الدهر انقلب والناس بتنسى عقابا . .

العارفون عن الحركة الأدبية في نادي الخريجين في أمدرمان في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي لا شك يعرفون المساجلات الأدبية التي كانت تتم بالشعر القومي بين طيبي الذكر عبد الحليم علي طه ومحمود الفكي . والذين قد تيسر لهم الإطلاع على كتاب د.فيصل عبد الرحمن " بين شاعرين " ، لا بد أنهم قرأوا في ما قرأوا من شعر عبد الحليم علي طه المنشور في ذلك الكتاب قوله:

الدهر انقلب والناس بتنسى عقابا

والقارئ لتلك القصيدة سيستبين أن " العقاب " يتصل بالقبيلة ، والإصرار على معرفة العقاب إصرار على حفظ النـسب . فلئن كان " الإسلام هو الحل " فأنت لا تستطيع أن تغفل النسب والقبيلة من منظومة المفاهيم mores التي تسود مجتمع المسلمين . والرسول (صلعم) هاشمي قرشي من عدنان ، وهو خيار من خيار من خيار كما قال عن نفسه ، لم يهمَل النسب في تثبيت مكانه ، ولم يـنـس العشيرة والقبيلة في تبيان علو مكانه .

وتعجب حين تقرأ لمسؤول زراية بـ " التيارات القبلية التي تسعى إلى إشعال فتيل الفوضى والنزاعات " . وتعجب مرة أخرى ، واللسـان خواجة ـ كما يقولون ، وهو يهرف حين يحسب أنه يتدفق معرفة ، ويهذى لا يبالي بمعقب .

القـبيلة في مـجتمع السودان ركن منعة ، ومصدر اعتزاز ، و" ود قبيلة " كانت وصفا للخيّر قبل أن يجثته " الإسلام هو الحل " ومع المفاهيم السائدة بين أهل السودان ما كنت تجد من قبيلة ما يقلق . فلم نسمع بقبيلة الكبابيش أو البديرية أو الحوازمة مثـلا " تسعى إلى إشعال الفوضى والنزاعات " مع غيرها من القبائل . ولم نسمع بقبائل الشمال من كنوز ومحس ورباطاب ودناقلة وشايقية وجعليين وغيرهم خبرا عن إشعال الفوضى والنزاعات وقل مثل ذلك عن قبائل شرق السودان و وســـطه ، ثم . . لم نسمع أن قبيلة ما في أرض المليون ميل مربع قد وقفت يوما ما في وجه أي مشروع للتنمية - أي طريق سلكت تلك التنمية : في التـعليم أوفي الصحة أو في المواصلات أو في أو في . . . . فأي تنمية تلك التي عطلتها قبيلة في مجتمع السودان . ومن هي تلك القبيلة التي فعلت ذلك ؟

هل هي قبائل الفور والزغاوة والمساليت في دارفور وقتالها الضاري ضد الحكومة ؟ ما قام في ذلك الإقليم نزاع من خلق الحكومة . كان حزب الحكومة يعلم أن قبائل دارفور تنحاز دينيا وسياسيا لجماعة الصادق المهدي . وفي سعي وراء كسب سياسي لم تحسب عواقبه سعت لتلك القبائل لو تميل بهم عن معسكر الصادق المهدي إلى معسكرها . كانوا يعلنون في ثقة أن هنالك مفاجآت سيشهدها الناس . كانت المفاجأة التي ينتظرونها هي انحياز تلك القبائل من معسكر الصادق إلى معسكرهم في إنتخابات الديمقراطية الأخيرة . وكانت المفاجأة فشلهم في تحقيق ما بشروا به في زهو. ولكنهم مع الإنقاذ ادخروا للناس مفاجأة من العيار الثقيل بعد أن فاتهم تحقيق ما أرادوه من مفـاجأة في المرة الأولى والمفاجأة الجديدة لم تكن مما أملوا فقد انقلب السـحر على الساحر .

هل هم أهل كسبار ؟ إن المعارضة هناك في ما نعلم ليست ضد التنمية وإنما ضد التوزيع غير العادل الذي انتظم المشروع المؤمل ، وعلى الهوامير الذين لم يشاركوا القوم بؤسهم ، فلما أطلت بشائر اليسر تسارعوا ، يقضمون ما لا يستطيع غيرهم على قضمه . ما في كسبار لا علاقة له بالقبيلة وإنما هو احتجاج على من لا يكتب نفسه شقيا لأن القلم في يده ـ كما يقول المثل السوداني . وهو احتجاج يتصل بالجهة . والقبيلة ، إن وجدت بتلك الجهة مجموعة شكلت قبيلة ، فإنها مجرد صدفة كما حدث في جــهات أخرى من السودان . . تـنادى الناس من مجموعة واحدة أو متجانسة هي القبيلة أو بطونها المخـتـلفة للسكن أو الإقامة في بقعة محددة من أرض البلاد ، و القبيلة حين تتأصل كركن في تكوين الإنسان السوداني تعلي من قدره وتثبت أصالة إنتمائه و لا تضر بمواطنته إن هو اكتسب معرفة بها . فالبريطانيون قبائل من اسكتلندا وكورنوول وويلز وإنجلترا ولم يضر هذا التكوين بمواطنتهم كبريطانيين .

إن القوم فقط يبحثون عن المشاجب ليعلقوا عليها ما بلوا السودان به ولكن ابتلاء واحدا أعجزهم تعليقه على أي مشجب . هذا الإبتلاء هو هم .

صالح فرح ـ أبوظبي

14/11/07

السوداني - سودانايل

للقراءة . .

شكرا اخي طارق

Quote: إن القوم فقط يبحثون عن المشاجب ليعلقوا عليها ما بلوا السودان به ولكن ابتلاء واحدا أعجزهم تعليقه على أي مشجب . هذا الإبتلاء هو هم .

هذا هو فعلا الابتلاء الحقيقي وربنا يرفعه مننا. اخي صالح فرح...


فقط هنالك امر التبس علي
وهو انه كتب

Quote: في كسبار

فهل يعني

Quote: في كجبار

؟؟؟؟
ام كسبار هذه منطقه من مناطق المناصير؟؟؟؟

Quote: هل هم أهل كسبار ؟ إن المعارضة هناك في ما نعلم ليست ضد التنمية وإنما ضد التوزيع غير العادل الذي انتظم المشروع المؤمل ، وعلى الهوامير الذين لم يشاركوا القوم بؤسهم ، فلما أطلت بشائر اليسر تسارعوا ، يقضمون ما لا يستطيع غيرهم على قضمه . ما في كسبار لا علاقة له بالقبيلة وإنما هو احتجاج على من لا يكتب نفسه شقيا لأن القلم في يده ـ كما يقول المثل السوداني .

ام حازم سلام ،،، برجع ليك ان شاءالله . .

عدنا . . .

ام حازم سلام من تاني . . .

المقصود هنا كجبار ..