الشاعر الكبير محمد المي إبراهيم يبكي السودان...!!

الشاعر الكبير محمد المي إبراهيم يبكي السودان...!!


08-19-2007, 05:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=140&msg=1187539802&rn=0


Post: #1
Title: الشاعر الكبير محمد المي إبراهيم يبكي السودان...!!
Author: khalid kamtoor
Date: 08-19-2007, 05:10 PM



خالد أحمد بابكر

أحزنني كثيراً ما وصل إليه شاعرنا الكبير محمد المكي إبراهيم من أسى في كلمته التي وقعت عليها أمس الأول فقط.. فهو قد آلمه ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل حول انفصال الجنوب عن جسد السودان الكبير.. وهو أمر بلغ بشاعرنا مبلغاً عظيماً من التحسر.. وهذا شأن كل وطني غيور على بلده.. فحق تقرير المصير للإخوة الجنوبيين هو أعظم رزء حدا بنايفاشا الوصول إليه.. وقد كنت من أوائل الذين انتقدوا مفاوضات مشاكوس منذ بدايتها لما رأيناه من ضغوط تجلت بين طرفي الاتفاق كانت تمارسها الولايات المتحدة بصورة خفية في ذلك الوقت. لكننا عدنا وقلنا بأن الاتفاق مادام يسعى لوقف وطيس الحرب الطاحنة التي قضت على كل أخضر في بلادناوشردت الآلاف وهجرت الناس والشيوخ والأطفال.. فلا ضير فيه. لكن الإشارات الأمريكية كانت واضحة خاصة في مسألة تقرير المصير.. فقد رأى أستاذنا محمد المكي إبراهيم أن إصرار الولايات المتحدة على تقرير المصير كان لحساباتها المستقبلية المتعلقة بنفط الجنوب، خاصة وأن شركة (شيفرون) الأمريكية قد طُرت من تلك الحقول الغنية قبل وقت مضى. ولنا أن نقرأ ما قاله محمد المكي في ذلك:

هرب الحصان ففيم إغلاق الاصطبل؟
محمد المكي إبراهيم

شاهدت برنامج فضائية الجزيرة عن النفط السوداني الذي جرى بثه بالخميس الثاني من اغسطس الجاري فأدخل على نفسي بؤسا وتعاسة لا يعلم بها الا الله. ومن فرط اليأس والاحباط استنجدت بالصديق كمال الجزولي فطلبته على التلفون ورغم انه كان عائدا لتوه من سفر الا انه قضي معي الدقائق الاربع والثلاثين التي يتيحها كرت التلفون مدفوع الثمن دون ان نرفع عنا وعثاء اليأس من مستقبل اولادنا في وطن اسمه السودان. وذلك ان البرنامج المذكور اقنعنا بالدليل والبرهان بأن بلادنا على وشك التمزق والانهيار وان ذلك سيبدأ في مدى ثلاث سنوات او اقل بانفصال الجنوب عن الشمال حاملا معه تلك الثروة البترولية التي كنا نؤمل في استغلالها لمصلحة الطرفين وسعادتهما في وطن كبير يتوسط القارة الافريقية ويمكن ان يصبح من دولها المؤثرة.وهكذا تبادلنا البكاء على اكتاف بعضنا البعض على الوطن الذي انجبنا ورعانا وبدورنا انجبنا له الاولاد والبنات ليخدموه ويحرسوه وبعد عمر مديد يسلمونه لاولادهم واحفادهم.فاذا كل ذلك احلام تكفل ضوء الحقيقة الباهر بتبديدها. وزاد من عمق المأتم مقالة للصديق طه النعمان في ''آخر لحظة'' الغراء شكا فيها شكوانا وبكى بكاءنا في مقالة تقطر دمعا على مستقبل الوطن الذي تحتوشه مهددات أكبرها وأخطرها من صنع غفلتنا السياسية وقلة تدبرنا للعواقب.ولا أريد هنا ان اتهم احدا بضعف الوطنية او قلة الاكتراث بما يصيب السودان وشعبه من نوازل الدهر وانما استنكر الغفلة والجهل الذي لايليق بمن يتصدى للعمل العام وأسوأ ابواب ذلك الجهل هو عدم استشارة المستشارين وعدم العودة لاهل الاختصاص وعدم التروي قبل اتخاذ القرار النهائي.

الفكرة الاساسية للبرنامج تقول ان الامريكيين ممثلين بشركة شيفرون هم الذين اكتشفوا النفط السوداني بتكلفة مقدارها «16» مليارا من الدولارات ولكنهم اضطروا للخروج من السودان قبل ان يستغلوا ذلك النفط تجاريا .وفي غيابهم قامت حكومة السودان بالتصرف في تلك الاكتشافات واتاحتها للآسيويين من صينيين وماليزيين ولذلك قرر الامريكيون استعادة مواقعهم المفقودة عن طريق المدخل الجنوبي للبلاد فضغطوا في مفاوضات نيفاشا حتى تقرر حق تقرير المصير للجنوبيين وذلك املا بأن يختار الجنوب الانفصال فتؤول اليه كل الحقول النفطية . ونظرا لعدم الانسجام بين الجنوبيين والصينيين فسوف يتم استبعاد الأخيرين وعودة الامريكيين من الباب الخلفي

كنت دائما ضد تقرير المصير للجنوب وقد يشهد لي بذلك الاستاذ طه النعمان الذي نشرت في ''أخبار العرب''حين كانت تحت رئاسته عدة مقالات تسنكر الفكرة وهي بعد فكرة واستوى عندي في ذلك رضاء المعارضة بذلك وسماح نفسها به في مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا ومن ثم رضاء الحكم وموافقته الملزمة على نفس القسمة الظالمة. وقد نجد للمعارضة بعض العذر لا اقول كل العذر لكونها تستقوي بالحركة الشعبية وتريد ان تكسبها لجانبها مضمرة لها الغدر او الوفاء وكلاهما معيب..ولكن ما هي مبررات الحكم ولماذا ارتضى المغامرة بمستقبل الوطن؟ وماذا كان يخاف وماذا كان يرتجي من توقيع اتفاق في قبح نيفاشا وظلمها لأجيال السودانيين.وهو اتفاق لم يسبقنا اليه احد فليس في الدنيا دولة قبلت باقتطاع شبر من ترابها لتكسب السلام ويرتاح اهلها من القتال، وفي تردادي لتلك الاقوال كان كثيرون يشيرون الى ارتريا بوصفها الاستثناء الوحيد وكنت أرد قائلا ان ارتريا لم تكن يوما جزءا من اثيوبيا وانها بلد مستقل عهدت به الامم المتحدة لاثيوبيا لترعاه حتى ينال استقلاله وبدلا من تلك الرعاية قام امبراطور اثيوبيا بضمها الى امبراطوريته. فلا عجب ان تستعيد ارتريا حريتها وكيانها المستقل.

عموما لا داعي لهذه الحسرة وقد قضي الأمر وقد هرب الحصان فلا فائدة من اغلاق الاصطبل وعلينا ان نستعد لمستقبل بائس يؤكد وضعيتنا في طليعة الدول الفاشلة فليس هنالك من فشل اكثر من تمزيق الوحدة الترابية للبلاد والتفريط في اقليمها