علي عيسي .. في ذاكرة القلب .. ذاكرة الانطفاء (مقاربة نقدية ) !

علي عيسي .. في ذاكرة القلب .. ذاكرة الانطفاء (مقاربة نقدية ) !


08-25-2007, 04:17 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=140&msg=1188055061&rn=2


Post: #1
Title: علي عيسي .. في ذاكرة القلب .. ذاكرة الانطفاء (مقاربة نقدية ) !
Author: عصام ابو القاسم
Date: 08-25-2007, 04:17 PM
Parent: #0

قراءة ذاكرة القلب..ذاكرة الانطفاء
بقلم مصطفي الصاوي




في كتابة عبر نوعية ، تنثال بالكلمات في انساق حكائية شديدة التداخل بما تحتوي من قص، وكتابة وجدانية، وخطاب ايدلوجي اجترح على عيسى مجموعته القصصية الاولى؟ الموسومة بـ( ذاكرة القلب..ذاكرة الانطفاء).
ارتكازاً على ماسبق فإن عالم علي عيسى القصص عالم تركيبي،حيث تلمح فيه ذلك التداخل ، ولعله يسعى لرصد تلك اللحظات الاجتماعية، والنفسية، والسياسية، ويتفاعل معها، ويدور في فلكها ولاينفك من إسارها، ففي قصة الدروب بعنوانها الدال، ونمذجتها الفنية التي تنهض على الفانتازيا(تململ شارع الحرية..ارتدت فرائصه وهو يغمز بعينه اليمنى) وفي قصص أخرى يعول على وصف الحالة، حالة ذهنية اكثر من الحدث المكتنز الذي يمتلأ بالشخصيات في زمان ومكان محددين ومن هذه القصص مقابلة:
قال لنفسه
(كم هي جميلة)
قالت لنفسها
(ياله من عربيد)
تنتهي القصة بذات البعد الذهني:
* قال لنفسه (كم احبها)
* قالت لنفسها
* (يقتلني حضوره)
(2)
وفي منحى آخر يستلفت الانتباه تلك الرومانسية الحميمة في العديد من نصوص المتن، ولعلها تتبلور في العنوان ذاكرة القلب / ذاكرة الانطفاء الذي يشئ بدلالات تشئ بعوالم تمتد في نصوص: حامد القديل، وصبابة، والأمنية، وفيها خذلات وتوتر العاشق (فتراءت بوضوح فاضح صورة حبيبتي الخائنة التي باعتني بدراهم معدودة اللعنة) يرتبط بما سبق حنين دفاق إلى الطفولة، والقرية،يسم تلك الأمكنة بملامح خاصة دون تفاصيل أو استغراق واقعي، لكنها اماكن تجترحها الذاكرة وتوضح الواقع البنائي النفسي للشخصيات ففي نواص للحزن والحنين يتبدى مثل هذا التوظيف (قال لها مكابراً ومتجاوزا لنظافة- جيبه الفضفاض، قال ومعدته تجهر بالاحتجاج.... وفيما هما جلوس تحت شجرة وارفة الظلال) وقال لها – سنصبح سعداء) يعزز ماذكر آنفاً استدعاء الذاكرة والذكريات (وكأنه يحدث نفسه لدى ذكريات عزيزة في هذه المنطقة وعمري عامين انحشرت في فجوة التبلدية وكيف انهم اخرجوني بصعوبة بالغة).
(3)
نصوص هذا المتن استثمرت انساق مختلفة في ضمير السرد حيث زاوجت بين ضميري الغائب، والمتكلم، يلاحظ توظيف ضمير المتكلم في لحظات تأزم الشخصية القصصية: (ساتركك الآن.... بل سأرحل منكم جميعاً...ودون قصد التقطت اذناي ما دار همساً بينكما، إذ سمعتك تقول بوقاحة فجة أني كنت عارياً امامهم) وفي موضع ثان يجسد استخدام ضمير المتكلم الرعب الذي يحل بالشخصية وعوالم الخوف والقمع (كان الناس يتجمهورن حولي، وامامي وهي تصرخ وتولول.في لحظة رحب الملائكة أجمعين، ونزل الطغاة في الأرض بوجوههم الكالحة الحقيرة).
اما السرد بضمير الغائب فتشتمل قصص متعددة انصعها حلم الظهيرة حيث كان السارد بعيداً عن الاحداث فقط ينقلها بلا تدخل أو تعليق، وجسدت بعمق الراوي المفارق لما يرويه خلافاً لقصص اخريات (كان رجلاً مميزاً في عبوره الصباحي للجسر، والصبية الصغار يقذفونه بالحجارة تسبقهم صيحاتهم المهتاجة (المجنون المجنون)، ومابين الراوي المتماهي مع مايروي ، والراوي الذي يبعد عن الاحداث نهض القص في ذاكرة القلب...ذاكرة الانطفأ مراوحاً بين غياب يجسده ضمير الغائب وحضور متحقق ماثل في ضمير المتكلم والاخير تفوق على الاول في الحضور على مستوى السرد.
(4)
نختم القراءة لهذا النص بمجموعة ملاحظات أولية تتمثل في :
(أ) تمركز الشخصيات حول قطب مركزي وهو علاقة الرجل/بالمرأة وهذا مامنح النص بعده الرومانسي.
(ب) شخصيات النص انطوت اضافة للملمح الرومانسي على هموم اجتماعية واسعة.
(ج)الحضور المحدود للفانتازيا في قصة دروب، وقصة انشطار (نفخ في ذاته نفخ، فإمتلأ البالون، تضخم وازداد،اصطدام رأسه بالسقف خرجت يديه عبر النافذتين.انتفخ ولم تحتمل الغرفة فانفجرت).
(د) يستلفت الانتباه في النص توظيفه للغة الجسد لاثراء السرد القصصي لغوياً،وتبيان ملامح الشخصيات الداخلية والخارجية وهي في مجملها توضح السلوك الحركي لاعضاء الجسم لغوياً فيما يعرف بعلم الكينات (kinesics) ومنها في النص كلما مر أمامه شئ تزداد نبضات قلبه ويرتعش.لم يكن خائفاً.. كان (يفرطق)اصابعه، ويلمس أرنبة انفه كعادته عند المطبات..اخيراً يسير بطلاقة محببة، يشن المقتطف عبر الجسد، واعضاء الجسد بالخوف، والتوتر، والقلق وتعبر المشية عن الطلاقة.
وفي موضع ثانٍ (مسافراً بالقلب، ضارباً بيديه على الصدر) وهنا ينقل حركة جسمية ترتبط بالمرأة (الضرب على الصدر) إلى الرجل ويضيف (باصقاً على الاحلام الهشة) وفي ذات السياق الاسلوبي يجترح تعبيرات طريفة في تضاعيف سرده القصصي:
* (مسكين وزائف كالنقود)
* (والشاي يتراص ككل الاحقاد الطبقية)
* (ونحن نلوك الخبز الحاف، كعادة مفروضة تفترسنا، كلما أوصدت أبواب الحي الراقي امامنا).
(هـ) لغة القص إخبارية الا القليل من المقاطع ذات البعد الرومانسي، وميزها توظيف التعبيرات الاصطلاحية وهي الفاظ مفردة تضع مميزاتها الفردية وخواصها في خدمة التركيب الاجمالي وتبدو قيمتها التعبيرية في نصوص على عبدالله في ابداع الماضي، ولايحاء به، وعدم المباشرة، وفوق ذلك كله خدماتها للسرد القصصي والاتيان بتعبيرات مختزلة تعتبر مؤشرا لابراز الكيف الاسلوبي للعمل الادبي ومن هذه التعبيرات في العمل:
* (عينه الحمراء)
* (اخرجت الارض أثقالها)
* (إمرأة من العيار الثقيل)
ويلاحظ على مستوى آخر سيادة التعبيرات التي ترتكز على النص القرآني الكريم في اكثر من موضع: قالت نسوى في المدينة/ حبيبتي الخائنة باعتني بدراهم معدودة/ نراوح بين الصفا والمروة ) ويتناص مع بيت النقائض الشهير: فغض الطرف انك من غير/ ولاكعباً بلغت ولا كلاباً ( لاحجاً بلغنا ولاتعميرا).
(5)
ذاكرة القلب ذاكرة الانطفاء مجموعة قصصية تبشر بقاص متميز، ضمت بين دفتيها ثيمات مختلفة (صراع الاجيال/ الحب /السياسة/ والنظرة إلى الذات واستعادة زمن الطفولة وفيها حنين ما لزمن الرومانسية الجميل.

Post: #2
Title: Re: علي عيسي .. في ذاكرة القلب .. ذاكرة الانطفاء (مقاربة نقدية ) !
Author: عصام ابو القاسم
Date: 08-25-2007, 04:20 PM
Parent: #1

كدت انسي .. ان هذه القراءة نشرت اليوم السبت 25/8
بصحيفة الايام

Post: #3
Title: Re: علي عيسي .. في ذاكرة القلب .. ذاكرة الانطفاء (مقاربة نقدية ) !
Author: salah awad allah
Date: 08-29-2007, 12:29 PM
Parent: #1

شكرا عصام الدين
لقد أرحتنى فى تناول المجموعه القصصيه على عيسى وهى اول اعماله المنشوره
كنت اود تناولها وقد شرعت فى كتابة الخطوط الاوليه وى عدة وقفات على المقاله بعيدا عن التهليل الذى صاحبها على ان تفيدنا برد كاتب المقال الاستاذ الصاوى حال نشرى لملاحظاتى على مقاله
لك الود