http://www.sudaneseonline.com/ar/article_14642.shtml

http://www.sudaneseonline.com/ar/article_14642.shtml


10-09-2007, 10:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=120&msg=1191964033&rn=1


Post: #1
Title: http://www.sudaneseonline.com/ar/article_14642.shtml
Author: محمد الامين محمد
Date: 10-09-2007, 10:07 PM
Parent: #0

الفاشر أبوزكريا .. D.S.S (1)



( أنينا توا التنجر ديل ، سيفنا بنجور ، ونحاسنا بنـَقور ) ..!

المرحوم أبا دود الهواري



من غيرَ الشفـِيَف ( الفاضل تيمـان ) يهديني مخلاية الرأي ، ويغدو جراباً يستخرج أشياءه الثمينة للتذكار ( سوفينيير ) من جوار سوق النفولا في الفاشر أبوزكريا القديمة ، يجاور الشيخ السنوسي وآل الشيمي ، السنجك ، عمك حسن العجلاتي ، أبسبرننج وكل السناهير في حي الوكالة وبرسم أستاذي لاعب المريخ نبيل وصديقي محمد سعيد كوكو ، أنتم بعض من ألق أبو ذكريا وعنوان تعايش مدينته.



كان ( أبكراي ) يستعد للسفر إلي المدن المستحيلة ، هناك إلي البندر ، الفاشر السلطان ، وأخته ( أشوية ) تساعد أمهـا في إعداد الذوادة وخاصة ( خميس تويري ) ، المُعد بعناية من دقيق الدخن المخمر بالـ ( زُورّاع ) ، مدعومٌ بخميرة محلية ( توارَة ) فهي تشبه في الشكل والطعم ( كِسرة ) برقائق غليظة إلي حد مميز ، الطعام المفضل لتلاميذ المدارس الداخلية ، الذين يأتون إلي مدينة الفاشر أبوزكريا للإستزادة من مناهل العلم ، لأن عدد المدارس الثانوية في إقليم دارفور كلها لا تتعدي عدد أصابع اليد الواحدة في بلدٍ بمساحة دولة فرنسا!. ترتب ( أشوية ) عَراقي الدبلان وجلابية من قماش ( وزن عشرة ) وتضعهما في شنطة من الحديد ، وتقفل عليها بطبلة صيني أخضر اللون ، وتحتفظ بمفاتيحها الثلاث ، إبتعاعتها للتو ( أم خميس ) والدة أبكراي من سوق الخميس جوار الحداحيد ، إذ انه يتوسط المقام بين أخيه الأكبر والذي تكني به أمه ، وأخته الصغري التي خلصت لتوها من غسل شنطة الصفيحة لزوم وضع ( خميس تويري ) ، لأن الفراق قاسي!.

( خميس تويري ) – الوجبة التي تتم إعدادها في سرعةٍ فائقة ، تزجر الجوع وتسكت عصافير الإمعاء خلال دقائق من تناولها ، فأنت لا تحتاج إلا إلي إناء عميق ( كوَرَة ) تحتوي إلي مقدار النصف ، من مياه ( حجر قدو ) والتي هي إكسير النجاح ، كما يعتقد التلاميذ الوافدون إلي مدارس ( أبوزكريا ) الداخلية مدرسة ( جغو جغو ) الإبتدائية والذين ينتقل منها التلاميذ الناجحون إلي مدرسة ( الأميرية ) التي تتوسط المسافة بين المدرسة الأهلية وحي خورسيال العريقة ، ليمضوا هنالك ثلاث من السنين يتوجونها بالإرتحال إلي الفاشر الثانوية غربي المدينة في الطريق إلي خزان ( قولو ) ، او ليصار إستيعاب البعض منهم في داخليات دارفور الثانوية المؤقتة بعد احداث إضرابات مدرسة كتم ( ذات الرأسين ) . الأميرية القديمة هي حي الثانوي ، والذي يقع علي تخومه منزل عمنا عبد الرحمن ( ذهور دارفور ) وعمنا عثمان بلي ، الحاج عبد المجيد صهر البروفسير محمود الطيناوي ، كنين ، آل بريمة ، آل جماع ، النائب البرلماني الشفيع ، عمنا إسحاق ( أبو سبعة طن ) ، آل شنان ، آل فضيل ، مدرسة الشمالية ( ج ) للبنات ، وأهم معلم من معالم الفاشر وهي الخمسة بيوت! .

يتقاطر التلاميذ من كل القيزان المجاورة للفاشر ، قوز جقو جقو وهي المنطقة التي تضم شرقي مسجد العارف بالله الشيخ ( مصطفي منقة ) بحي التيجانية ، حي الأسرة ، طاحونة عمنا محمود تركاوي ، وتضم شجرة ( السيرة ) ومقابر التيجانية ومصنع الشعيرية ( دبة أم شجيرة ) ، وهي الهرازة الوحيدة التي سلمت من عوامل التعرية والتصحر شرقي الفاشر ، قبل أن تنتهي فضاء الرمال إلي جبل ( مرفعين ) جبل ( فارس ) وجبل ( هلوف ) وسلسلة جبال فشار أم مراحيك ومليط .

ويستمر قدوم التلاميذ الميمون من قوز ( إيتا ) و ( شنقل طوباي ) ، أرقد مراريت ، طورة قوز ، طويشة ، تمنانة ، حلة أبوبكر ، شقرة ، دار سميات ، حلة كنين ، بربوجات ، تارني ، أم كدادة ، كلو كلويات ، أزاقارفا ، كتم ، السريف ، تابت ، تنقرارة وقيزان أم زريقة .

الوقت صباحاً ، يقرع الصول عمك آدم الكباشي جرس الطابور ، أستاذ الجغرافيا ( العاقب ) يتصيد الكسالا من التلاميذ ، الذين يتخيرون ( نط الحيط ) بدلاً عن الباب الموارب بكرباج الصول قائد ( الكديت ) صول محمود النوباوي ، آخر أباطرة التدريب العسكري ( كدييت ) ، رجل شرب من منابع ( يس – يم ) ويميناً تراصف حتي أرتوي ، وغازل الكاكي حتي غدا جزاً من ( صفا – إنتباااه ) . يحاول التلاميذ الإختباء وراء حائط لا يرتفع أكثر من مستوي هاماتهم القرقدي ، وأستاذ الجغرافيا لا يكل من الإنتظار ليجعلهم عبرة لمن يتأخر غداً في كسل ( أنقريبه ) ، يتراصف التلاميذ لسماع أخبار الصباح من الإزاعة الداخلية للمدرسة ، ثم الأخبار مجدداً باللغة الفرنسية ، ويقرأ التلميذ عبدالحفيظ مستهلاً .. ( بون جـــور أتوس! ) .

كان من التقليد أن يقوم تلميذ مقام ضابط الطابور ، وهو من يتصدر المركز الأول في التدريب العسكري ( الكدييت ) حيث يقوم بتوزيع البريد اليومي للتلاميذ ، والتي تأتي ضمن ( طرد ) البوسطجي ، وأكثر المحظوظين في الإستلام الرسائل هم أبناء حي الوحدة ، وحي جير جيرا في خورسيال ، مختومةٌ أغلفة الرسائل ، بشعار ( الفاتح من سبتمبر ) ومثقلٌ بطابع الكتاب الأخضر . ثم يدعوا في نهاية مراسيم الطابور ، يدعوا للإنصراف للفصول إيذاناً ببداية يومٍ دراسيٍ طويلٍ تبدأ عند الفجر وتستمر إلي بُعيد آذان العصر .

تفتيش ياخة القميص ، وما بعد حزام الوسط ، نظام دقيق للعاقب وزميله حسب الله ، كلاهما من شعبة الجغرافيا ، ويومأ عند الملاحظة إلي الألفة ، مجرد غمزة من وراء نظارته السميكة ، يحيل نهارك الدراسي إلي لسعات ( سوط العنج ) ، والصّول آدم الذي لا يمكنك حساب السيطان التي تنهال عليك معه لأنه يزدرد الأرقام ويبتلع الأحرف ، ويطبق ( الأوامر ) لأنه يعتقد بأنه قادم من المؤسسة العسكرية منذ أن سبق الجاويش كنجار ، جناحين الطيار ، فغدا واحدة من جلالات المسير عند التخرج من مدرسة الكديت المسائية في فناء المدرسة الدي أس أس . ومن طرائف المدرسة إننا كنا نضحك كلما تذكرنا العم الصول الذي زرع ( التنباك ) في حوش المدرسة ولم يتم غكتشاف أمره إلا بعد أن ( لبنتَ ) ، فقام المرحوم أبوه حمد بتوبيخه بينما وقف الصول في هيئة ( أستعد ) مسربلاً كلتا يديه إلي جانبه ، والتلاميذ آخر شمارة وقرقرة .



أبـوه حمد حسب الله:



كنا نستغرب وجوده معنا مديراً لمدرسة دارفور الثانوية العليا ، وهذا هو الأسم الثاني لهذا الصرح العتيد ، كانت تسمي ( المعهد العلمي ) ، نستغرب تواضعه الجم وأريحيته ( القوازية ) فالرجل رغم انه كان يجاور الجلوس في مدرج جامعة إكسفورد أكثر من نجم لمع أسمه في عالم السياسة ، إلا أنه ظل متواضعاً كشأن العلماء ، وكغيره من أولاد البلد لم يزده علمه إلا عرفاناً بذاته ، غادر مدينة الضباب ( لندن ) إلي قطيته في قرية ( جديد السيل ) ، وفي العهد الوطني بعد الإستقلال فاز بمقعد لصالح الحزب الإتحادي الديمقراطي وليس حزب الأمة !! ، عاكساً قدراً كافياً من التسامح ، في الوقت الذي كانت فيه بقية الدوائر تدين للأنصار والمهدويين بديماغوجية.

بحكم كوني عضواً في دورتي إتحاد / الشعبة الطلابية ، فكثيراً ما كنت أناقش معه شوؤن الطلاب اليومي والمطلبي ، فلمست فيه القلب الكبير ، والوالد الرحيم ، فقد كان يهتم بالسياسة ، وحينما كانت تعتقل جهاز أمن الرئيس جعفر النميري الشعبة الطلابية ، وتوسعهم ضرباً ، كان يستشيط أبوه حمد ، غضباً ويطلب سراً من إتحاد الظل التحرك في مظاهرة ، حتي يطلق سراح التلاميذ المعتقلين لأسباب سياسية ، وعادة ما تكون الإعتقالات عند الشروع في الاحتفاء بثورة أكتوبر مثلاً .. فشعبة دارفور في أواسط الثمانينيات القرن المنصرم يتكون من ، عبد الماجد سكتو ، محمد إدريس كان ناشطاً في حركة الأخوان ومن أنشط كوادرها في المدرسة ، محمد وادي ، محمد أبن النائب والسايسي المعروف جبريل عبدالله ، حامد حجر ، التوم حجر ، مزمل ، تاج الدين نيام ( عضو حركة العدل والمساوأة السودانية الحالية وعضو وفدها المفاوض في أبوجا ) ، لقمة لاعب كف الأسد ، مدثر ، عثمان عدوي ، محمد توموني ، الشفيع ( صغير ) إبن أخت النائب البرلماني المعروف الشفيع محمد الطاهر شقيق ديدي ، ... .

كان أبوحمد رحمه الله لا يتحدث العربية الفصحي أبداً ، فقد كان رجلاً شعبوياً يستخدم الدارجة الدارفورية بطلاقة دار سميات ، ويكثر من الأمثال والحـِكم ، فكان لا يذكر التعليم وشخوصها في دارفور وإلا ذكر هو و الناظر أبوسن والبرقدار مدير نيالا الفنية ، هؤلاء تركوا آثارهم علي مسيرة التعليم في إقليم دارفور ، وسيذكرهم التأريخ كأيادي بيضاء مع مؤسس أول لبنات جامعة نيالا البروفسير محمود أبكر سليمان الطيناوي ، وهو بالمناسبة أول دارفوري تخصص في علم النفس وإفتتح عيادة للعلاج مجاناً في حي الكفوت جوار منزل ( أبواليمن ) .



أبوه علي:



الشخصية الثانية بعد أبوه حمد حسب الله ، وقد ألحق ( أبوه ) بأسمه تأسياً بصاحب الأسم أبوه حمد ، طبعاً التلاميذ من يطلق عليه ذلك الأسم ، و( أبوه علي ) هو زوج الأستاذة رائدة تعليم البنات في دارفور ( نفيسة عجب ) خالة لأعب فريق مريخ الفاشر كمال ( حمامة ) ، هذه الأسرة كانت معلم من شخوصها الكثيرة مثل آل المرحوم حسن التيجاني ، الفاضل الجزولي ، عمنا حاج أمين ، عمنا علي بنيش ، علي بريش ، آل أبواليمن ، عمنا يوسف مطر تلاف ، آل بابكر نهار ، آل علي خبير ، آل زكريا علي دينار ، التنقاري ، الشبلي ، الوزير مأمون محمدي ، آدم صبي ، علي الشريف التماثيلي ( الجزائري ) ، حسن فرح ، مالك عوض الله ( المسجد ) ، شكينيبة ، جدو آدم ابراهيم ، آل حبيب الدنقلاوي ، ود أبو سلكة ، دمغة ( إدارة نادي المريخ ) ، منصور أبوصفيطة ( إدارة نادي المريخ ) ، صالح تمساح ( مهندس السينما ) ، تيجاني تيمان ، إسماعيل بريدل ، الجيلي أخو أبوعاقلة ، آل كمبوش ، عثمان التهامي ، والقائمة تطول قبل أن نبلغه .

الفاشر الثانوية كانت الخصم لمدرسة ( دي اس اس ) وخاصة في المجال الرياضي ، إذ أن تفوق الأولي في المجال الأكاديمي لا غبار عليه ، فإن دارفور تحصد كل الميداليات الرياضية وتتبوأ المركز الأول في شمال دارفور ، وتكون في إنتظار نظيرتها نيالا الفنية ، التي زودت الفرق الخرطومية بألمع النجوم في الثمانينيات ، جلال ، الأمين أوقا ، مايكل ..

لا يمكن أن تقف علي أطلال الزكريات من غير أن يمر الطيف بإبن قاضي الفاشر ( كاكـوم ) ، والأذهري المخضرم المرحوم ( الكونو ) ، ويا لطيف ذالك الذي لا يفارق شفتيه كلمة ( يالطيف ) ، ثم يأتي الدور لذكر إسم أستاذ الرياضيات ( إسماعيل ) وقد كنا نستغرب لماذا يكتفي بكتابة تأريخ اليوم فقط علي اللوحة السوداء ، ويخرج من غير أن يستوفي الدرس حقه ، ويمضي إلي مكتبه ويعتكف هناك ! ، اليوم نفهم كنه الرجل ، فالحادي والعشرون من أكتوبر ، هو عيد الشهيد القرشي وكل الأحرار من ربقة النظام العسكري الدكتاتوري ، وإسماعيل قد شهدَ إنتفاضة أكتوبر وهو طالباً في جامعة الخرطوم ، لهذا السبب يلتزم أخلاقياً جانب الثورة ، مديناً بالعرفان لشهدائها .

سنواصل ..

بيروت 27 رمضان 2007