النظام السياسي الفدرالي ( تفكيك المركزية السياسية )

النظام السياسي الفدرالي ( تفكيك المركزية السياسية )


08-21-2007, 06:54 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=140&msg=1187718878&rn=0


Post: #1
Title: النظام السياسي الفدرالي ( تفكيك المركزية السياسية )
Author: محمد على طه الملك
Date: 08-21-2007, 06:54 PM

لإن لاذ الدكتور منصور خالد بمخزونه المعرفي الغزير وفطنته الذائعة ومس علل نخبة أدمنت الفشل ، فقد أصاب من حيث إستمسكت النخبة بالإرث المركزي ، فتعثر جهد قلة فكرية حاولت صياغة فكر سودانوي ينبع من ثقافة المجتمع وجذره التاريخي ، وضاع النداء في غمرة التدافع السياسي المتتابع والصراعات الأيديولوجية.
لم يكن ميراث المركزية الإدارية وتوهان الفكر النخبوي وحدهما وراء تخبط النظام السياسي وعدم إستقراره علي حال، إذ قاسمهما النظام السياسي نفسه بتشكيلات مركزيته السياسية بحسبانه الوليد الشرعي لميراث الدولة المركزية .
ولعل من منقصات الحكم الفدرالي الساري الآن إحتفاظ النخب السياسية بتشكيلاتها المركزية ، بل لعل في ذلك تفسير لتتابع فشلها في الحكم وحماية النظام الديموقراطي .
ومنذ أن تم دستوريا تفكيك مركزية الدولة الإدارية ، ونشأت الولايات بما أفترعته من صلاحيات ، تناولت العديد من الأقلام مآلات التجربة وإفرازاتها مدحا وقدحا .
غير أن الملاحظ أن التجربة لم تنتج الى غاية الآن ذلك الدفع المعنوي نحو التلاقي المأمول تحت جسم إتحادي، بل تولد صراع شعبي في مواجهة المركز بمعزل عن الحكومات الولائية ، بلغ بعضها حد القطيعة والإحتراب.
كل ذلك ـ مع وجود خارطة طريق أبانت معالمه إتفاقية السلام ( نيفاشا ) بما أرسته من مبادئ جلية حول التوزيع العادل للثروة والسلطة .
لعل المرحلة الإنتقالية المحددة بسنوات ستة ، منحت الحكومة فرصة الإسترخاء تحت مظلتها بعد تجميل وجهها بمساحيق حكومة الوحدة الوطنية وفي البال ( بكره يحلها الحلال ) ، ولم تنجو الحركة الشعبية الشريك الأقوى من آفة الإسترخاء ، خاصة بعد أن صدمت قاعدتها الشعبية برحيل قائدها المبكر الدكتور جون قرنق فتراخي دفعها السياسي .
غير أن تعطيل إجراءات تفكيك المركزية لصالح ولايات السودان الشمالية ، ومنحها حقوق الحكم الفدرالي كاملة غير منقوصة وربط ذلك بسنوات الإنتقال الستة لم يكن مبررا وله مايسنده ، حيث دفع ذلك التراخي لظهور مواقف شعبية متشددة في الولايات بلغ غلو بعضها حد المطالبة بتقرير المصير أسوة بالولايات الجنوبية ، ذلك لأن ما تم تطبيقه لم يتجاوز في مبناه هياكل الحكم الامركزي وصلاحياته ، ولم يرق بعد لمصاف الحكم الفدرالي .
ولعل من معوقات بناء النظم الفدرالية في السودان ميراث النظم المركزية ، فعلي الرغم من حداثته التأريخية فهو أخطبوط ( تريان ) رضع من ثديين إستعماريين ( التركية السابقة والحكم الثنائي ) فضلا عن نخبة ما بعد الإستقلال الوطنية ، ولم ينجو من ميراث المركزية التنظيمية حتي النخب الوطنية التي ولجت محراب السياسة ملتحفة إحرام الفكر دينيا كان ام إنساني ، وتبعت الحركة الشعبية بدورها منهج المركزية السياسية ، وكان المأمول أن تتخطى هذه العقبة بمجرد عودتها الي أرض الوطن ، بإعادة بناء تشكيلها السياسي علي النمط الفدرالي ، في كل الأحوال ربما كان لقيادتها السياسية مبررات مقبوله تستدعي التأجيل الي ما بعد الفترة الإنتقالية وإجرءات تقرير المصير .
لقد تلاحظ أثر ميراث المركزية في ذهن من صاغوا قانون الآحزاب الأخير ، حيث أغفلوا تقرير حق الولايات في إنشاء أحزاب ولائية تمثل إرادة جماهيرها الفعلية ، وقصروا هيكل النظام السياسي علي أحزاب إتحادية .
يقيني أن تفكيك المركزية لا يتوقف عند حد تفكيك هياكل الدولة المركزية بل يمتدّ ليشمل النظام السياسي ، بحيث تنشئ الولايات نظمها السياسية التي ترفد بدورها النظام السياسي الإتحادي، بغير ذلك ستظل إهتمامات جماهير الولايات قاصرة عن حماية النظام السياسي للدولة ، وستبق النخب السياسة عاجزة عن كسر طوق الإنقلابات، هذا إن لم يتطور الحراك السياسي الشعبي فى الولايات ويكسر طوق المركزية السياسية المضروب حولها إن عاجلا ام آجلا .