تقديم..شكر .. وإعتذار... الأديب..الحصيف..عبد الغني كرم الله ..بعد التحية والتقدير..أستميحك العذر ..فقد راقتني فكرتك.. وداعبت خيالي ..وسلمتني نفسها..طائعة..فركبتها..حرفا..يجاري حرفك..ولا يقوى على لحاقه..فقصبك..سابق ..وقدحك معلى...وأكتفي بتفيئ الظل..وإلتقاط المعاني ..الحكيمة المنثورة ..تحت أقدام دوحتك الغناء... شكرا..لك وعذرا..لك ..وعتبى... ولنا..المتعة..وولادة المعاني ..من قدح حجارة..التفكر.. ودي وتقديري... ............:- عندما لمحتها ..قادمة من طرف الميدان ..المزدحم ..ركضت..عبر الطريق المسفلت..بجنون..بكل قواي..غير عابئ .. بالبصات المتخمة..المترهلة .. تئط .. معترضة طريقي.. تسربت تحت إطاراتها بجرأة ..لم أعهدها في نفسي..أو ربما هو حب الحياة..دفعني ..لأنشد النجاة بين أقدام الموت ..لا .. ولم أعبأ بالوجوه العابسة.. والأقدام ..المغبرة التي حاولت إعتراض طريقي..أكثر من مرة ..تعثرت .. تحتها .. وعلقت بها.. ثم إنفلت ..راكضاً..بعيدا عنها..وهي تتقدم نحوي ..بإصرار عنيد..وشعرها الغزير ..يطير حولها في كل الإتجاهات..يمتد بطول المدى..ويداها ..مشرعتان..أمامها...تتمددان خلفي... وعندما جاز لي أن أعبر الطريق..إلتفت ورائي..بحثت عنها طويلا..بين الأقدام المتشابكة ..كالأعشاب الجافة ..لم ألمحها..لم أرى شيئا...تنفست الصعداء...و لم أعد قادرا على الوقوف ..فوقعت هامداً ...وقبل أن تأخذني الخواطر الحزينة إلى فضاءات الإنتظار اللامتناهي..إنتظار القادم المجهول ..كبر سأمي ..وتغلغل ..وطالت رقدتي.. في جوف موتتي .. الحية ..ولم أعد قادرا .. على حمل مخلاة حنيني ..المفرغة ..إلا من حجارة الإنتظار المدببة .. مغروسة بجوفي ..ولم أكن قادرا.. بعد فراقها.. على نعي نفسي .. لنفسي ... ومن جوف موتتي الحية ..أحسست بإقترابها مني ..مرة أخرى ..لحقت بي .. وقبلتني..مثل لفحة الهجير .. مثل بوح المحب ..وتسربت إلى جوفي الخاوي تنهيدة جذلى...انتفضت .. نصف إنتفاضة ..وقفت نصف وقفة ..لوهلة ..قصيرة .. ثم هويت تحت قدميها..مستسلما ً ..أشهق ...من فرح اللقاء..وشدة الحنين ..كانت تتأرجح ..فوق رأسي بنشوة طفولية .. و تضحك..من كل قلبها..وشعرها الغزير .. الطويل طول المدى ..يطير في كل الإتجاهات... وبدأنا لعبة الحب ..والتخفي..من جديد..أركض وأتدحرج على الرصيف وهي تطاردني وتحتويني من جديد.. ..من جميع جوانبي..تحتويني.. من جميع الجهات..وتتسرب إلى جوفي..فأنتشي .. وأتذوق طعم الحياة...أتكون الحياة ..بلا صيرورة..بلا حركة ..وتغيير..لا قطعا..لا .. سألت نفسي ..من أين لها هذه القدرة العجيبة..على الإحتواء.. والتغلغل ..ترى هل رقت لها .. أو أنها ترثى لحالي.. مجرد رثاء.. كما يفعل الأخرون.. بل هم لا يكترثون ..فالرثاء..حالة ..لا ترقى إليها..أنت ..آلمتني هذه الفكرة .. ولكني..لبست مسوح الفلاسفة.. و..أقنعت نفسي بأن التجاهل ..هو الوجه الآخر للفناء..وأنه خير ألف مرة.. من وجود..يبنى من طوب النظرات المشفقة..الملقاة على قارعة وجوه عبوسة... لمارة .. مهرولين ..منهكين ..منهمكين .. مغذين الخطو نحو حتوفهم ..المرصوصة بدقة..كاملة.. وإنتظام .. متناهي ..على رصيف الحياة القصير... مثل ذلك الأجعد ... المتربع خلف زجاج المقهي...ما باله يحدق بي طويلاً ..ويرمي إلي بنظراته " الغتيتة"..أمشفق هو ؟..أيسخر من رقدتي المستسلمة ..تحت قدميها.. ولكن فليعلم ..بأني لا أكترث له ..الحبة ....كم ..أكره الشفقة..فإنها تشعرني بمدى تورطي..وقلة حيلتي..ورغم تظاهري بالتجاهل ..قد فعلت نظراته الملحة فعلها ..و أشعلت غيظي ..فإنتقمت لنفسي منها..من عطفها الزائد .. الذي بدا لي في لحظة جنون .. بدا لي .. حجر شفقة ..خالص ..صرخت في وجهها..خذي عني غلالتك الشفيفة ..وأخرجي من جوفي..مثل زفرة الندم....ودعيني أركض عارياً .. هكذا شئت أن أكون.. هكذا شئت أن أكون..هكذا شئت ..بعيدا عنك...كأبعد ما يكون ... ولكنها لم تكتثرث .. لم تستجب ..لم تستفز..ولم ترخي حناياها من حولي ولم تطلق قيدي..تقلبت تدحرجت..مرارا..على حجارة الرصيف...لعلي أفلت منها.. دون فائدة.. وعندما رأيت الأخرى ..مستلقية ..تحت جدار المقهي....تفترش جمر الإنتظار.. والتوقع ..على قارعة الرصيف..تنتظر غائبا.. لن يعود..وما عساه أن يعود .. وهي ..خاوية ...إلا ..من بقايا عطر..تعشقته الريح ...فسافر..على سروجها...إلى بلاد الفراش.... ولا أدري إن بقي بجوفها .. قلب يعقل.. ويحس .. معنى الهجر .. والعزلة..وطعم العيش في بئر التجاهل والإزدراء..الفطير.. أولها ..قلب يدرك معنى أنها.. تبذل جسدها..رخيصا..للعابرين ..تبذل جسدها وحسب ..لأنها لا تملك غيره شيئا .. يبذل.. ولا تملك.. خيارا.. سوى أن تبذله ...فتزدري نفسها كل صبح جديد..تزدري نفسها..بشكل مختلف ..على نفس الخطيئة ..فيكون ذلك مؤلما بصورة مختلفة ..تزدري نفسها ..على الخطايا التي لم تتمكن من إرتكابها..فأودت بنفسها..لقيطة.. تحت رحمة المشاة..الباحثين عن الرحمة..لأنفسهم..مر كل ذلك الخاطر بذهني في لمحة.. وأنا أواصل دحرجتي من طرف الرصيف .. تجاه حائط المقهي ... المدهون..بعناية ..تخفي بطاقات هوية المشردين .. التي نقشوها بعرق ظهورهم إتكاءا على الجدران....يتكسبون ..الفتات..تحت حر النهار .. ويحترقون ببطء..كل يوم ..كل لحظة ..وقودا للهاجرة...في نهارات الخرطوم ..الحارة .. ليزيدوا آلام ..ظهرها...في شهرها التاسع ..والأخير... أقول..تناوشتني الخاطرة..وكنت مدركا تماما ..لتلك الحالة النفسية.. التي تستوطن جوف من يبيع جسده ..مقابل لا شئ...لا شئ ألبتة ..لا شئ حتى الإحتقار..الذي هو في أحد وجوهه ..شهادة إعتراف بالوجود...فلا يمكن أن نحتقر ما هو غير موجود..نعم .. بئيسة هذه الحالة ...كنت أدرك حالها..وأوقن بأنه لا يوجد لديها ما قد يفيدني في ورطتي ... و رغم ذلك دفعني غيظي من نظرات الإشفاق .. إلى تمردي على ذاتي وعلى ذات الشعر الممدود بطول المدى ..هربت منها .. إلى هذه..التي لا تقوى حتى على اليأس .. ولا تحتمل الأمل ...مددت يدي ..وتعلقت..بعنقها...وتشبثت بذيل ..عطرها .. المغادر.. وبقدرة قادر.. دبت الحياة في جسدها الخاوي..فشهقت..وتقلبت ..وأسلمتني عنقها..أثارني استسلامها الكامل..المطلق..اللامشروط..لقبضة يدي..يدي التي كانت بدورها تبحث عن خلاص..نعم.. ها أنذا قد تورطت مرة أخرى ..همست في أذنها .. كهمس الريح في جوفي ..أنا لا أملك لك حتى قبضة شفقة.. ألقيها في جوفك..لا أملك من الشفقة ما يكفي لقتلك...فدعيني ... وواصلي تكومك في فراغك ..وخوائك الذي بدأ ...ولم .. ولن ينتهي ... إقتلعت يدي من عنقها..مثل قلادة .. منزوعة بيد الغيرة...وسلمت نفسي بالكامل ... لذات الشعر الغزير..المتطاير ..في كل الإتجاهات..الممتد..بطول المدى ..تقلبني كيف تشاء...وتحلق بي بعيدا..في السماء..تشيعني ..نظرات الإشفاق..أو ربما الحسد... من صاحب الشعر الأجعد..المتربع خلف زجاج المقهى..الصقيل...
أنتهى بصري، لم يعد هناك مخلوق أجعد يترصدني، ابتلعته يد المسافات، يد الغوص في عروق البحر ..الدائرة ..بعنفوان الأعاصير.. أخذته إلى أعماق بعيد ة، حيث تتمنى من كل قلبك..أن تكون نفسك غير نفسك، بل غيرك، حيث تنتهي الأوهام والتوقعات..وتتحقق النبوءات..بدقة الرسومات الهندسية...
لا شي في الأض الآن، لا شي على الإطلاق...سوى ثقوب..كبيرة...في غلافها الأوزوني..المهلهل.. وكائنات شائهة .. تلتهم ..كل شئ ..كل شئ ..
محمد علي..يا باشا يا أصيل..ملحك..ما هو شوية..مداخلاتك ..في كثير من الأوقات..صدتني عن فكرة المغادرة...لحال سبيلي ...بعد أن بدا المنبر في كثير من الأحيان ...كلام الطير في الباقير...أو حوار الطرشان... صدقني..أخوك ..بس بيحاول ونفسو قصير تب..لو صابت المرة دي ..المرات الجاية في علم الله...أشكر لك الحضور..العطر..والمداخلات المحفزة... لك ودي وتقديري...
07-21-2007, 11:31 AM
ibrahim fadlalla
ibrahim fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 2585
يا لحبري المسكين...ويا لقلمك المبدع..المتميز..الهادف إشراقة..ليكن مرورك..شمسا ..تشرق علينا بجديد المعاني.. وذلك حدث... أنتظره ...بلهفة القلب العاشق...في أول موعد حب مراهق..
لك ودي وتقديري...
07-21-2007, 11:03 AM
ibrahim fadlalla
ibrahim fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 2585
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة