صالح فرح يكتب عن بروفيسور فيصل عبد الرحمن علي طه والحكم الثنائي ..

بروفيسور فيصل عبد الرحمن علي طه والحكم الثنائي ..
الحكم الثنائي كواقعة تاريخ نزلت بالسودان، يخطئ من يظن أنه قد انتهى يوم أنزل علما مصر وبريطانيا من ساريتيهما في الخرطوم واستبدلا بعلم واحد وصف بأنه علم السودان المستقل، إذ رغم ذلك بقي السودان يحكم ثنائياً ابتداء من حكومة الأزهري بين الختمية والأشقاء، أو حكومة السيدين التي أعقبت حكومة الأزهري. ثم جاء العسكر على عهدي عبود ونميري. ولعله، لأن السودان كان قد اعتاد الحكم الثنائي فإن نظاميهما لم يصمدا فالحكومات عندهما لم تكن ثنائية. أما الحكومات المدنية التي أعقبت حكم العسكر فسيجد الناس في التحليل الأخير أنها حكم ثنائي كيفما تفنن البعض في تسميتها.. حكومة إئتلاف حيناً، وحكومة وحدة وطنية حيناً آخر. ثم جاء الإنقاذ.. ويبدو أنه كان واعياً لأن الثنائية هي أسلوب الحكم في السودان، وهو عاشق للسلطة حريص عليها وقد تجشَّم مخاطر الإنقلاب للظفر بها. وحتى لا يحيق به مصير من سبقوه من العسكر جهد في السعي للثنائية. وهكذا كانت الحركة الشعبية إلى جانب الانقاذ في حكم السودان، اجتماع لم تغب ما فيه من ثنائية عن معلق بارع في صحف الخليج. غير أن المفارقة أن علمي الحكم الثنائي (علمين كانا أم علماً واحداً) كاناً مرفوعين في كل أقاليم السودان. أما علما حكم الانقاذ الثنائي فلقد توفر كل منهما على رقعة من البلاد. وغداً حين يصير السودان دويلات بفضل الانقاذ سيكون لكل دويلة علمها مع الشريحة التي غنمتها من أرض المليون ميل مربع أو لعلها -في قول ساخر لأحدهم- المليون ميل مكعب حتى تكون قبراً لأهلها.

ويخطئ مرة أخرى من يظن أن الحكم الثنائي كفكرة قانون قد انتهى يوم انتهى تطبيق الفكرة على السودان. فالحكم الثنائي كفكرة قانون ما زال يشغل كتاب القانون الدولي، يناقشون فكرته ويحللونها وبما أن السودان كان التربة التي نبتت فيها فكرة الحكم الثنائي كان لا بد لمن يتعرض لفكرة الحكم الثنائي أن يتعرض للسودان. كان آخر من تعرض للحكم الثنائي كفكرة ولتطبيق الفكرة على أرض الواقع هو بروفيسور فيصل عبد الرحمن علي طه- أستاذ القانون الدولي ومعلمه ومؤلف لكتب تدرس كمراجع لهذه المادة.

في رسالة بالإنجليزية بعنوان: (بعض الجوانب القانونية للحكم الثنائي المصري البريطاني للسودان) كتب بروفيسور فيصل يناقش الفكرة وتطبيقاتها كما جرت في السودان، كتابة رائدة رغم بعد العهد بالمناسبة، وكتابة كانت القيمة العلمية لها هي جواز المرور لصفحات العدد الأخيرمن الكتاب البريطاني السنوي في القانون الدولي The British Year Book of International law. رغم تسميته بكتاب هو في الواقع مجلة سنوية عمرها يقارب القرن من الزمان. وبسبب قيمتها العلمية العالية كمرجع للمادة، فإنها ناد مغلق لا يتيسر الدخول إليه لكل كاتب أو مؤلف في شأن القانون الدولي. بروفيسور فيصل كان ثاني كاتب من الشرق العربي على امتداد عمر الدورية يدخل نادي المجلة. جدير بالذكر أن الدورية البريطانية تجتزئ مما تنشر كتيبات مما يجعل من الميسور لمهتم بموضوع بعينه مما تنشره الدورية أن يحصل على ذلك الموضوع في شكل كتيب بدل الحصول على المجلة على ضخامتها. رسالة بروفيسور فيصل تقع في نحو (50) صفحة من صفحات المجلة. نشرها في هذه المجلة المتخصصة قد سلكها ضمن ما قدم بروفيسور فيصل من أدبيات هي مراجع في القانون الدولي، كما ضمن له الإعتراف به كعالم في هذا الجانب من جوانب القانون.

صالح فرح
السوداني - 2007-04-21

شكرا طارق

اهلا واصل وشكرا على المرور . .