فليكن عيداً للمراجعة

فليكن عيداً للمراجعة


06-03-2002, 05:08 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=1&msg=1023077292&rn=0


Post: #1
Title: فليكن عيداً للمراجعة
Author: Al-Masafaa
Date: 06-03-2002, 05:08 AM


الحاج وراق

غطى دخان اعتقال طلاب النيلين من منسوبي الحركة الشعبية لتحرير السودان علي خطاب العقيد جون قرنق في الذكري الـ 19 لميلاد حركته وهو خطاب لا يمكن التقليل من أهميته أبداً ففيه وللمرة الاولي يعلن قرنق صراحة ودون أىة مواربة بأن أحد خياراته في الكفاح بناء دولة علمانية «للافارقة المحليين» مع إعطاء حكم ذاتي أو محجر عرقي لعرب السودان ذلك ما ورد في نص خطابه في بند الخيار الخامس .

وواضعين في الاعتبار اهمية المناسبة بالنسبة للحركة ، ذكري تأسيسها ، وأهمية الوضع القيادي لصاحب الخطاب ـ فهو المرجع الأخير في الحركة ـ فإن الخطاب وتحديداً الخيار الخامس المشار اليه لا بد أن يشكل علامة حمراء يتوقف عندها كل ديمقراطي في البلاد .

وقد ترددت بدءاً في التعليق علي الخطاب ، بسبب التحفظ الواجب من إنتقاد الضحايا خصوصاً وان اخبار الاعتقالات الاخيرة لا تزال تتردد ولكن اهمية الخطاب واهمية ما ورد فيه يضطر المرء للتغاضي عن أى تحفظ وفي ذلك قضية منهاجية هامة حيث أنه ليس كل ما يصدر عن الضحايا صحيحاً فأحياناً تدفع المظالم بالمظلومين الي التفكير بمحدودية سجن المظالم الذي يجدون انفسهم فيه كذلك قد أتفق معك في غاية محددة «وهي هنا ضرورة رفع المظالم» ولكن هذا لا يعني الموافقة بالضرورة علي وسائلك كما لا يعني بأن الخلاف علي الوسائل خلاف ثانوى.

وتكتسب هذه النقطة أهمية إضافية في عصر الإرهاب فمثلاً معارضة سياسة الولايات المتحدة الامريكية الداعمة لإسرائيل لا تعطي مشروعية لأساليب بن لادن في تقتيل المدينيين والابرياء ولذا فان للوسائل اهمية بذات اهمية الغايات .

إضافة الي ذلك فإن عديداً من الضحايا يستلفون طرائق تفكير وممارسة جلاديهم فيتطابقون معهم مثال : هو يقتل المدينيين فنثأر «نحن» بقتل المدنيين أو هو يمارس الاستبداد فنسعي نحن الي ممارسة الاستبداد عليه وهنا لا يتم السعي الي تغيير علاقة «مستبد ـ ضحية» الي علاقة ديمقراطية حيث لا مستبد ولا ضحايا وإنما يستعاض عن ذلك بتغيير المستفيد من ذات العلاقة فيتغير المستبد دون تغيير علاقة الاستبداد .

واطروحة قرن الداعية لدولة للافارقة المحليين تتبع ذات طريقة التفكير السقيمة هذه .

فاذا كان قرنق يشتكي من المركزية العربية الاسلامية فإن بديلها الديمقراطي ليس المركزية بالافريقانية وانما التعايش الديمقراطي بين مكونات الهوية السودانية .

واطروحة قرنق خلاف طابعها العرقي وبسبب ذلك فإنها تشير وهذا هو الأهم ـ تشير إشارة واضحة الي نقص التفكير الديمقراطى عند الحركة الشعبية .

ولا تسعف حركة قرنق الاحالة الي الاحصاءات عن اعداد العرب والافارقة في البلاد ليصل الي ان الافارقة يشكلون الاغلبية والعرب الاقلية لأن هذه الاحالة تستند علي خطأ منهاجي اساسي .

فمفاهيم الاغلبية والاقلية تكتسب مشروعيتها من إستخدامها في الاطار الديمقراطي في اللعبة الديمقراطية وهنا تشير الاغلبية والاقلية الي توازنات القوة الافقية بين الاحزاب والمنظمات السياسية وهي توزعات يمكن أن تتغير بحيث تنقلب الاغلبية الي اقلية وتمكن افضلية الديمقراطية في أنها النظام السياسي الذي يتيح للاقلية إنتماءات ذات طابع إقصائى بالضرورة واقليتها ليس وارداً أبداً ان تتحول الي أغلبية إضافة الي أن هذه التوزعات توزعات رأسية ولذا فإن الصراع على أساسها يفتك بالنسيج الاجتماعي وينسف النظام الديمقراطي من أساسه .

واذا كان من الممكن إستخدام مفاهيم أغلبية وأقلية خارج سياقها الديمقراطي فلماذا يعترض قرنق علي الاسلاميين الذين يتبعون ذات طريقة تفكيره ولكنهم بدلاً من معيار العرق الذي يفضه يستخدمون معيار الدين ويدعون بأنه ما دام المسلمون يشكلون أغلبية البلاد فإن من حقهم تأسيس دولة إسلامية .

إن الديمقراطي حقاً والصحيح أن تقوم الدولة على مبدأ انسانية الانسان غض النظر عن عرقه أو دينه هى أساس الحقوق والواجبات واذا كان الاذكياء من الإسلاميين قد قاربوا بدرجات متفاوتة بعد طول تجارب ومعاناة مفهوم دولة المواطنة فإن الحركة الشعبية على النقيض من ذلك تتقدم الي الخلف من «السودان الجديد» الي سودان «الافارقة المحليين».

إن خطاب قرنق الأخير يطرح سؤالاً يلح علي الخاطر بقوة ، سؤالاً للدكتور منصور خالد : أترى هناك أيضاً لا يستشار المستشار واذا كان ذلك كذلك فأى حكمة تحققت من تجربة مايو ؟!

عزيزى منصور .. نريدك شمعة للإستنارة لا شفعاً لديكتاتورية عرقية قادمة