البرينـــسيـــســـه .................. قصـــه قصيره

قـــصه قصـــيره
-----------------------


الساعة الان تشير الى السادسة الا ثلثا ...
تتعرى الشمس من بريقها وتهبط من عرشها المدارى الخلاق ،والمساء ينفث نسيماته أفواجاً متقطعة والنيل يتلوى وتتمدد أحزانه من كوة هناك فى الحريق الجنوبى ...يتهادى وتتصارع أمواجه والحيتان الكبيرة فيه اتجاه الشمال .
أزيز السيارت على شارع النيل يختلط متصاعدا مع زحام مرتادى سينما (الصداقه)ومدمنى التسكع على شارع النيل و(البرينسيسة)تسير فى قلب الضجيج غير أبهة وعلى مهل .
ظل صوته يتهدج وينبعث من بين حركةيديه وينعكس عمودياً على طبلة أذنها ..ناعما وحادا كالنصل ...(لابد من انفلات حتى ولو الى حين...)هكذا حدثها صوت قادم من أعماقها فى نزوة جارفة...وتدور بها الذاكرة تغوص ...تغوص فى تلافيف الماضى البعيد وتدور ...مشهد من هناك ،مشهد من هنا وتداخلت المشاهد والصور عليها (كم مخيفة وجميلة هى الحياة هنا ،لو كان جدى فى تلك الليلة أمتثل لطاغوت (الخليفة)ولم يهرب من أم درمان الى صحارى كردفان لكانت الأشياء الآن لها طعم اخر،...)أترى هل صواباً ما ردده ذاك المجنون ساخراًمن النظام أمام بوابة الجامعة (ان الهزيمة يتوارثها الأبناء جيلا بعد جيل كذلك النصر)
اه...وهشام لايطيق السياسة ،انه وسيم وأنيق وخفيف الروح وفارغ مثلى تماما .
ضغط بيده على أصابعها النحيلة حتى أفاقت من شرودها وهمس ، اشاحت بوجهها عنه فى غنج مفتعل أربكته ،ازدرد ريقه مره أولى وثانيه وثالثه وبعد الرابعة تلعثم وقال:شنو الحكاية داخله فى زمن تانى كدا...؟.
انطرحت أساريرها وبدأت تنسج شراكها فضغطت على يده وسحبتها على عجل .
اصطادته فى حفل أقامته "رابطه طلاب جزر القمر" بالجامعة واذكر يومها حينما هربت به وخبأته فى "كافتريا الصخور " ...كنا أنا وخديجه فرغنا من تصوير "روايه الزنديه " حيث وعدتنا أميرة "البرينسيسة" بدفع نفقات التصوير, اندهشنا حينها لذاك الكرم الحاتمى المفاجئ ومنذ ذاك الحين اختفت ولم نشاهدها الا فى هذا المساء .
تذكرت كلمات خديجه وكيف ان صديقات البرينسيسة تأمرن عليها وسحبنا من حقيبتها معظم فلوسها الى (رشا الشريرة)التى تسكن معها بداخلية سوق (أم دفسوا)جهة بانت غرب فاضطرت البرينسيسة للذهاب بهشام الى (كافتريا الصخور)حيث جماعات العزابة والشعوب الفقيرة.
عموما كان راى خديجه واضحا فى هذه المعركة التى أشعلتها البرينسية حيث أنها اقترفت أثما كبيرا باختطاف هشام من بين براثن مجموعه لا يستهان بها من برينسيسات مدن الأسمنت .
هذه المعركة الخفية لسنا وحدنا كنا نرقبها فقد أطلق عليها (يعقوب الكردفانى) معركة تحرير العصافير المهاجرة وتابع عن قرب كل فصولها السرية ...جولاتها وصولاتها وقام بتجنيد مجموعة من بنات الأحياء القديمة خاصة حى(كمبوديا الحره )حيث كنا يتميزن على حد قول فلسفته تلك والتى لا اتفق معه عليها ...يتميزن بخصائص غير متوفرة فى بنات أبو روف أو ييت المال مثلا ...
عموما كان راى خديجه واضحاً رغم قسوته وتورطه فى مؤثرات أنثويه حاولت كثيراً اخفائها ...الا أنها لاتخلو من صواب ،وكانت تردد :أن البرينسيسة عليها الا تتعشم ولا تتوهم فى أكثر من هذا النجاح المؤقت والمحدود وعليها أن تعود الى حظيرتها باقل الخسارات ،مدعمه قولها بحكمة لاحدى الحبوبات (الطبع يغلب التطبع )وان أبناء المغتربين المعلبين فى شقق الخليج وما جاوره، ينفتحون فى بدايات حياتهم ومن ثم يعودون الى الانكماش التدريجى نتيجة لارتفاع حرارة الطقس وعوامل أخرى "فيزيو أجتماعيه" مردها أن الطيور على أشكالها تقع ... كانت خديجه متشددةفى أحكامها تلك وكنت أقول لها (بأن هذا ألامر لايخصنى وانه شأن نسوى يخصهن لوحدهن).
لحظتها كانت البرينسيسة ذاك المساء ترتدى بنطالاً من الجينز يسمونه هنا فى المدينه الكبيرة (عفريته)وتضع على عينها نظاره سوداء صغيره تنبعث من خلفها نظرات زائقة وتعبث بخصلات شعرها المنسدل على الكتفين باهمال مهول ...
لم تمهلنا شارات المرور من التلصــص واشباع فضولنا الريفى فتحرك بنا (الدفار)مسرعا وخديجه تزم شفتيها كعادة الخالات وصوت الكمسارى يرتفع وينخفض منادينا ... شعبى...شعبى...أمدرمان شعبى... شعبيى...شعبى بالأربعين ...شعبى أمدرمان
أمدرمان مارس 2000م

Quote: تتعرى الشمس من بريقها وتهبط من عرشها المدارى الخلاق ،والمساء ينفث نسيماته أفواجاً متقطعة والنيل يتلوى وتتمدد أحزانه من كوة هناك فى الحريق الجنوبى ...يتهادى وتتصارع أمواجه والحيتان الكبيرة فيه اتجاه الشمال . أزيز السيارت على شارع النيل يختلط متصاعدا مع زحام مرتادى سينما (الصداقه)ومدمنى التسكع على شارع النيل و(البرينسيسة)تسير فى قلب الضجيج غير أبهة وعلى مهل .

شكراً عزيزي صلاح

سلمت

تمثل هذه القصة تاريخا وتوثيقا لفترة ربما لم بعشها كثير من ابنائنا
منذ ماقبل الانتفاضة الى ما بعدها وحتى الان
كتابة بسيطة ورصينة فى ان معا
تحاول قراءة الواقع بعين الكاتب
وهذه احد مهام الكتابة فى تعرية الواقع
محاولة رصده اجتماعيا وثقافيا
كيف كانت تدور الحياة فى الوسط والجامعات من ثم
شكرا لك يا صلاح على هذه الاميرة

خضـــر حسين

عظيم شكرى وتسلم ذائقتك المرهفه .. لك محبتى

سلمى الرائغه دوماً...
غياب الماسنجر حرمنا كثيرا حيث هناك كثير من الحديث كان ..
التزامن بالوصيه الجعلى أبو حازم كلفنى بنقل تحياته لك ..
أتابع بشكل دائم حضورك الراقى والمشرق على المنبر.. ..

مؤتمر الروايه الاسبوع القادم .. تابعى المنبر , سأقدم دراستى عن / عالم على الرفاعى الروائى / تقنية الكتابه/ قبيله من وراء خط الافق .. وعتدما يستيقظ النمل /( نموذجا)

لك مودتى