Post: #1
Title: ايهما افضل معلم الخدمة الوطنية ام معلم وزارة التربية والتوجييه
Author: هوارى
Date: 06-10-2002, 04:13 PM
ايهما افضل معلم الخدمة الوطنية ام معلم وزارة التربية بقلم هوارى حمدان هجو 13 ديسمبر 1994م عربة مجروس محملة باشخاص من مختلف القبائل السودانية ، الكل يسكنه الصمت المخيف ومنع الجميع من الركوب على سيخ العربة او حوافها ووضع الجميع فى منتصفها تماما ، والكل لا يعرف مع من يتحدث فهنا جميعنا غرباء ، واربعة من العساكر الذين يحملون بنادق من الكلانشنكوف قد تراصوا على حواف العربة الاربعة ومن الامام مع سائقها العسكرى كان هناك صول يحمل كشفاً، تحركت بنا العربة من منتصف الخرطوم ،فى تمام الساعة السابعة مساء ، وتوجهت نحو امدرمان قاطعة ذلك الكبرى العتيق ، فمناظر امدرمان فى الشتاء قاتلة وتجلب السام الى نفسى ، فانا لا احبها فى الشتاء وان اتى منها كل مطربى الحقيبة او تحركت منها الثورة المهدية ، فمزاجى اليوم فى قلق وشك ، رغم انى قد اخترت هذا المصير المحتوم ، فهاهى العربة تتجه بنا صوب كررى والكلية الحربية ، قد كان ذلك بعد تخرجى مباشرة ، مرت بى ذكريات عن بعض الاخوة فى الكلية الحربية وكيف حالهم ، توجهنا الى معسكر لانجاز الخدمة الوطنية ، فالخدمة الوطنية عمل شريف يجب على الجميع ان يؤدونه ، وضريبة يجب على الجميع دفعها ، كما ان الكثيرين من يحتاجها فى سنهه هذه بالذات لابتعاده عن الرياضة ، وصلنا الى معسكر خالد بن الوليد الشهير بـ " قبر الكلب " ولا ادرى اى كلب هذا الذى جعل لقبرة معسكر هنا ، كانت الدنيا فى اشد ايام ظلامها والبرد القارس يكاد يهلكنا ، وصلنا الى المعسكر والعساكر هناك كثيرا ما يرهبونك ويحسسونك بان النهاية تبدأ هاهنا ، بدوا برصنا وبصرف بطاطين ومهمات اخرى ، لقد توسدتُ فى ليلنا ذلك حقيبة كنت احملها معى وبها ملابسى ، والمكان خيمة قد ضربت اوتادها على ارض حجرية ، فارض ذلك المعسكر لا تنبت الا الحنظل فهو نبات قد شك اهل الخرطوم الذين كانوا معنا بالمعسكر بانه بطيخ وكانوا ينتظرونه على مضض ، اما نحن القادمون من الجزيرة فلم تخفى علينا هذه النباتات التى نعرفها قبل ان ندرسها ، فكم اكلنا من موليته وحميض وفرطه ، وجُبين ، فالجُبين نبات حتى امى التى ترعرت فى الجزيرة لم تصدقنى عندما اريتها مفعولة لانها كانت تمر به دون ان تكترث له ، فهو نبات ذو حبيبات سوداء ، عرفت سحره من ذلك الفتى الذى كان يسرح معى بالغنم فى زمن يتغيب راعى القرية عن السرحة كثيرا ما يجبرنا اهلنا على السرحة بالغنم بدلا منه حتى ياتى ، فلم نكن نملك شى ناكلة فى رحلة السرحة الطويلة التى تمتد من الصبح الى الساعة الخامسة الا لبن الماعز وخبز جاف ، فكنا نضع الحبيبات السوداء من الجبين على لبن الماعز وقليل من الملح فيتحول اللبن الى لوح جبنة فى دقائق معددودات يتخذ شكل الكوز او الكوب الذى كنا نحمله معنا ، لادرى لماذا لم يستفيد علماء النبات من خاصية هذا النبات حتى الآن ؟ ولم يكن قد سمم احد فينا، المهم قد نمت فى تلك الخيمة ليلتى وسط شباب لا اعرف حتى اسماؤهم ، وفى الصباح تم صفنا فى صفوف وتم ازالة شعر راسنا ، وتساوت الرؤوس كان المعكسر يضم فئة من الخريجين من مختلف التخصصات ، والكل اتى الى الوطنية من اجل الهجرة ، ولم نكن ندرى بان حب الوطن شى طبيعى يجب ان نرضعه مع حليب امهاتنا ، وقفت فى الصف فى تلك السرية فاذا بضابط المعسكر ينادينى باسمى ان اخرج فخرجت وطبق على جزاءات لم اشهدها فى حياتى كادت ان تشل جسمى ولم اكن الحظ الى انه يستمتع ويضحك بتعذيبى ، ولم اعرف السبب فانا قد قدمت الى قبر كلبكم هذا ليلة الامس فقط ، فعندما رفعت راسى ضحكت بشدة وقلت بقوة " مصطفى الله يلعنك فى القبل الاربعة مما فارقناك فى حنتوب ما شفناك تانى" لكن لهجتة كانت صارمة فاجابنى بان انضبط والتزم كان صديقى وجارى فى حنتوب .. من قرية قربنا كنت اعتقد بانه درس الاقتصاد فى الهند او فى دولة خارجية لانه كان ميسور الحال..كانت ايام المعسكر كايام الشتاء جافة باردة قارصة ، لم استفد منه شئيا الا التربية الرياضية ، كنت كثيرا ما امارس الجرى لمسافات كثيرة ، والغريب فى الامر ان عدد المستجدين قد كان كثيرا مما اضطروا الى ان يجعلوا ان يكون الجرى والبدنية فى صباح لمجموعة وتعليم الحركات والمارشات لمجموعة اخرى فى ذات الصباح وتعليم السلاح وفنون التصويب لمجموعة اخرى ، ومن ثم يتبادلونه فيما بينهم ، كنت احب الجرى فكنت اجرى من مجموعة الى مجموعة ولم يكتشف ذلك الا ذلك الرقيب الذكى صافى الدين لكنه لم يعاقبنى ، يحسب المستجدون ايامهم فى المعسكر بالساعات ، ويترقبون ساعات تخرجهم بفارق الصبر ، فالجيش لا يحتمل معسكراته الا الصابرين وليس الاقوياء..اذكر ان الاخ فيصل قال لى ان ولاية كردفان تريد اساتذة لقضاء الخدمة الوطنية فى مدارسها وانه يعرف منسق الولاية ، وسوف يقوم بالاتصال به حتى نخرج من ذلك المعسكر ، كان المعسكر يضم اكثر من الف مجند ولا يمتلك 10 حمامات ، ولا مستراحات ، كنا نتضايق كثيرا من مسالة قضاء حاجتنا وكان البعض الكثير منا يؤدى الصلاة متيمما ، ثم فقرة المحاضرات التى يضعونها لنا فى اوقات يكون اغلبنا مجهدين ولا نستطيع التركيز عليها ، كنت احسب الليالى لكى اتخرج من ذلك المعسكر الذى ضم فئات من الشارع السودانى ولا يمتون الى الخريجين بصلة ، وهكذا درجت الالزامية فى سياساتها ان تصطاد كل من تجده بالطريق فى حملاتها التى تشنها على الاسواق او على ازقة البيوت ، ولكن صدقونى ان لقاءنا بشماسة السوق كنا له عدة فوائد فى ذلك المعسكر ، فاذكر انه كان لى اصدقاء من الشماسة المحترمين ، مثل آدم نيالا ، وامير الميكانيكى ، ومحمد النوباوى الذين كانوا يمتعونى بالنكات والاحاديث التى كنت افقدها فى بنشات الجامعة ايام التتمير واظهار الشكل الحسن من اجل الجكس ، ولكن ادم حكى لى عن كل مطربيين نيالا ، اما امير فقد عرفنى بسنار على اصولها ، ومحمد النوباوى الذى كان مشاغبا ولا يريح اى مدرب من مدربي الخدمة الوطنية ، اما الخريجيين فقد كانوا نعم الاصدقاء بلا شك ، واذكر انى كنت حكمدار لسرية لانى معروف بشغبى وعدم انظباطى فى الصفوف وصانع نكتة متحركة فى ثوان معدودات وجدت الكثير ينجذبون الي وانجذب اليهم ، كان هناك طبيب يحيرنى كثيرا اسمه لؤى ، لم يدرس الطب بالسودان ، ولكنه كان يملك خبرات غريبة ، فهو لا يستخدم السماعة ابدا بل اصبعين فقط ويستطيع من خلالهما ان يحدد نوعية مرضك ، ثم قابلنى مصطفى عكر القادم من وكالة سونا للانباء الرجل الصارم جدا الذى لا يرفع صوته مهما صغطته فامتعنى كثيرا فى ذلك المعسكر، حكى لى احد الاخوة المصرين هنا بالسعودية بان معسكرهم للخدمة الوطنية به سراير وبطاطين وحمامات كثيرة ، وعدد لى اصناف الاكل والمشروبات ، فقلت والله اننا فى مجاعة ، وانه فى فندق افضل من فنادق الخرطوم ، وصدق من يخاف منا ويعتقد بان الحيوانات المتوحشة تمر فى شوارع الخرطوم بعد غياب الشمس مباشرة ، فنحن المتوحشون الذين نمر ، ومن الاشياء التى اعيبها جدا على حكومتنا هو استخدام مجندى الخدمة الوطنية فى التعداد السكاني ، فذلك شى آخر ساقوم بسردة بالتفصيل ، ...هنا.. اعلنوا لنا ان غداً هو يوم بداية التعداد السكانى وقد وقع الاختيار علىمعسكرنا ان يقوم بهذه المهمة ، توجهنا فى نفس العربات القديمة التى تحمل اسم مجروسات الى معسكرات على ما يبدو لى انها غرب سوق ليبيا ، هذه المعسكرات يبدوان سكانها يعشون خارج السودان ورغم انهم لا يبعدون عن العاصمة الا بعض كيلومترات ، لم تتم الاحصاءات بصورة دقيقة لان بعض المجندين كانوا فى حالة جوع تامة ، جوع لكل شى فى الحياة – جوع للماء –جوع للنساء –جوع للمرحاض- جوع للنوم – حتى ان بعضهم كان فى حالة جوع الى الحمامات ، فالكثير منا لم يودى مهنتة باخلاص ، بل ان بعض اهل المنطقة كانوا يعتقدون ان هذا التعداد من اجل وجبة السكر والتموين ، فكانوا كثيرا ما يرشون المجندين بما يسد حوائج جوعهم ، عجبت جدا من خطط هذه الوزارة وكيف استغلت هؤلاء السجم المحبطين من كل شى فى شى لمثل احصاءات دقيقة لبلد ، فهلا اعادت حكومتنا نظراتها فى هذه الاشياء ، فانه من المستحيل ان تستخدم بنى ادم جوعان وعطشان وغضبان فى مثل هذه الاشياء، كرهت ذلك المعسكر وفقد تم تخريجى من معسكر الخدمة الوطنية انا وبعض الخريجين البالغ عددهم مائة شخص من اجل سد فجوة التعليم فى منطقة ما فى السودان لا اريد ذكرها هنا ، سافرنا بالبصات وحالنا لا يسر احد ، وكم كنت اعترض على ان لا يذهب احد ما الى تدريس طلاب وهو ( بالخلقة دى ) فنفسيات الطلاب لا تحتمل الامتحان فما بال نحن !؟ وصلنا واستقبلنا فى مدينة لا تفرق كثيرا من قرية ودكرى فى الجزيرة ، بل ان بعض المبانى فيها لا يوجد فى ودكرى لانه بنى بالطين ، لست متحيزا الى الجزيرة ولكن الواقع يقول ان ابناء منطقتى فى نعيم ، جاءنا وزير التربية والتعليم فى تلك المنطقة واستقبلنا بحفاوة ونقل التلفاز اخبارنا وفرحت الولاية فى ذلك اليوم بمقبل هؤلاء الافذاذ الى ولايتها ، كان الوقت رمضان تقريبا على ما اذكر ، ذهبت الى المدرسة الثانوية التى تم تعينى اليها وكان معى مصطفى عكر وعصام عبد الرحيم وكمال ، كمال ما زال بالسعودية قابلته العام قبل الماضى مع والدته بالحج ومصطفى عكر اتصل على يوم امس يعمل بجريدة الشبيبه بسلطنة عمان واما عصام فلم يفارق بنك السودان فهو لم ينهزم مثلى ولا مثل الاخرين كما قال معاذ صديقى اللميط وزاد على ذلك بان قال لى "معطل اقتصاد السودان الله يعطلك مما مرقت مرق البترول ، روح انشاء الله السعوديين ادوك جنسية يا انهزامى " وصلنا الى المدرسة وتم تعينى استاذا لمادة الفيزياء .. ولم تكن تملك مدرسة بها سبعة وعشرون فصل استاذا للفيزياء .. وعندما اتيت .. اتيت وكانى الحلم ، لم تكن الفيزياء غريبة او صعبة على فانا القادم من الهندسة وانا الذى درسها كثيرا فى كورسات ودكرى للمدارس الثانوية كنت قادرا على تدريسها وحتى بدون كتاب ، فاذا قراء طالب من الذين درستهم هذه المادة من طلاب تلك المدرسة فليرد ان لم يكن حديثى صحيح. مكثت بتلك المدرسة فترتين ولم تصرف لى ادارة المدرسة ولا قرش واحد كنت اعمل ببطنى ، وكان راتبى فقط (العدس- الاسود – الفول )..واذكر اننا قد ضبطنا المدرسة وكنا نعاقب الطلاب لاى سبب كان لتاخير لزرارة مقطوعة لوسخ.. لاى عذر شرعى فى السلوك الدراسى ، حتى ان احد الطلاب صار لا يحبنى وصار كثيرا ما يتعقد منى ،لاننى كنت اعاقبة يوميا لغيابه ، المهم فى الامر كنا قادمين على اجازة العيد الكبيرة وبعدها بشهرين سوف نبدا عام دراسى جديد ، سافر كل الاساتذة ولم يبقى الا انا لانى استاذ الفيزياء ويجب ان اراجع للطلاب ، وعندما اوشك العيد على القدوم قلت لمدير المدرسة انا لا املك تذكرة المواصلات الى الخرطوم وكانت آنذاك ثلاثة آلاف جنيه ، فهل يمكن ان تساعدنى من خزانة المدرسة فقال لى ان المدرسة لا تملك نقودا ، فقلت له كيف الحلل وانا ادرس اربع اشهر من غير ان اكسب حتى ثمن تذكرتى الى الخرطوم ، فقال لى اذهب الى الوزارة فهى الموكلة بامرك ليس انا ، ذهبت الى الوزارة ، وكلمت سكرتيرة الوزير بظرفى فلم تعرنى انتباها فقالت لى ان الوزير فى اجتماع ، واصريت عقب انتهاء الاجتماع على الدخول ، فرفضت ، فصارت فنشب بيينا شجار سمعه هو ، وكان خارجا ، فقصت عليه قصتى لكنها بغير ذوق ، مما ادى الى توبيخى وتذكيرى بانى معلم ومربي ، فيجب على ان اتحلى بالروح الطيب ، ومع ذلك كتب لى الوزير مبلع ثلاثون الف جنيه تقديرا لخدماتى فى المدرسة وقال لى اصرفها من خزانة الوزارة ، شعرت بالخجل الشديد من ذلك الوزير الكريم ، واعتذرت الى السكرتيرة الحسناء ، وان كنت لا اهتم بحسن النساء كثيرا فى ذلك الوقت! توجهت الى راعى الخزينة فوجدته قد اغلق الخزينة وانصرف الى داره ، كان معى حوالى 250 جنيه سودانى ركبت البص بمبلغ 50 جنيه حتى اصل الى مدرستى وقدمت الصباح مبكرا بمبلغ 50 جنيها للخزانة فلم ياتى امين الخزانة الا قرابة منتصف النهار مما ادى الى تلاعب الجوع بمعدتى ، فاذا بى افطر بباقى المئة التى معى ، وعندما كنت قد شبعت من الافطار ، ذهبت اليه وممدت اليه بالورقة وعليها توقيع الوزير ، فقراءها وتبسم ثم قال لى ان الخزينة لا توجد بها سيولة وسعادة الوزير يعرف ذلك ، كانت صدمة لى ، فقلت له ما الحلل يا سيدى ، فقال لى لا يوجد حلل الا ان تنتظر قدوم سيولة لنا بعد العيد ، كنت بحوجة الى مبلغ ثلاثة الف جنيه فقط ما يساوى بالسعودى ( اربعة ريال ونصف بالضبط كدا) فقلت له ما رايك لو وقعت على الاستلام واخذت منك مبلغ ثمن التذكرة الى الخرطوم فقط ثلاثة الف جنيه ، على ان تصرف انت فيما بعد ولا اريد باقى النقود لاننى لن اعود الى تلك المدينة ابدا ، فقال لى انه عرض مغرى لكنى لا املك هذا المبلغ ، صرت فى حيرة من امرى فقلت له لو سمحت وقع لى قرب توقيع الوزير واشرح بانه لا توجد سيولة فى خزانة الوزارة.. فرفض بشدة وتدخل الحاضرين فقال لهم بالحرف الواحد.. عايزين تودونى فى داهية!! فذهبت الى مكتب الوزير فقابلتنى تلك السكرتيرة بنظرات احتقار شديد ، كانها تقول لى حتة معلم هلفوت يتجرا على سكرتيرة وزير ، قالت لى (مالك) ... قلت لها اريد مقابلة الوزير ، اريد ان اشكره على ما فعله بى ، فقالت لا داعى للشكر الم تاخذ فلوسك .. قلت لها .. خزينتكم يا سيدتى الجميلة لا توجد بها سيولة .. فتجهمت وسكتت وخرج الوزير .. فقلت له الموضوع بالحرف .. فلم يكن له جواب الا الصمت المميت ، ولم انتظر جواب .. تذكرت انى عسكرى انى..بامكانى ركوب القطار حتى اذا اختلف معى الكمسارى سوف يعرضنى على شرطة القطار ولن يستطيعوا محاسبتى ، لم تعد معى اى نقود للوصول الى مدرستى ذهبت الى موقف البصات القادمة من الخرطوم الى تلك المدينة فاخذت البص كانى راكب قادم من الخرطوم وهداه السفر. مررت بسوق الخضار فى تلك المدينة وانا اتوجه صوب المدرسة ، فاذا بصوت ينادينى يا استاذ – يا استاذ – فنظرت فاذا بى وجها لوجه امام ذلك الطالب الذى كنت اعاقبة كل يوم ، قلت المصائب قد تجمعت علي اليوم وعلى ان لا ارحمه ان قله ادبه .. فقلت له بحديث سخن " مالك عايز شنو " فقال لى علمت انك مسافر غدا .. فهل تمانع فى ان اعزمك على منزلى لتناول وجبة الغداء معنا هذا اليوم ، لم اتردد ابدا قلت نعم ولا ادرى لماذ.... وصلت الى منزلهم الانيق ، له والدة .. توزن اهل السودان كله بادبها الجم وحشمتها الزايدة ..وكانت له اختين صغيرتين احدهما فى الثانى الثانوى والاخرى فى الثامن الاساسى ، تجمعوا حولى فى حب ووئام وعمرت سفرتهم باشكال الطعام كانهم كانوا يعلمون بقدومى ، واحترمونى احترام جل ، واناسونى بحديث طيب ، وعندما اقبل المغرب تعلقوا بى وقالت لى والدته لا داعى للذهاب الى المدرسة والمبيت بالداخلية اذهب انت وولدى هذا واحضرا شنطتك وسافر من بيتى هنا ، لم اتردد مرة اخرى وذهبت الى المدرسة واحضرت الملابس ، وكانت اجمل ليلة قضيتها فى تلك المدينة انستى هموم الالزامية ومشاكل التعليم ، وعدم وفاء الوزير ، وجبن امين الخزينة ، وخبث السكرتيرات وشجعتنى على السفر غدا تاركا تلك المدينة الى الابد مهما كانت الظروف ، فليس هاهنا ابناء عمى ولا اخوتى فانا غريب اتيت فى دلاقين معلم شحاذ يعمل ببطنه فقط ، اصبح الصبح واتت تلك المراة وهى تحمل الشاى والعصير وبعض انواع الفطير ، فهؤلاء اسرة منظمة بشدة ، وكماا نها احضرت لى بعض الزوادة .. عندما دنت ساعة الرحيل لاحظت دمعة قد تسللت من عيونها وقالت لى تمنيت لوعرفناك من زمان ، ثم اخرجت دفتر القطار وبه تذاكر سفر مجانية وقالت لى خذ هذه التذكرة هدية لى منك فنحن ابونا يعمل بالسكة حديد ويكرمونا بتذاكر مجانية فكثيرا ما يمر العام بدون ان نسافر ، فالاحسن ان تستخدم انت واحدة منهم ، واصرت بشدة ، فقلت لها لا يمكن لكنها حلفت وحلف معها ابنها وبنتيها ، صدقونى عندما ذهبت الى المحطة ووجدت نفسى فى درجة ممتازة ، احببت تلك المدينة بشدة وعرفت ان اهلها اهل خير ،لكننى منذ ان قام القطار الى ان وصل الخرطوم ومسافة حوالى 350 كيلو متر وانا ادعو على ذلك الوزير وعلى الوزارة.. وصلت الخرطوم فاذا بى اقابل صديقى عادل الذى يعمل بالتجارة كان مكتبة اقرب الى السكة حديد ، فقال لى (مفلس صاح ).. امانى عرسها بعد يومين.. فاعطانى مبلع خمسون الف جنيه وودعنى الى القرية وقال لى نتقابل فى يوم العرس، كان زواج امانى شقيقتى الكبري حدث عظيم فى حياتى ولولا رحمة عادل لى لما تمكنت من الظهور بمظر حلو....هل يدرس معلم الالزامية بنفس المستوى الذى يدرس به المدرس الرسمى ؟ وهل اداوءه افضل؟ ومن هو المخلص؟ وردت هذه الخاطرة ببالى عندما قراءت مقال للدكتور حسن مكى بان العام الدراسى المنصرم مر بدون اى مشاكل ولا اجازات ولا غيرة ، النظر فى الخيارات الفضلى للتعليم هو اساس تحريك اى دولة ، فلماذا لا ياخذ المعلمون اعلى رواتب فى السودان .. فهم من يخرج الاجيال..قد رايت كثيرا من المعلمات والمعلمين تخرجون من كليات ادبية من جامعات مثل امدرمان الاسلامية والقران الكريم ، يضحك عليهم كثيرا من الناس فى بلدى لانهم يتطلعون الى جامعة الخرطوم والسودان والجزيرة كانها جامعات ملائكة ، فهؤلاء المعلمين ياخذون الماجستير فى لمح البصر ويتعينون فى السعودية والخليج باعلى من رواتب المهندسين والاطباء وكان الفرق بينهم فى النسب حين جلسوا لامتحان الشهادة السودانية شاسع !!!!! لكنها مهنة احترام المعلم هنا بالسعودية ! فكثيرا ما تقول لى جدتى لغة عربية وتربية اسلامية ديل تخصصات والله ما اسقنك موية .. ولكن هذا الحديث خاطى فهؤلاء اثبتوا انهم لا يقلون شأنا من الاطباء والمهندسين. لك حبى يا وطنى فارجوا ان ينعم معلم بلادى براتب مثل راتب شقيقة بالمملكة وسيارة فارهة ومنزل انيق فى ظل ثورة البترول.
|
Post: #2
Title: No.2
Author: zahjana
Date: 06-10-2002, 04:15 PM
Parent: #1
الأخ هواري أفضل التاني في نظري
|
Post: #3
Title: Re: ايهما افضل معلم الخدمة الوطنية ام معلم وزارة التربية والتوجييه
Author: عبدالله
Date: 06-10-2002, 09:24 PM
Parent: #1
الاخ هواري بحق اسلوبك رائع ويشد الانسان للقراءه وبمتعه لقد قدمت وصفا ادبيا بليغا حفظك الله
|
Post: #4
Title: Re: ايهما افضل معلم الخدمة الوطنية ام معلم وزارة التربية والتوجييه
Author: Canadian_Forces
Date: 06-10-2002, 09:29 PM
Parent: #3
و الله ياهوارى يا مبدع, فى نظرى الاتنين مانافعين.
|
Post: #5
Title: Re: ايهما افضل معلم الخدمة الوطنية ام معلم وزارة التربية والتوجييه
Author: هوارى
Date: 06-10-2002, 09:35 PM
Parent: #4
الاخت زهجانة اتفق معاك على الثانى والاخ عبد الله شكرا لك كثير والاخ كنديان ظلمت احدهما
|
|