الأفندي يكبت حول سكوت وإسكات الصحافيين في وادي النيل

الأفندي يكبت حول سكوت وإسكات الصحافيين في وادي النيل


11-23-2007, 07:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=120&msg=1195843747&rn=0


Post: #1
Title: الأفندي يكبت حول سكوت وإسكات الصحافيين في وادي النيل
Author: Muhammad Elamin
Date: 11-23-2007, 07:49 PM


بين سكوت وإسكات الصحافيين في وادي النيل
د. عبدالوهاب الأفندي
23/11/2007

(1)
في وحدة غير تلك التي يتمناها أهل وادي النيل، أجمعت حكومتا مصر والسودان علي شن حملات هدفت إلي إسكات الصحافيين المعارضين باستخدام القضاء المتعاطف أو الاستثنائي.
ففي مصر المحروسة صدرت خلال الأسابيع الماضية أحكام متلاحقة بالسجن في حق صحافيين تحت تهم متنوعة كلها تتعلق بانتقادات للحكومة، بينما قدم الصحافي ابراهيم عيسي للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة لنشره أخباراً حول صحة الرئيس مبارك.

(2)
في السودان اختار الصحافيان محجوب عروة رئيس تحرير السوداني اليومية ونائبه نور الدين مدني السجن علي دفع غرامة قدرها عشرون ألف جنيه سوداني (عشرة آلاف دولار) بعد أن أدانتهما من محكمة ابتدائية بالإساءة إلي أجهزة الأمن، وذلك للفت الانتباه إلي التكتيك الجديد التي تتبعه الأجهزة الأمنية لاستخدام ساحات القضاء لتصفية الحسابات مع الصحافيين المعارضين، خاصة وأن جهاز الأمن قد رفع سلسلة من القضايا ضد تلك الصحيفة وصحف أخري.

(3)
أحد الصحافيين السودانيين علق بأن لجوء الأجهزة الأمنية للقضاء للشكوي ضد الصحافيين بدلاً من اعتقالهم بدون محاكمة يعتبر خطوة متقدمة. والطريف أن محاكمة صحافيي السوداني جاءت علي خلفية مقال انتقد اعتقال أجهزة الأمن لأربعة صحافيين بدون محاكمة لمجرد أنهم كانوا يغطون احتجاجات سلمية ضد بناء سد في شمال السودان، فكأن أجهزة الأمن تقول للصحافيين نحن نستطيع سجنكم بمحاكمة وبدون محاكمة!

(4)
لعل تقديم الصحافيين إلي المحاكم أفضل بكثير من اختطافهم وضربهم وتعذيبهم كما حدث لبعض الصحافيين في مصر (مثل عبدالحليم قنديل ومراسل الجزيرة حسين عبدالغني) أو اعتقالهم تعسفياً وحتي التحرش بهم جنسياً. ولكن الاستخدام التعسفي للإجراءات القانونية والقضائية لا يقل ضرراً عن الاعتقال والعدوان. فقد أخبرني أحد رؤساء التحرير السودانيين أنه لا يكاد يمر عليه يوم لا يكون مطلوباً فيه للمثول أمام لجان مجلس الصحافة والمطبوعات أو جهة أخري لمساءلته عما ينشر في صحيفته، مما يعتبر إهداراً واستنزافاً لوقته، وإساءة لاستخدام السلطة يضارع استخدام الإعلانات الحكومية كسلاح ضد المنتقدين.

(5)
من جهة أخري فإن السجن عبر حكم قضائي لايعتبر ظلماً أقل في حق من لا جرم له سوي التعبير عن رأيه، إضافة إلي أن المعتقلين من الصحافيين يتعرضون إلي إساءة معاملة إضافية كما حدث لكاتب المدونات السجين في مصر عبدالكريم سليمان الذي تعرض للضرب من قبل السجانين وعصابة من المساجين وهو داخل سجنه كما أوردت لجنة حماية الصحافيين هذا الأسبوع.

(6)
الطريف في هذا الأمر هو أن هذه الإجراءات التعسفية لا تخدم الغرض منها بل بالعكس. فأنا وكثيرون غيري من المتابعين للشأن السوداني لم نقرأ عمود الأستاذ نور مدني الذي سجن بسببه ولم نسمع عنه حتي سمعنا بقرار الإدانة، مما دفعنا للتحري والبحث لقراءته. والأمر مثل ذلك في كل قضية يتعرض فيها الصحافيون للاعتقال والمحاكمة، حيث يعاد نشر الخبر أو الموضوع، ويتم تداوله علي نطاق واسع لأشهر وربما سنوات. وهكذا تخسر الجهات الحكومية التي كانت تريد إسكات الصحافيين.

(7)
في مصر والسودان شهدنا تضامناً محموداً من كافة قطاعات الصحافيين مع المستهدفين بهذا التعسف، مثل اعتصام الصحافيين السودانيين ضد إغلاق جريدة السوداني واحتجاب الصحف المصرية المستقلة تضامناً مع الصحافيين المحكومين بالسجن. ولكنني أقترح هنا أسلوباً أفضل للتضامن، هو أن تقوم الصحف بإعادة نشر المقالات والأخبار التي أغضبت الحكومات (ما لم يكن فيها ما يؤثم أو يجرم بالطبع)، لان الاحتجاج بالاحتجاب هو عين ما تتمناه الحكومات المعارضة لحرية الصحافة، أما توسيع نشر الانتقادات الجريئة فهو ما تخشاه.

(8)
السؤال المهم هو لما ذا تصرف هذه السلطات كل هذا الجهد في إسكات الرأي الآخر بينما نجد الحكومات في البلدين تحتكر الإعلام المسموع والمشاهد، ولها هيمنة علي الإعلام المطبوع. فلماذا لا تبسط حجتها في إعلامها وترد علي أراجيف المرجفين رداً بليغاً يلقمهم حجراً؟