أن تكون إنصرافياً عاقلاً خيرٌ لك من أن تكون ملتزماً أحمقاَ

لماذا يؤم بعضنا بوستات الونسة ويستنكف المساهمة في بوستات الشأن العام

أولا الشكر للمهندس/ بكري الذي أتاح لنا هذه المساحة السابيبرية التي من خلالها وعبرها نتنفس نحن المغتربون في أصقاع الأرض على إختلاف الظروف الزمانية والمكانية والإجتماعية التي دعتنا للاغتراب.. وهذه مسلمة لا تحتاج لجدال.. فأنت في الغربة في العمل وفي الشارع وفي كل مكان تتكلم لسانا غير لسانك وتعيش ظروفا محيطة غريبة عنك مهما حاولت أو تصنّعت الاندماج والانصهار في تلك المجتمعات الغريبة عنك مهما أدعيت موافقتها لهواك ومبتغاك ...

ولكننا عندما نأتي وكلنا حماس في المساهمة للإدلاء بدولنا وإثراء وجهات النظر التي يتداولها المتداولون,.. وما أن نطأ أصابعنا بوستا ذي طابع عام يهمنا جميعا كسودانيين إلا وتزكم أنفونا روائح الشتم والردح والتخوين والتجهيل والغوص في الأعراض ... وإن حاول أحدنا أن يوفق بين أي من الفرقاء أتهم بأنه يحاول مسك العصا من النصف في أحسن الأحوال إن لم يطاله بعض السباب واللعان.. والمصيبة أنك لا تستطيع أن تقول لأحدهم أنك أخطأت في كذا وكذا .. فلن يعترف أحد بخطأه وإن طال عنان السماء... بالله عليكم..كيف لنا أن نشارك ونساهم ونثري النقاش العام ونحن في هكذا أجواء. أنا لا أستطيع أن أشتم أحدا.. لا استطيع أن أتقبل شتيمة من أحد.. لذلك فأنا أنأى بنفسي عن هكذا مواقف.. وخير لي ألف مرة أن أكون إنصرافياً عاقلاً متزناً من أن أكون ملتزما أحمقا .. أوزع الشتائم يمنة ويسارا..

أخوتي الأعزاء.. أنا لا أقصد أحدا بعينه فكل البوستات الملتزمة بقضية معينة أو تبحث في شأن عام تفوح رائحتها... وأنا لا أحمل أي أحد المسئولية ولكن أتمنى على الجميع الوقفة مع النفس ومراجعة المداخلات وتقييمها ومجرد المحاولة أن يغيروا الأسلوب وأن يكفوا عن الشتم والاستهزاء والتقليل من شأن بعضنا البعض. فهذا الأسلوب يبعد الكثيرين من المشاركة. فأنا مثلا حتى عندما يكون لي رأي أو معلومة موثقة أخاف.. والله أخاف أن أفصح عنها لأن مستوى النقاش ليس فيه ذرة من احترام.. ربما يقول قائل إن كل هذا لن يعفيك من قولة الحق.. وأنا أوافقه غير أنني أؤكد له أنه أهون عليَ أن أحتفظ بقولة الحق لنفسي من أجر على نفسي وعائلتي سبابا ولعانا كل ذنبي فيه أنني حاولت أن أساهم في ألقي الضوء على عُتم إكتنفت القضية المطروحة.. كما أن ليس لدي الوقت ولا الأمكانات أو حتى الرغبة في أن أقاضي الشاتمين.. هذا إن وجد قانون أصلا للحماية والتعويض.. هذا بخلاف المعضلات الفنية من مكان رفع القضايا وكيفية المتابعة وإلى غير ذلك..

الأخوة الأعزاء
صدقوني أنا وغيري كثير من الصامتين الذين لا يفكرون مجرد التفكير في المشاركة في بوستات الونسة والدردشة والكورة والأخبار الخفيفة حتى ولن نشارك في بوستات الرأي العام والسياسة حتى يتوقف الشتم والقذف والسب واللعن.. وأنا أدري بأننا ربما لا ننقص من أعداد المتداخلين ولكننا حتماً سنقلص أعداد المشتومين وتلك غاية سامية في حد ذاتها..

هل هذا موقف يوطوبياوي utopin ؟

هل هي مثالية بغيضة ؟

هل هي ترف فكري ؟

ربما كل ذلك أو أكثر ولكننا لن نكون وقودا لفكر يتوشح بالشتائم.. وإلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا سنُغرق في الونسة والأخبار الخفيفة مع كل الحب والأماني لكل أخواني على مختلف مواقفهم.