إلى الصبية اليانعة في (عيدها)

إلى الصبية اليانعة في (عيدها)


11-22-2007, 09:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=120&msg=1195763779&rn=2


Post: #1
Title: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: خالد عويس
Date: 11-22-2007, 09:36 PM
Parent: #0

- كنت في رحلة عمل تتعلق بتغطية احتفالات إثيوبيا بالألفية الجديدة:

هذه الصبية اليانعة، التي يتساقط ماء المطر من شعرها المبلل بالسحر. مغسولة بالجمال. مرشوشة بالسمرة، والكثير من القهوة. تلمس بقدميها الحافيتين الأرض المعشوشبة، وتروح تحاول أن تمسّ السماء. تدنيها إليها، وتناجيها. الموسيقى تنبعث من صدرها النافر. تنبعث من كلّ خلية فيها. موسيقى حزينة. موسيقى، تدغدغ أعماق الروح المتحفزة. وجهها النبيل، الذي يحاكي وجه ملكة مرّت منذ قرون. عيناها اللتان تخبئان أعمارا من الجمال، وأقمارا معلقة على سقفها.
هذه الصبية، حقا تجيد الرقص. تجيد الدلال. تهوى الموسيقى. الموسيقى منزرعة في أعماقها السحيقة. خلقت معها. تنمو أزهار "الأدّي" على أطراف أصابعها. وتغفو الغابات. تعريشة السماء الغائمة فوق هامتها المنتصبة. ومطر الموسيقى الذي لا يكفّ عن الانهمار. قطراته، قبلات على قدميها الخضروايين. هي..لا تشبه إلا نفسها. لا تشبه إلا موسيقاها المنبعثة من أعماق روحها. ورقصها الذي تختلج به كلّ خلية في جسدها الممشوق، لتنز وردا وغيما.حين ترقص، تنفلت خلاياها من مغنطيسها الأبدي، وتدور حول محاور غير مرئية، لتثبت - برهة - في مدار الآلهة.رائحة جسدها المضمّخ بحرارة الحقول، ونزواتها النارية. رغبة الرقص تصعد إلى رأسها.تدمدم في أعماقها. تشطر قلبها. تميتها وتحييها. تسري الرعشة في جدران خلاياها. ومن السرّ الأبدي المخبوء في خليتها الأولى، - كالشلال - تنهمر الألحان. تهبط. تصعد. تسري، كالثعابين. تتلوى. تزعق. تسيل. تتجمد. تحترق. تتبخر. تنام، كما طفلة متعبة. تشتعل.تشتعل. لتشتعل هي.
أنثى من أعلى سمائها، حتى أخمص عشبها الأخضر. أنثى تعشق فصلا واحدا في العام. هو فصلها الأبدي:الرقص تحت المطر. تتجمع حباته على زجاج الشرفات. وعلى أطراف عصي الرعاة، وقبعاتهم العريضة الحواف. وعلى الشوارع. الماء السماوي يغسل القلوب، كل صباح. أنثى، تمشط شعرها بالناي، والغيثارة. وتدلك جسمها بالقهوة. تدلقها عليها. وتتزين بالأحمر والأصفر والأخضر. ترمي شالها الأبيض على كتفها. وتلّف خصرها بقماش أخضر. يانعة هي. وزاهية إلى أقصى حدود النضرة.
تجيد إلى حد الجنون: الجنون. تعرف أن تكون معشوقة الموسيقى، وسيدة الرقص القادمة من كون آخر. كون لا حدود لألحانه السرمدية. وأن تنظر في عينيها الفاتنتين، معناه أن تغرق إلى حدّ النزق، في عشق لا يرحم.
وما أقسى أنثى لا تشبه إلا نفسها. وما أحلى أنثى، ليست إلا زهرة طبيعية. وما أقربها إلى الآلهة، حين تجيد إلى هذا الحد، تفاصيل الخلق والابداع. وما أقربها إلى الشيطان - أيضا - حين تجيد، إلى هذا الحد، الغواية. غواية الفن في أسمى صوره، وأكثرها جنونا. وغواية الصوت، حين يحاكي - تماما - "هضبتها" المترعة بالجمال. وغواية الجسد الذي تلتمع فوق سمرته، حبات المطر اليومي. وغواية الألحان، حين تهبط من كهفها السماوي - مباشرة - إلى هنا. لا، ليس إلى أيّ مكان آخر. فهي مستودع الألحان الساحرة.

Post: #2
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: serenader
Date: 11-22-2007, 10:49 PM
Parent: #1

هيييييييييييييه... يا حليل "ساندراس"!!

Post: #3
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: خالد عويس
Date: 11-23-2007, 02:52 PM

خاتم
تلك مدينة تتمنى لو تقضي العمر بأكمله فيها.

Post: #4
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: Emad Abdulla
Date: 11-23-2007, 04:37 PM
Parent: #3


مُطربٌ هذا يا خالد ..
يعيد لي ما شنأه بعضهم في حق بنت القهوة تلك التي ما يزال عالقٌ بي بعض أروما بُنها المحروق ..
فكأنما مقمّطةٌ جوارحي بالهضاب الأمهرية و عليها ..
يا رحمة الله بي .

مطربٌ يا خالد هذا النص ..


مودتي .



Post: #6
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: خالد عويس
Date: 11-23-2007, 06:31 PM
Parent: #4

عزيزي عماد
للأمكنة تأثير على المبدع.
وإثيوبيا بسمائها المدرارة وطقسها الجميل وسحرها الباذخ محفزة جدا على الكتابة.
أديس أبابا مدينة تمتشق الناي لتغني ليل نهار.

الخاتم.
شتان ما بين ساندراس و(أديس أبابا). فساندراس (مجرد فرع) مزروع في غير بيئته.

Post: #5
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: serenader
Date: 11-23-2007, 06:06 PM
Parent: #1

قصدك ساندراس ولا أديس؟ (تشابهت علينا الحبش!)

Post: #7
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: Mustafa Mahmoud
Date: 11-23-2007, 06:40 PM
Parent: #5

وردي في "اول غرام"




Post: #8
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: Mustafa Mahmoud
Date: 11-23-2007, 06:42 PM
Parent: #7

thanks ustaz khalid

أنثى من أعلى سمائها، حتى أخمص عشبها الأخضر. أنثى تعشق فصلا واحدا في العام. هو فصلها الأبدي:الرقص تحت المطر. تتجمع حباته على زجاج الشرفات. وعلى أطراف عصي الرعاة، وقبعاتهم العريضة الحواف. وعلى الشوارع. الماء السماوي يغسل القلوب، كل صباح. أنثى، تمشط شعرها بالناي، والغيثارة. وتدلك جسمها بالقهوة. تدلقها عليها. وتتزين بالأحمر والأصفر والأخضر. ترمي شالها الأبيض على كتفها. وتلّف خصرها بقماش أخضر. يانعة هي. وزاهية إلى أقصى حدود النضرة.
تجيد إلى حد الجنون: الجنون. تعرف أن تكون معشوقة الموسيقى، وسيدة الرقص القادمة من كون آخر. كون لا حدود لألحانه السرمدية. وأن تنظر في عينيها الفاتنتين، معناه أن تغرق إلى حدّ النزق، في عشق لا يرحم




Post: #9
Title: Re: إلى الصبية اليانعة في (عيدها)
Author: محمد على طه الملك
Date: 11-23-2007, 08:09 PM
Parent: #8

الصبية ولعت لمبات راسك !!
ما اروع رسمك بالكلمات ..
صحبتنا معك فكنا حضور اللحظة .