في ضيافة الامن

في ضيافة الامن


05-31-2002, 05:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=1&msg=1022818413&rn=0


Post: #1
Title: في ضيافة الامن
Author: Al-Masafaa
Date: 05-31-2002, 05:13 AM



الحاج وراق

لقد قطعنا أشواطاً مع الانقاذ جاءت تتصور نفسها بداية تاريخ السودان وخاتمته كلمة الحق التي لا يأتيها الباطل أبداً كانت مشروع إقصاء مدجج بالسلاح والنصوص الدينية ولكن الانقاذ تتغير بغض النظر عن نواياها وبالرغم مشروعها الاصلي الابتدائى تتغير بسلاسل وقائع تجاربي الشخصية شواهد علي مقدار هذا التغيير.

في سنوات الانقاذ الاولي سنوات «من أراد أن تثكله أمه فليغلق متجره» وفي رواية أخرى أو فليفتح عقله !! في تلك السنوات كنت مختفياً وفي يوم خرجت ومعي آخر لموعد مع أحد الرفاق لإيصالنا الي أحد الاجتماعات السرية وبحسب قواعد التأمين والعمل السري لم يكن مسموحاً لنا بركوب المركبات العامة انتظرنا الشخص المعني طويلاً وبلا طائل وفي أثناء انتظارنا رأيت أحد معارفي من أيام جامعة الخرطوم وكان من رفاقنا في السياسة رأيته يقف بعربته أمام أحد البقالات ليشترى بعض الأغراض فطلبت من مرافقي الذهاب اليه وابلاغه بأن فلان الفلاني هناك ويريد مقابلتك وفعلاً جاءنى يسلم عليَّ : كانت يده باردة كالميت وعيناه جاحظتان ينظر الىَّ وفي ذات الوقت الي خلفي وكان يزدرد ريقه ازدراداً بعد التحية والمجاملة طلبت اليه ايصالنا الي وجهتنا فرفض متحججاً بأعذار كأعذار ابي نواس .. والعذر الحقيقي كان واضحاً وهو الخوف ففي ذلك الوقت كان مرآنا نحن المختفين ، مجرد مرآنا ، بما يرتبط به من عواقب وخيمة يسبب عند البعض وجيف القلب واصطكاك الركب !

في مشهد آخر خرجت ومعي مجموعة من الشباب في تظاهرة سلمية ندعو الي اطلاق حملة توقيعات لاجل تسوية سياسية شاملة في البلاد وبدلاً من جمع التوقيعات من المواطنين ثم التوقيع علي رؤوسنا وظهورنا بالخراطيش !!

وقبل شهور استدعيت مرتين في قضايا نشر بصحيفة «الحرية» اعطيت كرسياً للجلوس وفي كلتا المرتين توقفت الخراطيش المادية والمعنوية كذلك .

بالأمس دعانا جهاز الأمن الداخلي ضمن كتاب الاعمدة الصحفية للمناقشة والتفاكر وكان الحضور كثيفاً ليس لأن الدعوة من جهة لا تستطيع الاعتذار عن تبلية دعوتها فحسب وانما كذلك لأن العديدين ، وأنا منهم بعينهم ، رأوا في ذلك فرصة لإسماع آرائهم فى إطار خلاف إطار التحقيق والاستجواب .

وأياً ما يكن الهدف من الدعوة فإن فيها إشارة على مقدار التحول الذي حدث في البلاد وعلي مقدار التغيير الذي حدث في الانقاذ وبالرغم من أنه لا يمكن الجزم بأنه تحول لا رجعة عنه فهو ما يزال استرخاء غير مقنن يمكن الارتداد عليه إلا أنه في المقابل كذلك تحول التهوين منه ! لقد قطعنا اشواطاً الي الامام ولكن اهل السودان يرغبون ويستحقون ديمقراطية تامة وفق المعايير الدولية المعتمدة لحقوق الانسان .

ولا عاصم من الديمقراطية التعددية فهي نداء العصر واتجاه التاريخ وهي عائدة في البلاد حتماً مقضياً برضا الانقاذ او علي كرهها بميزان القوي المحلي أو بضغط الميزان الدولي وستوفر الانقاذ علي البلاد آلاماً كثيرة إن هي عادت توصيف نفسها ووطنتها في إطار صيغة ديمقراطية وفي القلب من عملية إعادة التوصيف هذه إعادة توصيف مكانة ودور وطرائق عمل الاجهزة الامنية .... وفي السياق الديمقراطي فإن أجهزة الأمن أجهزة معلومات تعتمد علي الذكاء أكثر من إعتادها علي العضلات .

وان يهتم جهاز الأمن بدعوة الصحفيين ومناقشتهم فهذه خطوة في الاتجاه الصحيح.