اهل الوجعة فى السودان الحديث أكثر وعيا من راكبى قطر الحداثه !!

حينما نال منى الزعيم الخالد "جون قرنق" تقديرا واحتراما كان البعض يصفه بالخارج والمتمرد والعميل والماركسى وخلاف ذلك من الأوصاف.
كنت اشعر بأن الرجل سودانى ووطنى اصيل رغم التعتيم على اقواله وافعاله ومحاولة تشويه صورته وتزييف حقيقته خاصة فى الدول العربيه، حيث كان يصور وكانه شيوعى تارة أو عميل امريكى وصهيونى تارة أخرى هدفه تنصير السودان كله بالقوه أو انه العدو الأكبر للأسلام، فى وقت ما كان يشعر فيه اؤلئك البعض بأى انتقاص لحقوق المواطنين الآخرين مثلهم حينما يدعون لقيم دينهم الأسلامى ومشروعهم الحضارى الزائف!!
شئ جميل ورائع أن يجمع اهل السودان كلهم خلال تلك الأحتفاليه التى اقيمت لذكرى استشهاده الثانيه، ولم يخرج عن ذلك الأجماع خارج حتى من بين الخوارج، ومن عجب ملاحظتى لمندوب المؤتمر الوطنى حينما كان يتحدث وهو يشير لشعار حزب الوفد المتمثل فى احتضان الهلال للصليب، ويقول أن "قرنق" كان يدعو الى مثل هذه المفاهيم !!
(طيب من زمان وين) ؟؟
ولماذا التجييش والأقتتال ونفرات الجهات وعرس الفداء والذى منه ؟؟
لقد كان "قرنق" سودانيا وحدويا أكثر من اى سودانى آخر,وأكثر ما يحزننى الآن انى اشعر بأن السودن فى طريقه للتفتت والأنقسام على الأقل لدولتين اذا لم يكن لأكثر من دوله.
والعلاج والمخارجه لن تحدث بالنوايا الحسنه أو من خلال التنازلات الطفيفه أو كلمات المجامله المعسوله أو التكتيكيات التى يلجأ لها كل حزب للفوز بأكبر جزء من الكيكه عير عابيئن بالخطر القادم الذى يمكن أن يلتهم تلك الكيكه بكاملها.
العلاج يحتاج الى تضحيات جسام والى نكران الذات والزمن يمضى وفى كل يوم يقترب الخطر أكثر.
"قرنق" لم يتنكر لهوية أو ثقافة أو دين من الأديان ولم يسم جزء من السودانيين بالجلابه والجلابه من بينهم من هم أكثر محبة ومودة لقرنق ولفكره من الذين يدعون انتماء للعنصر الزنجى الصرف، تشدقا وادعاء وسعيا لركوب قطار السودان الحديث دون أن يدفعوا قيمة التذكره.
الطريقة التى اعدت بها تلك الأحتفاليه كانت رائعه فى جميع جوانبها بدء من الأستقبال على نهج حضارى الذى كانت تشرف عليه سيدات وآنسات الحركة الشعبيه.
القيت كلمات رائعه فى حق الرجل من مختلف المدعوين مصريين وسودانيين مثلوا احزاب الحكومه والمعارضه، والشئ الوحيد السلبى هو عدم تخصيص فر صة تحدث لأكبر حزب سودانى على وجه الأرض وهو حزب الصامتين أو المستقلين الذين يهمهم السودان وحده لا مصلحة هذا الحزب أو ذاك.

مع أستغرابى وتعجبى الشديد لوجود مكتبين للحركة الشعبيه فى مصر احدهما يمثل حكومة الجنوب ووجود مكتب للمؤتمر الوطنى فى وجود السفاره السودانيه وهذه اول حاله تسجل فى العالم على ما اعتقد لوجود مكتب فى الخارج للحزب الحاكم وكانه مطارد من قبل الحكومه أو ان افراده يتعرضون للمضايقات!!
شئ اكثر من مؤسف ان يكون للحزب الحاكم فرع خارج ترابه.
لكن وعلى كل حال تحدث ممثل حكومة الجنوب السيد منار بلسان عربى مبين دون اى شعور بدونية أو عقد وأستشهد بايات قرانيه .. لكنه لم يجامل او ينافق او يداهن فقد شكر الحزب الأتحادى الديمقراطى والسيد محمد عثمان الميرغنى على سعيه الجاد لتوقيع اتفاقية سلام فى عام 1988 وانتقد موقف حزب الأمه والسيد الصادق المهدى فى ذلك الوقت، وانتقد نفرات الجهاد التى دعت لها الأنقاذ فى بداية عهدها واستمرت لفترة طويلة من الوقت، وقال السيد منار لكى يكون شعار الوحده جاذبا فالأمر ليس هينا وانما يحتاج الى كثير من الجهد ودعى العرب للأستثمار فى الجنوب ، فلماذا يسئ ادعياء "السودان الحديث" الملكيون أكثر من الملك للجلابه ودعاة السودان الحديث الأصليون يطلبون من الجلابه أن يساهموا معهم فى بناء الجنوب وأن يستثمروا فيه؟؟