في مقامات الاغتراب........المقامة الاولى

في مقامات الاغتراب

المقامة الاولى ....احلام مشروعة

كان ذلك اوان بداية الثمانينات الميلادية ...كان الخال عمر وباقي شباب الحلة من دفعته قد تجاوزوا امتحان الثانوي بنسب متفاوتة لكنها لاتسمح بدخول الجامعة علاوة على بعض تخرج لكنه لم يجد وظيفة تسد الرمق وتحقق الطموح ...في ذلك الآوان بدأت احلام الاغتراب تناورهم ،خاصة وكل حي في السودان لا يخلو من عائد بسيارة جديدة ، ينتعل افخم انواع الاحذية ، مدثر بالقمصان الهزاز، والعطور الباريسية فواحة الشذى ، عميقة الاثر ...كانت للكورلا ال(80) واخواتها الاكبر اوانذاك سطوة ما بعدها سطوة ...والعجب الكورونا المدعوة ب(اللفت باك) وقتها كانت واحدة من اغاني البنات الرائجة تقول :
في اللفت باك يا علي
بركب معاك يا علي
كلهم كانوا يتمنون ان يكونوا ذلك (العلي) ..اذكر حينما قدم كمال من السعودية ممتطياً سيارته اللفت باك البيضاء الفارهة كان مهوى أفئدة حسان الحي جميعهن ....حتى سارة التي كان شباب الحي يصطفون في طابور صباحي لتحيتها وتمر غير عابئة بهم كانت ترمقه بنظرة شفيفة ذات معنى ....حكى احدهم بخبث ان كمالاً سأل احداهن عما اذا كانت تخبر له عروساً فاجابت والله البنات راقدات وعندما سألها كمال زي منو يعني ردت الفتاة بارتباك واضح زي انا وزي نحن وكلنا....في مثل تلك الاجواء ولدت احلام الاغتراب لها سيطرة تمسك بشغاف القلوب المشرئبة نحو مستقبل افضل وحياة اكثر رغداً ...من ترسل له الفيزا وقتها كان كمن تفتح له طاقة من طاقات مصباح علاء الدين ...هكذا بدأت اسراب الشباب السوداني الغض هجرتها نحو مرافيء الخليج العربي ...في الشنطة بصلة محروقة وويكة ، ورائحة الاهل ، وخطابات الحبيبة