(قرنق).. الموت على حافة الإنتظار والإنتصار

(قرنق).. الموت على حافة الإنتظار والإنتصار


06-26-2007, 08:26 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=140&msg=1182886017&rn=1


Post: #1
Title: (قرنق).. الموت على حافة الإنتظار والإنتصار
Author: كمال علي الزين
Date: 06-26-2007, 08:26 PM
Parent: #0

(1)

عثروا على جتثه تتوسط (خور أبوعنجة) بعد أن تلقى عدة طعنات غادرة على جنبه الأيمن من الخلف ).


لا أدري من أين أتى به (عبدالكريم الكابلي) , فقد جاءنا بعد أن تربى ببيته ..

حياته التي وضع فيها بقلوبنا ذكري ومحبة لاتفنيان , لم تتعد الثمانية عشر

عاماً , كان هاشاً باشاً خدوماً مقداماً , سمحاً لا يكدره زل تشرده وحاجته ويتمه

وإلتحافه السماء أمام دكان (بلال ) بعد أن غادر منزل (الكابلي) ليعمل مساعداً

(لبلال البقال) .

و(بلال) هو أحد أبناء (الدويم) الذين حلوا محل (أبناء دارفور ومن قبلهم

اليمانية) في سوق البقالة بأزقة أمدرمان وحواريها .

كان (قرنق) سهل القياد مطيعاً نشطاً لا تصدر منه (العيبة) , يحترم الكبير

والصغير ويخفض جناح الزل لأمهاتنامن الرحمة , أحببناه وصار أحد أفراد ذلك

الحي وتلك الأسر الأمدرمانية الممتدة التي تسكن بأجيالها المختلفة داخل (حيشان

مو######## ) كابراً عن كابر .

إقتحمها (قرنق الجنوبي المسيحي ) الذي صار أسمه أيضاً (عبدالله الجنوبي ) دون

أن يترك المسيحية أو يدخل الإسلام , كان هكذا ,أبننا جميعاً وأخاناً جميعاً ,

أقباطاً ومسلمين ,

شماليين وجنوبيين وحتى من تعود أصولهم إلى الهند أو الشام أو مصر من أبناء

ذلك الحي لم يصعب على (قرنق) أو (عبدالله) إقتحام حيواتهم ومشاطرتهم أفراحهم

وأحزانهم .

لا تستطيع أن تفوت على نفسك متعة المرور بدكان (بلال ) لرؤية (قرنق) صباحاً

عندما يتجمع طلاب الجامعات التي تتخذ من الحي مقراً لها لتناول وجبة الإفطار

على يد (قرنق) وعلى أنغام مداعبته للفتيان والفتيات وترديده أغنيات

(كابلي ) بصوت عزب رخيم , لاهو شمالي ولا هو بجنوبي , صوت تحبه وتطرب له ,

لأنه لايجبرك على البحث عن هويته , فهو على غير طبيعة الأشياء في تلك البلاد,

سوداني فقط دون تخصيص .

Post: #2
Title: Re: (قرنق).. الموت على حافة الإنتظار والإنتصار
Author: كمال علي الزين
Date: 06-26-2007, 08:50 PM

(2)

(قرنق الصغير) كان طرفاً في حرب أخرى غير التي خاضها سمييه (الكبير) , كان يحارب من

أجل لقمة عيشه وموضع رأسه ليلاً (وهذه لا تنفصل عن تلك الحرب) , إلى أنه كان يخوضها

بمحبة وقناعة ورضاء بماقسمه له الله وماناوشته من خطوب الدنيا وهو بعد غضاً .

لا أدري لماذا ماتا (قرنق الكبير والصغير ) , بعد أن أنتصرا كل على طريقته , فقد

شهدنا جميعنا إنتصار أخانا (قرنق الصغير) حين صار أحد أركان ذلك الحي وتلك البيوت ,

إلا أن ما يثير الدهشة ويعد من غرائب الأمور , أنه ثمة مايربط (قرنق الصغير) بسمييه

(قرنق الكبير) والذي رافقه إلى الآخرة أيضاً ..!

Post: #3
Title: Re: (قرنق).. الموت على حافة الإنتظار والإنتصار
Author: كمال علي الزين
Date: 06-26-2007, 09:15 PM
Parent: #2

(3)

يتوعده دائماً قائلاً وإبتسامته لا تفارق محياها:

(بكرة يابلال عمي قرنق بجي الخرطوم وبخلص منك القديم والجديد)

يرد عليه بلال ساخراً : شوف إبن الكلب أنا سويت ليك شنو ؟ بعدين ياخوي قوم (بل الفول ) باين إنتظارك لي عمك قرنق حايطول .

ويضجا ضاحكين بعد أن كانا في أشد حالات العداء والركل والرفس .

يهم (قرنق) بأداء عمله في تكاسل متعمد وهو يتمتم :

بكرة لما يجي عمو (قرنق) الخرطوم , أمانة أتعبك تعب ..!

يرد بلال بسرعة :

ياخوي لا تتعبني ولا أتعبك يجي عمك ده يسوقك وتغور كده ولا كدة من خلقتي وأرتاح منك ومن قلة أدبك دي .

إلا أن (قرنق ) سرعان ما يجد مبتغاه حين يهتف بوجهه :

يسوقني وين يالذيذ , بعدها أنا حا أبقى سيد الدكان وإنتا تشتغل شغلي ده وفوقوا تغسل هدومي إنتا قايل هو منتظروا عشان يجي يحكم البلد دي , لا والله البلد تطير أنا منتظرو عشان حاجتين .

يرد بلال :

والله يا العفين كمان بقيت تتكلم زي ناس المفاوضات وعندك شروط , أها ورينا (أجندتك) ياقول ناس السياسة ؟

يرد (قرنق ) وهو يشعل النار لينضج الفول :

الحاجة الأولي إنو أنا أعكس الآية يعني أنا أبقى بلال وإنتا تبقى قرنق وأنجضك شغل ومشاوير وقلة نوم زي مانجضتني .

يرد بلال :

دي هينا مبروك عليك (محلات هارديز دي) , طبعاً يا جاهل مابتعرف (هارديز دي شنو ) ماعلينا والحاجة التانية شنو كمان ؟؟

يرد (قرنق) :

دي كان قلتها ليك الليلة مابننوم , أحسن تخليها لما يجي عمو قرنق مفاجأة يعني ؟

يعتدل بلال في رقدته ليقول : مفاجآت شنو يا (قرنق )السجم , أوعا تكون عاوز تطردني من بيتي كمان وتستولى عليهو , ماياهو ده الفضل ؟

يرد (قرنق) في خبث وفرح مصطنع :

بس قربت والله , هو ما حا أطردك ولا حاجة لكن حا ...

يقاطعه بلال : حا شنو

يرد قرنق : حا .. حا ..

أعرس (البيضا) أختك ديك .

ويواصل جررة بلال إلى غضبته تلك التي تجعلهما يتراكضان ويتصارعان ثم يعاودا عملهما في

صمت .