|
أى البواكى لحمدى ؟؟؟!!!!
|
تحليل سياسي أي البواكي لحمدي؟! الحاج وراق بئس دواعي (الأتيكيت) التي تتجنى على الحقيقة .. نعم فرحنا لإعفاء دكتور عبد الرحيم حمدي من منصبه وليس في مشاعرنا ما نخجل منه, بل على الذين لم تنشرح صدورهم لقرار الإعفاء الذي تأخر كثيرا أن يتهموا سلامة وصحة وجدانهم. فالسيد حمدي على عكس عبارات المجاملة المجانية, ليس كبش فداء, هو عراب السياسات التي زلزلت البلاد .. وأكثر المتنفذين انطباقا معها وفجورا وعجرفة في الدفاع عنها, هو نصل الذبح ذاتها ظلت تغرز في اللحم الحي والأعصاب والنسيج الاجتماعي, فلما انثلمت من كثر الاستخدام أحيلت كما المعتاد إلى الرف, وأي ضحية عاقلة مهما كانت (مسيحيتها) تحن إلى أداة الفتك بها. ولم تنزل بالدكتور حمدي نازلة فننأى عن مشاعر الشماتة, حمدي أزيح من موقع القرار الاقتصادي فأزيحت قبضة متوحشة كانت تمسك بخناق ملايين الضحايا من الفقراء والمستضعفين في البلاد, وليس هناك ما يشير إلى أن السيد عبد الرحيم حمدي سينتقل إلى وضع مأساوي أو بئيس, فله أعماله الخاصة التي لا يستهان بها, وله دخوله من مجالس الإدارات والتي تكفي لحياة الرفاه, وله كذلك علاقاته الخارجية الممتدة والتي نسجها بحذق ومهارة وبتقديم (السبوت) الكثيرة في انتظار الآحاد المتوقعة! وليس الخلاف مع الدكتور عبد الرحيم حمدي في مبدأ اقتصاد السوق, أو سياسة التحرير المدعاة, حمدي وراء التخليط في تصوير الخلاف, فسياساته سياسات الزلزلة لا يمكن وصفها باقتصاديات سوق إلا بالقدر الذي فيه سوق (أم دفسو) يتطابق مع المواصفات المطلوبة في السوق العصري .. وما من بلاد في كل الدنيا مهما كانت (حرية) سوقها تتنازل فيها الدولة عن أية مسؤولية اجتماعية: حتى في الويات المتحدة –البلاد النموذج لاقتصاد السوق الحر- تصرف الدولة على الرعاية الاجتماعية وعلى التعليم والصحة والبحث العلمي أما بلدان أوربا فقد حققت فيها الدولة مستويات من الرفاه الاجتماعي ومن الرعاية الاجتماعية في ظل اقتصاديات السوق تفوق مستويات الرعاية الاجتماعية في دول التخطيط المركزي البيروقراطي (الموصوفة بالدول الاشتراكية) .. اذن ليس الخلاف على اقتصاد السوق وعلى ذلك علق أحد العقلاء قائلا: ربما اتفق معك على وجهة السفر واركب معك في السيارة ولكنني قطعا لن اتفق معك على قيادة متهورة مخمورة, فأسلوب القيادة ليس شأنا نافلا أو ثانويا لأنه يمكن أن يوصل إلى وجهة السفر أو إلى المقابر!! وحمدي عراب السياسات التي كانت ستؤدي حتما بالبلاد إلى الهاوية. إعفاء حمدي خطوة صحيحة وفي الاتجاه السليم ولكنها ليس إلا بداية المطاف .. فالأهم بالنسبة لأهل السودان تصفية سياسات حمدي التي تفتقر للحس الاجتماعي وللرحمة .. وإذا كان عزل حمدي بكل ما يمثله مصدرا للتفاؤل إلا أن تفسير إقالته بوصفه الصحي يثير الحذر والتشكك: لأنه بالنسبة لنا بغض النظر عن صحة حمدي فإن سياساته هي المريضة حقا وهي سبب كاف ليس لعزله فحسب وإنما لمحاسبته كذلك. والمجاملة في إعفاء حمدي ليست من قواعد (الأتيكيت) وحدها فلسياسات حمدي ركائزها السياسية والاجتماعية المستفيدة منها, هؤلاء سيدفعون إلى مواصلة سياسات الزلزلة حتى دون عرابها, تماما كما حدث في السابق, وليس مصادفة ان بعض موظفي وزارة المالية وبعض مدراء إدارتها ودعوا حمدي بالدمع السخين يبكون على احتمال تهديد ليلاهم, هؤلاء لم يذرفوا الدمع يوما على المعلمين يتسولون أجورهم ولا على أوضاع التلاميذ البغيضة في المدارس !! وان دموع التماسيح على رحيل حمدي إنما تكشف عن طبيعة السياسات التي سيتم تبنيها مستقبلا, وسيتم الصراع ضدها كذلك.
|
|
|
|
|
|