Post: #1
Title: من أين جاء هؤلاء ومحنة المعيشة فى خبزها وادامها
Author: wadazza
Date: 04-28-2002, 06:58 AM
تحليل سياسي محنة المعيشة في خبزها وأدامها (3) تاج السر مكي الأكل والشرب يشكلان الخط الأول لحاجة الإنسان، المأوى والكساء يشكلان الخط الثاني، العلاج يأتي من بعدهم، ثم التعليم والمواصلات.. ويحدث كل ذلك أو بعضه بعد أن تكون هنالك فرص للعمل تعود على المواطن بدخل منتظم دون لهاث وتأتي بعد ذلك التراتيب التي قلنا بها.. تقول منظمات الأمم المتحدة المتخصصة إن خط الفقر يتحدد بدولار في اليوم للفرد وما دون ذلك يعتبر تحت خط الفقر وهو أمر يستدعي النداءات الإنسانية وشرايين الحياة والإغاثة العاجلة.. وحتى ذلك الدولار الذي تحدد فإنه لا يفي حاجة طفل يتناول ثلاث وجبات يومية.. إنه لم يكن حساب تلك المنظمات احتياجات السكن ولا الكساء ولا العلاج ودعك من ترف التعليم أو الانتقال من قاع المدينة إلى قلبها.
إذا كان حد الفقر غير المقنع إلى قالت به منظمات الأمم المتحدة هو دولار للفرد في اليوم يعني ثلاثين دولار في الشهر وليس محسوب فيه سوى إطعام جائع بالكاد.. وعندما تأتي لتحسب مرتب خريج الجامعة المبتدئ عندنا وهو حوالي خمسة وتسعين ألف جنيه، سنكتشف أنها لا تساوي سوى خمسة وثلاثين دولاراً.. يعني أنها تزيد على حد الفقر ذاك بخمس دولارات لا تفى حاجته إلى المواصلات.
ولنأخذ مثلاً موظف سوداني تخرج عام 1966م وعمل ستة وثلاثين عاماً ورقي أخيراً إلى المجموعة الثانية وهي تلي أولى رتب الخدمة المدنية.. فقد وصل راتبه بكل بدلاته إلى مائتين وأربعين ألف جنيهاً تساوي ثمانية وثمانين دولاراً، وعلى فكرة أنها نهاية مربوط المجموعة الثانية.. وتساوي حد أقل من ثلاثة جوعى.. فهل ترى فيهم الزوجة أم الأبناء أم روشتات الدواء لمن قارب الستين أم إيجار المسكن المتواضع في الحي المنزوي، أم مصروفات المدارس، أم رسوم الامتحانات أم حتى ملابس من بالات القمامة تلك؟
وتنتظر ذلك الموظف أهوال عند الإحالة للمعاش الإجباري، فالاستحقاق المعاشي أقل من ثلاثين دولاراً، يعني أقل من حد الفقر وقد يتراجع بالنسبة للبعض إلى أحد عشر دولاراً.. والمعاش معناه ضرورة استمرار الحياة لمن قضى زهرة شبابه وسنوات نضجه في خدمة مجتمعه أميناً مخلصاً تحكمه راضياً لوائح الخدمة المدنية التي لا يتخللها انتماء سياسي ولا مذهبي ولا قبلي ولا طائفي ولا عرقي ويتساوى عندها الناس بالمواطنة.
كان المعاشيون يتمتعون في نقاباتهم بالعضوية الكاملة وبكل امتيازاتها المكتسبة، بما في ذلك العلاج حتى في خارج السودان وعلى مستوى امتيازاتهم كموظفين سابقين من كل الدرجات، فهم يستحقون السفر المجاني لهم ولأسرهم، وعند تقديمهم لطلبات لمؤسسات كالبنك الزراعي أو الصناعي أو سلطات المساحة والأراضي فوضعهم مميز فكلمة معاشي لا تعتبر إقلالاً بل إجلالاً
معاشيو اليوم يحملون شهادات تثبت أنهم أحياء يدبون بها ليصلوا إلى صيارفة لا يعنيهم من يقف أمامهم.. فهم يعيشون أزماتهم الخاصة وإحباطاتهم العميقة، وقد وصلت كثير من الشكاوى إلى المسؤولين مع تكرار ذهابهم وإيابهم دون جدوى. نقلا عن الأيام
|
|