Post: #1
Title: الصحفى الذبابة..تيشخوف والمثـقفين..نص لم ينشر..د\احمد الخميسى
Author: فيصل محمد خليل
Date: 11-11-2007, 07:15 PM
أحيانا ترد إلى بريدي الإلكتروني رسائل تعليقا على مقال أو آخر، بعضها يمثل إضافة وليس مجرد إشادة أو انتقاد . من ذلك النوع رسالة جاءتني من الطبيب محمد نايف حسون من جنوب لبنان تعليقا على مقال بعنوان" في محبة الوهم "يقول فيها : " أنا طبيب ، درست في بيلاروسيا . أتابع أعمالك بواسطة الانترنت ، وأتابع أيضا الروايات الجدية ، كما إنني من محبي أنطون تشيخوف وقرأت كل ما كتبه ". حين قمت بالرد على الدكتور محمد وصلتني منه رسالة أخرى يقول فيها : " أبعث إليك بنص قديم لأنطون تشيخوف وجدت فيه خير تعبير عن حقيقة معظم كتابنا في الصحافة . النص باللغة الروسية ". وبعد أن قرأت النص القصير، فتشت عن تاريخ نشره فوجدت أن الكاتب الروسي العظيم تشيخوف كتبه عام 1886 أي وهو في السادسة والعشرين . والنص نقد لاذع للمثقفين المزيفين والمأجورين الذين يمشون في ركاب كل سلطة. لذلك قررت ترجمة النص وتقديمه إلى القارئ ، خاصة أنه لم يترجم أو ينشر عندنا من قبل . النص – القصة – يصور موقف تشيخوف المبكر والثابت تقريبا من شريحة من المثقفين، وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه قبل ذلك النص بعامين في قصته" القناع " التي عرض فيها لمجموعة من المثقفين داخل مكتبة في أحد النوادي بجوار قاعة أقيم فيها حفل تنكري. وحين يتسلل أحد أكبر أثرياء البلدة من الحفل بقناع إلى المكتبة لاهيا زاعقا فينهره المثقفون بشدة إلى أن يكتشفوا حقيقته فيصيبهم الذعر ويتسللون على أطراف أصابعهم لكي لا يزعجوا بوجودهم إغفاءة الثري داخل المكتبة ! وبعد ذلك النص بثلاثة عشر عاما في فبراير 1899 يكتب تشيخوف إلى " أورلوف " رسالة يعيد فيها تأكيد موقفه بقوله : " ليس الحاكم وحده مذنبا، إنما الصفوة المثقفة بأثرها . وأنا لا أؤمن بالصفوة المثقفة، المنافقة ، الكاذبة ، المهووسة ، قليلة الأدب، الكسولة ، إنني أثق فقط في أشخاص بعينهم " . النص القصير بعنوان : "حكاية مهداة إلى ذبابة ما حمقاء تتباهى بعملها في الصحف " : " ذبابة ما طارت في أرجاء الغرفة تتشدق بصوت مرتفع بأنها تعمل في الصحف. وأخذت تئز في الجو : " أنا كاتبة ! أنا صحفية ! أفسحوا الطريق أيها الجهلاء ! " . سمع البعوض ، والصراصير ، والبق ، والبراغيث، أزيز الذبابة ، وشعروا ناحيتها باحترام خاص، وأخذوا يدعونها إلى بيوتهم لتناول الغداء بل وراحوا يقرضونها الأموال ، أما العنكبوت الذي يخشى الظهور علنا ، فقد انزوي في ركن وقرر ألا يلوح أمام عيني الذبابة .. واستفسرت البعوضة – التي تتمتع بجرأة أكبر – من الذبابة : - في أي صحف تكتبين يا ذبابة ايفانوفنا ؟ - تقريبا في كل الصحف ! حتى أن هناك بعض الجرائد التي أضفي عليها بدوري الشخصي صبغتها العامة ونبرتها بل وحتى اتجاهها ! ومن دوني لفقدت صحف كثيرة طابعها المميز ! - وما الذي تكتبينه في الصحف يا ذبابة إيفانوفنا ؟ - أنا أترأس هناك قسما خاصا .. - أي قسم ؟ - نعم .. أي قسم ! وأشارت الذبابة الكاتبة إلى بقع كثيرة من وسخ الذباب على سطح ورقة جريدة! " عند هذا الحد ينتهي النص الذي تشوبه روح السخرية التي رافقت إبداع تشيخوف المبكر ، ثم تبددت مع السنوات . كان تشيخوف يقدر كتابا مثل تولستوي ، وجوركي ، وعندما أصدر القيصر في 10 مارس 1902 قرارا بوقف اختيار جوركي عضوا فخريا في أكاديمية العلوم الروسية ، كتب تشيخوف خطابا إلى القيصر يطلب فيه الإذن من صاحب السمو بإعفائه هو أيضا من العضوية الفخرية احتجاجا على الموقف من مكسيم جوركي . وكانت كراهية تشيخوف لكل من يجعل نفسه بوقا للحكام والحكم واضحة ، ولهذا كتب عن أهمية شعور الكاتب بحريته الباطنية قائلا : "إنني أكره الكذب والسلطة في كل صورهما.. وليس لدي مقدسات سوى الجسد البشري والصحة والعقل والموهبة والحماسة والحب والحرية المطلقة والتحرر من الكذب والسلطة معا فكل منهما يعبر عن الآخر ".
|
Post: #2
Title: Re: الصحفى الذبابة..تيشخوف والمثـقفين..نص لم ينشر..د\احمد الخميسى
Author: فيصل محمد خليل
Date: 11-11-2007, 07:55 PM
Parent: #1
عزيزى فيصل ... فى مقال الدكتور احمد الغفرى تطرق الى ممارسات الانتهازيون وربط معالجتها بالديقراطية فالى مقال الدكتور.....عمك كمال
-------------------------------------------------------------------------------- لا يخلو مجتمع من المجتمعات من الانتهازيين. والانتهازي هو الإنسان الذي ينتهز الفرص لكي يحقق مكاسب شخصية على حساب الآخرين. والشرط الأول والرئيسي للانتهازية هو التفاهة. فإذا كان الإنسان لا يملك موهبة ما وقدرات معينة، أو حدّاً أدنى منها، فإنه يلجأ إلى انتهاز الفرص لتحقيق تلك المكاسب، والوصول إلى مواقع متقدمة يتحكم فيها بمصائر الناس، فيأمر وينهى، وهو لا يملك من مقومات المسؤولية أكثر مما يملك شاغلو المواقع الدنيا من السلم التراتبي في المؤسسة المعنية. والمؤسسة هنا كلمة ذات معنى واسع وعريض وشامل. فهي الوزارة، والدائرة، سواء أكانت عامة أم خاصة، وهي الحزب ذو التراتبية الهرمية. الكارثة الكبرى تكمن في تحول الانتهازية من الحالة الفردية، التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، إلى الحالة الجماعية (بفتح الجيم لا بكسرها). عندئذٍ تصبح الانتهازية مرضاً، وباء فتاكاً. والشرط الثاني لتفشي وباء الانتهازية الجماعية هو شرط سياسي بامتياز، هو غياب الديمقراطية التي هي البلسم الشافي من العلل المجتمعية كافة. في غياب الديمقراطية تنتعش الانتهازية، لأنها الوسط الذي يؤمّن لها كل مستلزمات الانتشار. ويصبح التقرب من الناس اللي فوق، والتزلف إليهم، المعيار الوحيد للتقدم والصعود، والوصول إلى المواقع. وتغيب جميع المعايير الأخرى، مثل الكفاءة، والإخلاص ونظافة الضمير واليد، والحرص على المصلحة العامة. سلاح الانتهازيين هو التصفيق، بمعناه الواسع، وهو تقديم آيات الولاء والطاعة لأصحاب القرار، وهو لعق الأحذية والمؤخرات لمن بيده الحل والربط، وهو السكوت عن الأخطاء التي يرتكبها ذاك الذي بيده الحل والربط، وتقريظ تلك الأخطاء، ووصفها بأنها الحكمة بعينها، وبأنها عين الصواب. يمتاز الانتهازي بأنه ينزع جلد مؤخرته ويضعه على وجهه، فلا يتورع عن التقلب بين أحضان المسؤول الذي كان، والمسؤول الجديد. ولا يستحي من شتم المسؤول السابق لإرضاء المسؤول الجديد، بعد أن كال المدائح للمسؤول السابق. فالناس في عرفه، مع الواقف. الانتهازية وباء قاتل، فهي تلغي إنسانية الإنسان، وتحوله إلى حيوان مفترس، يتلذذ بضحاياه الذين يصعد على جماجمهم للوصول إلى الموقع المطموع به. ولا فرق عنده بين جماجم الذين هم تحت، وجماجم الذين كانوا فوق، والذين كان يقبّل نعالهم حتى يوم أمس. المهم، والهدف هو الوصول بأي ثمن. والحل الناجع لاجتثاث الانتهازية هو الديمقراطية المطلقة والفضائحية، الديمقراطية الحقيقية. وهذه تؤخذ ولا تعطى. ولا يبنى الإنسان السليم والوطن الصالح إلا بهذه الديمقراطية. د. أحمد الغفري
|
|