من عيون الشعر - الغـد - د. إبراهيم ناجي

الغـــد
كلمات الدكتور إبراهيم نـاجـي

يا حناناً كيد الآسي الرؤوم
وشعاعاً يٌشتَهى بعد الغيوم
أنا في بُعْدِك مفقود الهُدى
ضائع أعشو إلى نورٍ كريم
أشتري الأحلام في سوق المُنى
وأبيع العمر في سوق الهموم
لا تقل لي في غدٍ موعدنا
فالغد الموعود ناءٍ كالنجوم

أغداً قلتَ ؟ فعلمني اصطبارا
ليتني أختصر العمر اختصارا
عَبَرتْ بي نشوة من فرح
فرقصنا أنا والعمر سُكارى
وعَرَانا طائف من خَبَلٍ
فاندفعنا في الأماني نتبارى
سنَذمُ النور حتى يتلاشى
ونذم الليل حتى يتوارى

انفردنا أنا والقلب عشيا
ننسج الآمال والنجوى سويا
فركبنا الوهم نبغي دارها
وطوينا الدهر والعالم طَيّا
فبلغناها وهللنا لها
ونزلنا الخلد فيناناً نَدِيا
ولقينا الحسن غَضّاً والصبا
وتملّيْنا الجلال الأبدِيا

قال لي القلب: أحقّاً ما بلغنا ؟
كيف نام القدر الساهر عنّا ؟
أتراها خدعةً حاقت بنا ؟
أتراها ظِنةً مما ظَنَنّا ؟
قلتُ : لا تجزع فكم من منزلٍ
عـزّ حتى صار فوق المتَمنى
أذِنَ الله به بعْد النوى
فثوينا واسترحنا وأمِنّا

يا جنان الخلد قَدّمتٌ اعتذاري
إذ يطوف الخلدَ سقمي ودماري
أيها الآمرُ في مُلك الهوى
أعف عن لهفة روحي وأواري
أشتهي ضمك حتى أشتفي
فكأني ظامئ آخذ ثاري
غير أني كلما امتدت يدي
لعناق خِفتُ أن تؤذيك ناري

أيها النور سلاماً وخشوعاً
أيها المعبد صمتاً وركوعاً
ملكت قلبي ولُبي رهبةٌ
عصفت بالقلب واللب جميعاً
رب قول كنت قد أعددته
لك إذ ألقاك يأبى أن يطيعا
وحبيسٍ من عتاب في فمي
قد عصاني فتفجّرتُ دموعا

لذعتني دمعة تلفح خدي
نبهتني من ضلال ليس يُجدي
واختفت تلك الرؤَى عن ناظري
وطواها الغيبُ في سِحْريّ بُرْد
وتَلفّتُ فلا أنت ولا
جنة الخلد ولا أطياف سعْدِ
وإذا بي غارق في محنتي
وبلائي ، أقطع الأيام وحدي

هاتِ قيثاري ودعني للخيال
واسقني الوهم وعلّل بالمحال
ودع الصدق لمن ينشده
الحجى خصمي فاغمر بالضلال
وخذ الأنوار عني ، ربما
أجد الرحمة في جوف الليالي
خلّني بالشوق استدني غدا
فغدا عندي كآبادٍ طوال

السلام عليكم
أخي الرقيق جعفر
تحية لك وأنت ترش بعض أنفاس الرياحين في هذا المكان الطافح بروائح القبح والكراهية
أسمح لي أن أهديك أيضاً خالدته الأطلال ...

يا فؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحا من خيال فهوى
اسقني واشرب على أطلاله وارو عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبرا وحديثا من أحاديث الجوى

لست أنساك وقد أغريتني بفم عذب المناداة رقيق
ويد تمتد نحوى كيد من خلال الموج مدت لغريق
وبريق يظمآ الساري له أين في عيناك ذياك البريق

يا حبيبا زرت يوما أيكه طائر الشوق أغني ألمي
لك إبطاء المدل المنعم وتجني القادر المحتكم
وحنيني لك يكوي أضلعي والتواني جمرات في دمي

أعطني حريتي أطلق يديا أنني أعطيت ما استبقيت شيا
آه من قيدك أدمى معصمي لم أبقيه وما أبقى عليا
ما احتفاظي بعهود لم تصنها والام الأسر والدنيا لديا

أين من عيني حبيب ساحر فيه عز وجلال وحياء
واثق الخطوة يمشي ملكا ظالم الحسن شهي الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربي ساهم الطرف كأحلام المساء

أين مني مجلس أنت به فتنة تمت سناء وسنا
وأنا حب وقلب هائم وفراش حائر منك دنا
ومن الشوق رسول بيننا ونديم قدم الكأس لنا
هل رأى الحب سكارى مثلنا كم بنينا من خيال حولنا
ومشينا في طريق مقمر تثب الفرحة فيه قبلنا
وضحكنا ضحك طفلين معا وعدونا فسبقنا ظلنا

وانتهينا بعد ما زال الرحيق وافقنا ليت أنا لانفيق
يقظة طاحت بأحلام الكرى وتولى الليل والليل صديق
وإذا النور نذير طالع وإذا الفجر مطل كالحريق
وإذا الدنيا كما نعرفها وإذا الأحباب كل في طريق

أيها الساهر تغفو تذكر العهد وتصحو
واذا ما التأم جرح جد بالتذكار جرح
فتعلم كيف تنسى وتعلم كيف تمحو

يا حبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعد ما عز اللقاء
فاذا أنكر خل خله وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كل إلى غايته لا تقل شئنا فان الحظ شاء

........................
تخريمة :
انت الزول ده قصته شنو مع هل رأى الحب سكارى ؟

وما الناس إلا هالك وأبن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق

أخي الحبيب الزول

السلام عليكم

شــكرا جزيلا على الحضور الأنيق والهدية الغالية فأنا انتشي بشعر د. ناجي ، كنت أيام الشباب أحفظ كل (الأطلال) ، وألأبيات التي أهديتها لي هي من أجمل وأرّق ما في (الأطلال) ..
د. ناجي عاشق حتى الثمالة ، لذا تجد (الحب سكارى) في كثير من أشعاره..

تسـلم أخي الحبيب
مع وافر شكري وعاطر تحياتي.

ذهب الصبا الغالي وزالت دوحة مدت لنا ظل الوفاء ظليلا
ايام يهزمني امامك منطقي فإذا سكت فكل شيء قيلا

" المآب "

جميل اليابان العم جعفر
شكرا لك وانت تنثر هذه الدرر في هذا الزمن الردئ
فهي حقا ساحة يهجع فيها الوجدان السليم كما الحمام الساجع والزاجل.

تسجيل حضور إلى حين عودة.

لك من الود " ليالي القاهرة" و " في معبد الليل "

كثير معزتي ومودتي

القلم الرشيق والقمر الأزهر والنجم المتلألئ في سماء طوكيو إبننا الفاتح ميرغني
ســلامات
شكرا جزيلا على الحصور الأنيق .. أسعدني جدا دفء كلماتك وجميل عباراتك. . تسلم يا الحبيب ، وفي انتظار إشراقاتك.

أطنان من مودتي ومعزتي .

Quote: يا جنان الخلد قَدّمتٌ اعتذاري إذ يطوف الخلدَ سقمي ودماري أيها الآمرُ في مُلك الهوى أعف عن لهفة روحي وأواري أشتهي ضمك حتى أشتفي فكأني ظامئ آخذ ثاري غير أني كلما امتدت يدي لعناق خِفتُ أن تؤذيك ناري

شكراً جعفر إسماعيل شكرً دكتور إبراهيم ناجي .

العــزيز هاشم أحمد خلف الله
شــكرا جزيلا على المــرور

Quote: يا جنان الخلد قَدّمتٌ اعتذاري إذ يطوف الخلدَ سقمي ودماري أيها الآمرُ في مُلك الهوى أعف عن لهفة روحي وأواري أشتهي ضمك حتى أشتفي فكأني ظامئ آخذ ثاري غير أني كلما امتدت يدي لعناق خِفتُ أن تؤذيك ناري

يجد القارئ لقصائد إبراهيم ناجي عمقا بعيد الغور ، لو امتدت به الأيام لأثرى الشعر والفكر الإنساني.
تحياتي ومودتي

الأطــلال

إبننا العــزيز أبو الســعود
ســلامات
إنت وينك وين يا نور العين . .. ما سمعنا صوتك من زمان.
الـ download ما جاب الأطلال .. وشكرا جزيلا على المرور

تحياتي وعاطر أشواقي

طبعا قربت اكتبا (الأطنان) على حس "مغلق" المودات
الاديتو لي الفاتح اخوي دا فوق

صافي المحبة

حقاً .. الشعر من نفس الرحمن مقتبساً

شكرا جعفر على هذه النافذة الحلوة

أخي العزيز الأستاذ حيدر

شكرا جزيلا على المشاركة والإضافة الأنيقة. . تسلم أخي الحبيب ..


صادق مودتي ووافر احترامي

الفاضل الكريم (العم) جعفر..

سلام وإحترام..

حقيقة لم أكتشف اني بعدت عن عالم الشعر إلا عندما دخلت هذا البوست..
شغلتنا الحياة وأصبحت أوقات القراءة هي أوقات راحة نسرقها لننام او نريح أبداننا التعبة..
ودائما ما أعزي نفسي بأننا نسير حتى الآن بحصيلة ما قرأناه زمان.. ولكن ألم يحن الوقت بعد لإعادة شحن الروح بمثل هذا الجمال..؟

شكرا وفيرا للقصيدة.. وشكر سعد الدين للأغنية الخالدة والصوت العذب..

ودي

أستاذى الفاضل جعفر إسماعيل

الحقيقة الدهشة ألجمت لسانى وقلمى وأنا أتأمل الدرر التى تنثرها كما قال صديقى وإبنى الجميل الفاتح ميرغنى ، وأنت تنثر الدرر فى هذا الزمن الردىء

الله يخليك ، وأنت تهدينا كل هذه السعادة والنشوة يا أستاذ

أخوك هشام

أخي العزيز الفاضل الأستاذ هشــام
ســلامات

ألف شكر وتقدير للحضور الأنيق والشعور الرقيق ، والشكر موصول للإبن والصديق الفاتح ميرغني معيننا الذي لا ينضب من الظرف واللطف.. تســلم أخي الحبيب .

صادق مودتي وفائق احترامي

الإبنة العزيزة الغالية رجــاء
ألفين ســـلام

افتقدناك كثيرا ويبدو فعلا أن ظروف ومشاغل الحياة قد حجبتك عن المنبر طوال الفترة السابقة.
شــكرا جزيلا على الحضور والمشاركة الجميلة العطرة... دعواتنا دائما أن يحفظك الله ويوفقك.

عاطر تحياتي ووافر احترامي.

نبذة مختصرة عن الشاعر د. إبراهيم ناجي
الدكتور إبراهيم ناجي من الشعراء الذين أُطلق عليهم شعراء المدرسة الحديثة وتضم أيضا : علي محمود المهندس ، حسن كامل الصيرفي ، محمود حسن إسماعيل ، صالح جودت ومختار الوكيل وآخرين. وهو في عالم الشعر "علم على رأسه نار" وغني عن التعريف ، وقد بلغت شهرته الآفاق عندما غنت له كوكب الشرق أم كلثوم رائعته (الأطلال). ولكن صديق عزيز نبهني إلى ضرورة إضافة نبذة مختصرة عنه.

إبراهيم ناجي في سطور.
ولد ابراهيم ناجي في القاهرة في 31 ديسمبر سنة 1898، وبهذا يعتبر من مواليد 1899م وفيها درس ملتحقاً أولاً بالمدرسة الابتدائية ثم بالمدرسة التوفيقية.
ألتحق، بعد دراسته الثانوية، بكلية الطب وتخرج سنة 1923 وتعين طبيباً في مصلحة السكك الحديدية، ثم نُقل منها إلى وزارة الصحة فوزارة الأوقاف.
أنتسب إبراهيم ناجي إلى "جمعية أبوللو" الشعرية ،التي حمل لواءها الدكتور "أحمد زكي أبو شادي"، سنة 1932.
أصدر ناجي ديوانه الأول (وراء الغمام) سنة 1934م ثم ديوانه الثاني (ليالي القاهرة). وبــــعد وفاته جُمعت قصائده في ديوان بعنوان( الطائر الجريح). وترك ناجي غير دواوينه مجموعة من الكتب والرسائل منها المطبوع وغير المطبوع. فمن كتبه المطبوعة (مدينة الأحلام) و ( في فن القصة) نشرته مجموعة كتب للجميع بعنوان ( أدركني يا دكتور) ترجمة رواية (الجريمة والعقاب) لدويستوفوسكي. أما غير المطبوع من كتبه فتشمل (عالم الأسرة) و (كيف نفهم الناس) و (رسالة الحياة – جزءان – وقراءات أحببتها والحب والجنس – و (أزهار الشر) عن بولدير مع ترجمة لبعض أشعاره و (رباعيات ناجي) و (أهازيج شكسبير) وعدة أبحاث ومحاضرات منتشرة في بطون الصحف والمجلات.
سار إبراهيم ناجي في شعره مساراً مهجرياً، وكان شاعر وجدان يزخر شعره بالوجد ويفيض بالذوب الإنساني. كان رومانسياً دائم الحنين إلى عالم أفضل، ودائم الرثاء للعالم الشقي الذي يعيش فيه الإنسان. وهو في شعره شديد العذوبة والسلاسة والطلاوة.
* انتقل إلى رحمة مولاه في 24 مارس 1953م بعد حياة حافلة بالروح الإنسانية وبراءة النفس والطوية.
المصدر:
- ديوان إبراهيم ناجي – تقديم سامي الكيالي .
- إبراهيم ناجي، قصائد، اختارها وقدم لها أحمد عبد المعطي حجازي، دار الآداب، بيروت، طبعة ثانية، 1979، صفحات 85 - 102.

Quote: كان رومانسياً دائم الحنين إلى عالم أفضل، ودائم الرثاء للعالم الشقي الذي يعيش فيه الإنسان. وهو في شعره شديد العذوبة والسلاسة والطلاوة.

الأخ الفاضل د. شــهاب
ســلام
شــكرا جزيلا على المرور والهدية القيمة .

صادق مودتي ووافر احترامي

سلامات يا أستاذ جعفر ...

بوست جميل والله ... لسع ما كملت قريت كل مداخلاتو لكن بالتأكيد حا أجيو بعدين بي رواقة ..



تسلم كتير ...

سلاممن الله عليكم
فقط أكتفي بقولي:
( اسقني و أشرب على أطلاله و أروى عني طالما الدمع روى )

حقا ديوانه يحمل و يعني الكثير

لك الشكر و المودة

العم الكريم
جعفر

تسجيل حضور وإعجاب

كل الود
غادة

الإبنة العزيزة الغالية غــادة

ســلامات

شكرا جزيلا على المرور ..شـرفني جدا حضورك المقدّر.

صادق مودتي ووافر احترامي.

العزيز عوض الله عجبنا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شـكرا جزيلا أخي الكريم .. ســرني جدا حضورك .


صادق مودتي احترامي

إبننا الحبيب الظريف العريس ناذر
ســلامات
ألف شكر وتقدير على الطلة المباركة .. تسلم يا حبيب.

صادق مودتي واحترامي

الأخ جعفر اسماعيل أحببت أن أتداخل معك ولو مرة عابرة
وإلى الجميلين في هذه الدوحة الوارفة نستظل معكم قليلا ونشارككم بأبيات للعباس بن الأحنف من شعراء العصر العباسي وكما يقال الشعر ابن بيئته ولذلك كان رأي الشابي أن أشعار العصر العباسي أفضل من الأموي وكذلك الأندلسي أفضل منهما معا والرأي لأبي القاسم الشابي وعندنا في السودان تجد شعر العباسي له طعم خاص لأنه غاص في البيئة البدوية الصافية مع استنارته وتعليمه في مصر ولذلك كان لشعره طعم خاص وينطبق الكلام على جماع وغيره من شعرائنا الكرام وإلى شعر ابن الأحنف .

أَبكي إِذا سَخِطَـت حَتّـى إِذا رَضيَـت بَكَيتُ عِندَ الرِضا مِن خَشيَـةِ الغَضَـبِ
أَتوبُ مِن سُخطِها خَوفـاً إِذا سَخِطَـت فَإِن سَخِطـتُ تَمـادَت ثُـمَّ لَـم تَتُـبِ
فَالحُزنُ إِن سَخَطَت وَالخَوفُ إِن رَضيَت أَن لا يَتِمَّ الرِضـا فَالقَلـبُ فـي تَعَـبِ

ولولا إنشغالي بالعمل الطارئ "الآن" لواصلت الكتابة إلى أبعد من ذلك فتقبلوا هذه المشاركة

وسوف أعود

ودمتم ......

أخي الأستاذ الفاضل أنور الطيب

السلام عليكم

شكرا جزيلا على المشاركة الثـرة ، ونأمل أن لا تحرمنا من هذه الدرر .

صادق مودتي ووافر احترامي.