روحاني ) وشمال عربي مسلم. إن هذا تحريف بالغ للواقع الحقيقي. فوفقاً للتعداد السكاني الذي أجراه النظام الاستعماري في 1956م، فإن 69% من السكان سجلوا كأفارقة، بينما 31% أدعي أنهم عرب.
إذاً، ووفقاً لهذا التعداد فانه يوجد أفارقة في شمال السودان (39% من مجمل السكان ) أكثر من الأفارقة في جنوب السودان ( الذي يشكل 30 % من مجمل السكان ). كما إن الدين هو عنصر آخر للتنوع المعاصر، إذ يتشكل السودانيين من مسلمين ( حوالي 65% من مجمل السكان ) ومسيحيين، إضافة لأولئك الذين يؤمنون في الأديان الأفريقية لأسلافهم، والأخيرين معاً يشكلون النسبة المتبقية من السكان ( 35% ).
مشروع السودان الجديد
إن مشكلة السودان المركزية، هي أن دولة ما بعد 1956م. هي دولة مفبركة، مؤسسة علي نظام سياسي وأطر مؤسسية شوفينية عرقياً ودينياً، ثم بعد 1989 علي الأصولية الإسلامية. إنها تلك الدولة التي تقصي السواد الأعظم من مواطنيها. لقد أبعد السودانيين الأفارقة من مركز السلطة والثروة منذ 1956م. وبعد انقلاب الجبهة الإسلامية في 1989م. أقصي النظام أيضاً كل المسلمين غير الأصوليين، بينما كانت النساء دائماً مقصيات وفي كل الفترات. نحن نسمي هذه التركيبة السياسية ( السودان
القديم ) والذي هو شكل عنصري للحكم مؤسس علي السيطرة الدينية والعرقية والذي يسعى لفرض وترسيخ نفسه عبر الاستعمار الداخلي واحتواء الناس المقصيين والمهمشين.
عندما تكونت الحركة الشعبية في 1983، قمنا بتحليل الواقع السوداني نقدياً، وتوصلنا لمحصلة هي؛ أننا يجب أن نناضل من أجل شكل جديد للسودان ننتمي له جميعاً، سودان موحد، لكن علي أسس جديدة، تركيبة سياسية سودانية جديدة مؤسسة علي حقائق واقع السودان، علي تنوعنا التاريخي والمعاصر معاً. نحن نسمي هذه التركيبة السياسية الجديدة ( السودان الجديد ) في مضادة ( السودان القديم ) الذي كبدنا 32 عاماً من الحروب من جملة سنين الاستقلال الاثنين وأربعين. نحن واثقون من أن المجموعات الدينية والعرقية المختلفة في السودان تستطيع أن تستخدم التنوع التاريخي والمعاصر
للسودان لتصيغ وتطور كيان وهوية سودانية صحيحة، تلك التي أسميناها ( السودان الجديد(، وإلا فأن السودان سيتصدع إلي، علي الأقل، دولتين مستقلتين.
للاطلاع علي الرؤية التفصيلية للحركة الشعبية لتحرير السودان يمكن الرجوع الي موقع
الحركة الشعبية لتحرير السودان أو مراجعة الارشيف في موضوع السودان الجديد -
رؤية الحركة الشعبيــــه،، للأخ أحمد حنين.