تطريز نسيج الوحدة

تطريز نسيج الوحدة


05-27-2002, 08:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=1&msg=1022483623&rn=0


Post: #1
Title: تطريز نسيج الوحدة
Author: Al-Masafaa
Date: 05-27-2002, 08:13 AM

الحاج وراق

جوهر الصراع الدائر في البلاد صراع اجتماعي سياسي ، صراع لأجل تحديث البلاد ، لأجل دولة ا لمواطنة الحديثة حيت تتحدد حقوق الانسان بوصفه انساناً غض النظر عن الدين أو اللغة أو العرق أو النوع وبذلك فإنه بالأساس صراع حول الحداثة والديمقراطية والعدالة والمساواة .

} ولكن ولأسباب آيديولوجية فان القوي التدي لديها مصلحة في تبعثر البلاد علي اسس عرقية وثقافية بحكم أن هذا التبعثر يشكل شرطاً لإعادة إنتاج سلطتها ما قبل الحديثة تصور هذه القوي الصراع في البلاد بوصفه صراعاً بين العروبة والافريقية بين الاسلام والمسيحية أو بين الشمال والجنوب وبالرغم من أنه لا يمكن انكار المكونات الثقافية والدينية في الصراع الا انها ليست سوي متعلقات ثانوية للحقيقة الجوهرية حقيقة الهيمنة وهي حقيقة اجتماعية سياسية عابرة للاديان والثقافات .

ويقق التمويه علي طبيعة الصراع بتصويره صراعاً حول الهوية هدفين اثنين الاول التغطية علي الامتيازات غيرا لمبررة بالتستر خلف الدين والثقافة والثاني جعل الاصطفاف في المجتمع يتم علي أسس رأسية علي أساس الدين والثقافة والعرق والجهة وهو اصطفاف يجعل المستضعفين من ثقافة ما يصطفون خلف جلاديهم في معركة متوهمة وفي المقابل يحرم المستضعفين من الثقافة الاخري من البحث عن حلفائهم الطبيعيين في مستضفي «الثقافة» المهيمنة .

وللمفارقة فان اغلب مثقفي أبناء القوميات المهمشة ومن بينهم دكتور فرانسيس دينق يستخدمون ذات الاطار المفاهيمى للنخب المهنية بل ويصلون الي ذات استنتاجاتها بأن الصراع بين عروبة وافريقية بين اسلام ومسيحية بين مركز وهامش متناسين الحقيقة البادية للعيان بأنه ما من ثقافة آحادية متجانسة ففي كل ثقافة عناصر استعلاء وهيمنة وفي ذات الوقت عناصر انسانية وديقمراطية وكذلك ليس من مركز كتلة واحدة صماء كل مركز ويحمل في باطنه نقيضه وهامشه ولذا فان الاستعلاء والعنصرية ليستا قدراً محتوماً متعلقاً بالخصائص الجينية للعرب والمسلمين في السودان هما اختيارات آديولوجية يمكن الصراع ضدهما والتخلص منهما ولا يعني ذلك التحول الي «خُلع» أو مبنتين معلقتين في الهواء بلا منظومة لغوية أو ثقافية او حضارية إن المنطق والواقع يقضيا بأن الانسان يمكن أن يكون عربياً أو مسلماً وفي ذات الوقت انسانياً وديمقراطياً .

واذا كانت الهوية هي الطريقة التي يدرك بها أناس ذواتهم فإن المهم سوسيولوجياً ليس دقة هذه الإدراكات من الناحية التاريخية أو العرقية وانما الاهم مدي قناعة هؤلاء الناس بهذه الإدراكات وما من تصور عن الهوية في التاريخ الانساني إلا وكان متضمناً للاخترعات والاضافات والاساطير .

والعروبة فى «حكايتها» المتعمدة ليست نقاءً عرقياً وإنما تزاوج أعراق فالعرب يقرون الرواية بأنهم أبناء ابراهيم من هاجر وهي نوبية من كوش .

ويعلم عرب السودان بأنهم اضافة الي هاجر الاولي دخلت انسابهم هواجر أخرى عديدة ويعلمون بأنهم «سودنوا» عروبتهم و«سودنوا» حتي اسلامهم مما يجعلهم متميزين تميزاً حاسماً عن العرب والمسلمين الآخرين .

واذا كان من المنطقي ومن العدالة دعوة القوام العربي في السودان لتخطي الاستعلاء والعنصرية فانه لا من لامنطقي ولا من العدالة الدعوة لتجريده من محولاته ونسقه القيمي والثقافى .

والانتماء ، مجرد الانتماء للعروبة أو الاسلام ليس بالضرورة خصماً علي الوحدة الوطنية الخصم علي الوحدة الوطنية هو تبني تصور مغلق غير تاريخي للهوية أما تبني الهوية بذهن مفتوح ، فيجعل الانسان منتمياً لأى درجة من درجات التصنيف دون أن يكون ذلك خصماً علي إنتمائه الرحيب للانسانية فيمن للشمالي أن يكون جعلياً وسودانياً وعربياً ومسلماً وجنوبياً «الانتماء المستضعفي العالم» وديمقراطياً «بما يعنى غريباً» وانسانياً كل هذا بشرط واحد : فهم الهوية فهماً غير مغلق وغير متعصب بإعتبارها حلقة في دوائر متكاملة وليست متناقضة