Post: #1
Title: حوار مع الكاتب الفرنـــــــسي ايريك رولــــــــــــــو
Author: خالد عويس
Date: 04-21-2002, 06:58 PM
العراق فى خـــــــــــــــــــــطر الكاتب الفرنسى ايريك رولو ل "الزمان" : المشكلات الداخلية تعوق اتخاذ مواقف اميركية متوازنة حيال الشرق الاوسط . تدابير عربية صارمة ستكفل تليينا فى موقف واشنطن العمليات الانتحارية لا تخدم القضية الفلسطينية حاوره فى الرياض _ خالد عويس استبق الكاتب والصحفى الفرنسى ايريك رولو وزير الخارجية هيوبير فيدرين الذى انتقد اميركا فى اتباعها اساليب تبسيطية لمعالجة التأزمات الشرق اوسطية ، فى التنبوء بضغوط اوروبية ستواجهها واشنطن ازاء سياساتها فى الشرق الاوسط ، لورو الذى يعد واحدا من المتخصصين بشؤون الشرق الاوسط سيما العالم العربى واسرائيل ، كصحفى بارز ومحلل سياسى عميق اضافة لكونه دبلوماسيا عمل فىتونس وتركيا ، وربطته بالرئيس الفرنسى الاسبق فرانسوا ميتران علائق قوية وتربطه الى الآن علاقات متينة بمختلف الوان الطيف السياسى فى فرنسا اضاف ل "الزمان" التى حاورته فى الرياض عن تشابك الموقف الشرق اوسطى والاستحقاقات المطلوبة من القمة العربية والتباينات الواضحة بين الموقفين الاميركى والاوروبى حيال الاوضاع المتأزمة بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، بأن على العرب توحيد خطابهم لواشنطن والبعث باشارات قوية ستجد دعما من الاتحاد الاوروبى لاقناعها بأن مصالحها فى المنطقة ستهدد اذا استمرت على نهجها الداعم لشارون ووضع المنطقة على حافة الانفجار .
"الزمان" : يرى البعض ان العنف لم يفض الى نتيجة لجهة الفلسطينيين ، وانه يترتب عليهم اعادة النظر فى استراتيجياتهم ؟ "ايريك" : هذا رأى ينتشر أكثر فأكثر حتى داخل السلطة الفلسطينية ، كان هناك خطأ باعتماد هذه المعالجة بسبب اختلال موازيين القوى لجهة اسرائيل بشكل كبير ، المسألة ليست مبدأية ففى بعض الاحيان يقود العنف الى نتائج ملموسة ، وفى احيان اخرى يسفر عن نتائج عكسية ، اذن ليس هناك قياس ثابت ، فهو مترتب على توازن القوى . كثيرون من المثقفين الفلسطينيين وبعض القيادات ترى خطأ عسكرة الانتفاضة ، كان يمكن الابقاء على الانتفاضة فى اطارها السلمى وربما اكثر بالعصيان المدنى والتظاهرات السلمية والاضرابات وتوجيه نداءات الى العالم العربى وبشكل عام مخاطبة العالم المتحضر ، وكان بالامكان حصد نتائج افضل اضافة الى ان العنف ادى لتنامى عقدة الخوف داخل المجتمع الاسرائيلى المزروعة منذ قرون و لشعورهم بأن العرب يمكن ان يقذفوا بهم فى البحر ، استخدام آليات عنيفة عزز المخاوف الاسرائيلية وتم على هذا الاساس انتخاب شارون كرجل قوى قادر على تأمين الحماية ، اعتقد ان عسكرة الانتفاضة لم يكن قرارا سياسيا للقيادة الفلسطينية انما جاء الامر تلقائيا نظرا لمعاناة الشعب الفلسطينى مع الاحتلال منذ 35 سنة وليس بمقدوره التحمل وانتظار مفاوضات تطول لسبعة اعوام اخرى على سنوات اوسلو ، فالشعب يرغب بالجلاء الاسرائيلى ، اضافة لهذا فقد شكلت الاستفزازات الاسرائيلية عاملا آخرا مساعدا على العنف لأن معظم العمليات الاسرائيلية كانت استفزازية كقتل القيادات وضرب المدنيين وتدمير البنيات التحتية والبيوت ، مما قوّى الشعور الفلسطينى باستعمال القوة ، اعتقد ان القيادة عجزت عن كبح جماح هذا التيار وقد تابعنا اعلان عرفات وقف اطلاق النار الذى لم يدم اكثر من اسبوعين خرقه شارون بقتل فلسطينيين فانفجر الوضع مجددا ، عرفات لا يستطيع الزام شعبه بالسكت على ما يجرى وفى نظرى فان كل سياسة عرفات تقوم على مبدأ تهدئة الوضع ليس لارضاء اسرائيل او اميركا وانما لمصلحة الفلسطينيين لأنه يريد اشكلا اخرى من المقاومة . "الزمان" : هل تعتقد ان الدوائر الرسمية فى الغرب توصلت الى فهم متعدد الجوانب حيال مشكلات الشرق الاوسط والتعامل معها ؟ ايريك : أرى ان الغرب منقسم على نفسه ، لا نستطيع ان نتحدث عن غرب متوحد حيال الامر ، فالاتحاد الاوروبى مثلا والاوروبيون بشكل عام والفرنسيون بشكل خاص يفهمون الابعاد المختلفة للقضية لأسباب تاريخية تتعلق بالعلاقات والتبادلات التجارية والعلائق الحضارية الرابطة مع دول شمال افريقيا ، الامر الذى احدث قدرا من التفهم ، المستجدات هى وجود تعاطف اقوى من قبل الاوروبيين فى هذا الوقت ، استطيع ان اؤكد حدوث صدمة من خلال متابعة القمع الاسرائيلى على شاشات التلفزة وفى ظل مقارنة منعدمة بين شعب بسيط لا يمتلك وسائل الدفاع عن نفسه فى الجانب الفلسطينى وجيش جبار لدى اسرائيل ، والدليل على كلامى ان الاتحاد الاشتراكى بفرنسا اتخذ موقفا مضادا للموقف الاميركى قبل ايام ، واعلن ان "ياسر عرفات" هو الزعيم المنتخب الديموقراطى لفلسطين بعكس المرئيات الاميركية وثانيا ان تحل المشكلة عن طريق السلطة الفلسطينية مؤكدا وقوفه ضد التدخلات الاسرائيلية وطلب ان تقوم اسرائيل بدفع تعويضات عن المبانى التى تسببت فى هدمها وكان الاتحاد موّل بناءها ، كذلك فان موقف وزيرة خارجية السويد التى وصفت السياسة الاميركية تجاه الشرق الاوسط بالحماقة يدلل الى امتعاض الاوروبيين من تلك السياسات ، والواضح ان الموقف السويدى المؤيد لاسرائيل انقلب تماما الى مخالفتها ، ولدىّ معلومات ان الاوروبيين _ رغم عدم اتخاذهم قرارا الى الآن _ ضد اىّ تدخل فى العراق او بلد عربى آخر نتيجة لخوفهم من النتائج المعاكسة على استقرار المنطقة وتنامى المشاعر ضد الغرب ، لكنى احسب انهم سيتخذون موقفا ضد التدخل فى العراق ، الامر الوحيد الذى ارجأ اتخاذ قرار هو عدم تحديد الاميركيين موعدا للضربة . "الزمان" : فى ظل تناقضات الموقفين الاميركى والاوروبى هل يمكن ترقب مبادرة اوروبية حيال الازمة ؟ "ايريك" : التناقض موجود منذ اكثر من عشرين عاما ، تحديدا منذ مؤتمر البندقية فى 1980م حين اتخذ الاتحاد الاشتراكى موقفا واضحا لصالح منظمة التحرير الفلسطينية واعلن ان الحل يمر عبرها فى حين انها كانت منظمة ارهابية بنظر الولايات المتحدة ، ومنذ ذلك الحين اتخذ الاتحاد مواقف مناقضة من حين لآخر للآراء الاميركية ، لكن بعض الاوروبيين يرون الّا ضرورة لاطلاق مبادرة مستقلة قد تشق التحالف الاميركى الاوروبى ، آخرون يرون ان بالامكان اطلاق مبادرة كهذه بتأييد وتنسيق مع اميركا ، وكان الاوروبيون يحبذون حل المشكلة تحت مظلة الامم المتحدة لتحقيق قدر من التوازن داخل مؤتمر دولى يعقد لهذا الشأن لكن الاميركيين اصرّوا ان تكون المبادرة بيدهم وحدهم . حاليا الاوروبيون لا يريدون اقصاء واشنطن ، يرتضون العمل معها بشرط تدويل القضية لأن المشاكل الداخلية بالولايات المتحدة تعوق اتخاذ مواقف اميريكية متوازنة ، لكنهم يريدون الاستمرار فى الانفراد بعملية السلام من دون شراكة اوروبية ، واوروبا منقسمة ، جزء "من بينه فرنسا " يرغب فى اطلاق مبادرة لا تستهدف اجهاض التحرك الاميركى انما ترمى لخلق توازن ، الجزء الآخر يخطىءّ هذا الرأى لتفادى الاختلاف مع واشنطن وهناك أمل فى ان تضغط ظروف الشرق الاوسط لجهة انعقاد مؤتمر دولى على غرار ما حدث فى مدريد باشتراك اوروبى فعلى ورعاية الامم المتحدة ، الا ان الاحداث لم تصل هذا المنعطف الى الآن ، فالاميركيون مطمئنون على اوضاع الشرق الاوسط وهم يعتبرون التصريحات العربية غير ذات وزن ولن تؤثر فى الموقف . "الزمان" : الرئيس عرفات ، يرى محللون انه لا زال طرفا مهما فى المعادلة الشرق اوسطية ، لكن ماذا سيترتب على المنطقى اذا تم اقصاؤه حسب الرؤية الاسرائيلية ؟ "ايريك" : هناك احتمالات كثيرة ، لكن الشىء الاكيد هو ان اسرائيل لن تجد احدا من الفلسطينيين يقبل التفاوض حسب شروطها ، الاسرائيليون منذ ايام الجنرال موشى ديان يواصلون البحث عن رجال مستعدين لأداء دور كهذا ، وبالفعل اتصلوا بعدد من المعتدلين _ حسب رؤيتهم _ وهم بالفعل كانوا كذلك ، الا ان ردهم كان انهم غير مفوضين نيابة عن الشعب الفلسطينى وان على الاسرائيليين مفاوضة الجهات المعنية ، واعتقد انهم لن يجدوا الآن من يؤدى هذا الدور ، فالشباب الفلسطينيون متمسكون _ ربما اكثر من عرفات _ بالكفاح وحتى الكفاح المسلح رغم انعكاساته السالبة وهذا يعنى ان الاسرائيليين سيواجهون معارضة اقوى من الحالية ، ماذا سيحدث فى فلسطين ؟ اخال انها الفوضى لوجود شخصيات عدة وتنافس بين القياديين ، ربما القدامى الذين جاءوا من تونس يرغبون كذلك فى القيادة ، واعتقد ان المشكلة لن تحل بدون السلطة الفلسطينية وعرفات ، لكن مع الاسف الشديد هناك اعتقاد لدى الكثيرين _ من بينهم وزير خارجية فرنسا _ بعدم رغبة شارون فى ابدال الوضع الحالى ، فشارون لا يريد حلا ، ولا يرغب فى شخصيات تتبنى التفاوض ، هو يرغب فعلا فى التطرف والفوضى حتى ان وزيرا فى حكومته صرّح قبل ثلاثة اسابيع بأن اسرائيل تفضل مواجهة حماس والجهاد الاسلامى عوضا عن عرفات لأن مواجهتها ل " المتطرفين والارهابيين " ستكفل دعما دوليا كاستثمار مناسب للظرف الدولى الحالى ، وعلى غرار ما فعلته اميركا فى افغانستان ، فهى رفضت اى نوع من الحوار مع طالبان حتى حين عرضت الاخيرة تسليم "بن لادن" فى وجود ادلة تثبت تورطه ، الموقف الاميركى هذا يكرره شارون الآن وعرفات يهدد طروحات شارون برغبته فى التفاوض ، فى رأىّ ان هذا الخط قد قلّ بعد تصريحات الاتحاد الاوروبى وتردد الاميركيين فى اتخاذ قرار قد يعارضه الاوروبيون ، لا نعلم ماذا سيحدث ولكن الخطر قد قلّ قليلا .
"الزمان " : استراتيجية المواجهة والتنصل عن الالتزامات اضافة الى العنف غير المسبوق الذى اتبعته حكومة تل ابيب الحالية وضعت المنطقة فى حالة حرجة ، والقادة العرب يعتزمون عقد قمة بنهاية آذار مارس القادم ، ماذا سيترتب على هذه القمة فى ظل معطيات الموقف الاميركى المتبدل ؟ "ايريك " : انا ارفض التنبؤ بشىء حيال الشرق الاوسط لأن بعض العناصر الغير معلومة لدينا تلعب فى هذا الاتجاه او فى اتجاه معاكس تماما ، اليوم يجد القادة العرب انفسهم فى حيرة كبيرة لأنهم غاضبون بالفعل من سياسة اسرائيل والرأى الاعم متوتر وهم يريدون تهدئته لأسباب داخلية هذا من ناحية ، من ناحية ثانية فان غالبية الدول العربية او كلها على نحو اصح لا تريد اغضاب الولايات المتحدة لارتباطها بمصالح مباشرة بها ، فبعضها تحت حماية اميركا ، والبعض الآخر مثل _ مصر والاردن _ يتلقى مساعدات مالية ضخمة واخرى كسوريا تخشى هجوما اميركيا ، فكل دولة عربية مرهونة بأسباب قوية لتحاشى الغضب الاميركى ، من هنا يقع التناقض وتتسع دائرة الاسئلة هل يمكن اتخاذ موقف صارم يغضب واشنطن بالفعل ام ينحصر الجهد فى اتخاذ قرارات ام مبادرات ؟ وهناك بالطبع مشاورات جارية لبلورة موقف بين هذه المواقف ، فى نظرى يتوجب على الدول العربية الا تتوسل كما قال احد الوزراء العرب قبل اسبوعين لأن فى الامر تحجيم للقدرات العربية وهذا مؤسف ، فالدول العربية مجتمعة بمواردها ومصالح اميركا الاستراتيجية معها قادرة على اتخاذ مواقف ايجابية ، واذا كان للدول العربية امكان ذلك لو امتلكت الشجاعة الكافية ببعث رسالة قوية جدا لأميركا بأنها لا تستطيع تحمّل سياسة اسرائيل اكثر من هذا ولا تستطيع تحمّل تهيئة واشنطن الاجواء المواتية لاسرائيل بالاستمرار فى الامر لحدث تليين فى الموقف الاميركى ، ابعد من هذا يلزم القادة العرب القول " بأننا نريد من اميركا الصديقة ان تغيّر سياساتها لتؤدى الى سلام لا الى حرب " . "الزمان" : ربما هذا ما تفعله الرياض الآن ؟ "ايريك" : اكيد ، من وجهة نظرى ، الموقف السعودى قوى وسيكون اقوى لو اتخذت كل الدول العربية هذا الاتجاه ، لكن هذا لا يكفى اذ يلزم البلدان العربية اقناع واشنطن ان بامكان العرب اتخاذ مواقف ليست مطابقة لما حدث فى 1973م ولكن شىء من هذا القبيل ، فليس بالمقدور الحفاظ على مصالح اميركا فى ظل ما يحدث ، وليس بالمستطاع ايضا السيطرة على هيجان الشارع العربى ، هذا وحده كفيل بتوضيح جدية العرب وشعور امريكا بالخطر الحقيقى الذى يتهدد مصالحها ويتوجب على الجامعة العربية توجيه نداء لاوروبا بأكملها لتأييد قراراتها وسياساتها فى هذا الشأن ، الدول الغربية لا تستطيع ان تسكت ، دول عربية منفردة طلبت من فرنسا التدخل وكان الرد الفرنسى عن كيفية اتخاذ مبادرات لم يتخذها العرب انفسهم ، واعتقد ان موقف عربى جدى سيلقى تضامنا اوروبيا فى اتجاه السلام وهذا ليس لفرض شىء على واشنطن وانما لاقناعها بأن ثمة تحرك عربى اوروبى يتبلور فى هذا الاتجاه ويضغط لصالح السلام ، كذلك على الجامعة العربية ان تسعى لتطمين الشعب الاسرائيلى بحرصها على انفاذ قراراها الاستراتيجى بخصوص السلام اذا حلت القضية وفق قرارات الامم المتحدة مما يكفل فجوة بين شارون والشعب الاسرائيلى ، هذه كلها عناصر كفيلة بتليين موقف واشنطن وتغيير سياساتها فى الشرق الاوسط . " الزمان " : هل تسمح مجريات الاحداث بالتلويح بورقة قطع العلاقات الدبلوماسية العربية الاسرائيلية ؟ "ايريك" : مصر والاردن ليستا مستعدتين لقطع العلاقات مع اسرائيل لأن هذا سيؤدى الى نتائج عكسية ، فباستطاعة الدولتين الى الآن التفاوض مع اسرائيل الامر الذى لن يتحقق بقطع العلاقات . "الزمان" : محاولة دمغ "حماس" ، "حزب الله " " الجهاد الاسلامى " و"كتائب الاقصى " بالارهاب كأوراق مهمة فى المعادلة الاسرائيلية _ الفلسطينية اللبنانية ، كيف تحلل وضع هذه المنظمات ؟ "ايريك" : الحكومة الاميريكية فوضت شارون للاضطلاع بهذه المهمة وهى نقطة قوة لديه ، هذه المنظمات عالميا تعتبر ارهابية لأنها تتعدى المقاومة داخل الارض المحتلة وضد جنود الاحتلال الى ايقاع خسائر وسط المدنيين ، فمن غير المقبول فى نظر العالم القيام بعمليات تستهدف المدنيين فى تل ابيب والقدس مثلا ، شارون يستغل هذه النظرة الدولية ويزيد بتحميله المسؤولية لعرفات رغم انه غير مسؤول ، انا اعتقد ان العمليات الانتحارية لا تخدم القضية الفلسطينية ، هى فقط ترضى الفلسطينيين لأنهم يرغبون فى الانتقام لما يحدث ، وهذا غير عقلانى لأنه يقود لنتائج سالبة .
"الزمان" : تبدلت بعض المعادلات المهمة فى المنطقة بعد 11 ايلول سبتمبر ، كيف تقيّم التهديدات الموجهّة لبغداد فى ضوء احداث ايلول سبتمبر ؟ "ايريك" : العراق فى خطر ، لأن الاوضاع العالمية تبدلت بعد ايلول سبتمبر والاميركيون مصممون على خوض حربهم ضد الارهاب الى منتهاها وهم يسمون كل شىء ارهابا ، ليس هناك ادلة على تورط العراق ، بل بالعكس جماعة القاعدة تعتبر صدام حسين كافرا لأنه علمانى ، وصدام ليست لديه علاقات بالجماعات الاسلامية المتطرفة ، واشنطن تعلم ذلك لكنها توّسع من تعريفها لأشكال الارهاب ليشمل العراق باتهامه ببناء اسلحة دمار شامل ، وهذا مرفوض لأن دولا كثيرة حتى فى الشرق الاوسط تفعل ذلك فى ظل صمت اميركى ، وهى بالطبع حجة واهية فشهادة هيئة الطاقة الدولية التى برأت العراق تكفى لدحض الحجج الاميركية ، هناك اصرار من قبل واشنطن على اعادة المفتشين بناء على منطق " طالما اننا لم نجد شيئا فهذا يعنى وجود شىء " وهذا غير عادل ، لكن من المعقول ان يتخذ العراق موقفا معتدلا ويقبل بشكل او بآخر عودة المفتشين حتى يسد الذرائع الاميركية ، عن نفسى انا مقتنع ببراءة العراق من تهمة بناء تلك الاسلحة ، لكنى على قناعة بأن صدام سيرتكب خطأ فادحا بممانعته عودة المفتشين واجراءات الامم المتحدة بخصوص العراق ، كان هذا ممكنا قبل 11 ايلول سبتمبر ، اما اليوم فالغرب كله سيتوحد مع اميركا بحجة عدم انصياع بغداد لقرارات الامم المتحدة . "الزمان" : بعض الدوائر تتحدث عن نية واشنطن فى الاطاحة بصدام حسين ؟ "ايريك" : هذا هو هدفهم من اليوم الاول ، ربما لم يستطيعوا تحقيقه او انهم ما كانوا يريدون ذلك لأنهم كانوا يرغبون فى استمراريته لاعطائهم مبررا بالبقاء فى المنطقة وهذا احتمال قائم . اذا ارادت واشنطن تغيير النظام فستلجأ لتكرار ما حدث فى افغانستان بشكل مغاير لأن ظرف العراق يختلف عن تلك ، وسيكون اصعب وسفوق ضحايا العراق الذين سقطوا فى افغانستان ، فى تقديرى لابد من تفادى هذا الخط الذى يهدد المنطقة بأكملها بتهديده المباشر للاستقرار ، الرأى العام العربى ليس مع صدام قطعا لكنه يريد حماية الشعب العراقى ، والرأى العام فى الوقت الحاضر ينظر بغير عين الرضا تجاه اى تحرك اميركى فى المنطقة وينظر اليه على انه استفزاز ، عموما اللائحة الاساسية فى الامم المتحدة تمنع اية دولة من التدخل لتغيير حكومات فى دول اخرى بحسبانه شأنا داخليا ، وستكون سنة تعمم بناء على السابقة الاميركية مما سيخلق فوضى عالمية فى اتجاه سيادة "قانون الغابة" . نحن فى اوروبا حريصون على الا تتعدى الولايات المتحدة القوانين الدولية ، اية حكومة تفرضها جهة اجنبية ستكون مرفوضة فى الداخل .
"الزمان" : العلاقة بين الرياض وواشنطن باتت تمر بمراحل توترات ، هل يمكن الجزم بعلاقة مستقبلية مستقرة ؟ "ايريك" : الحكومتان الاميركية والسعودية تقولان الشىء ذاته بأن العلاقات على ما يرام ، ويجب ان نقبل هذه التصريحات على اساس ان الحكومتين لا ترغبان فى الوصول الى نقطة مواجهة لوجود مصالح مشتركة يتوجب الحفاظ عليها لكن من دون شك هناك اشكالات كبيرة ، مثلا واشنطن تحدثت عن اعتقال 100 سعوديا بأفغانستان وطلبت الحكومة السعودية _ عن حق _ تسليمها اياهم ليتسنى محاكمتهم اذا توفرت ادلة على ادانتهم ، رفضت واشنطن هذا الطلب رغم ان القانون الدولى ينص على تسليم المسجونين الى حكوماتهم ، الاميركيون يرفضون هذا بل ويرغبون فى اجراء محاكمات عسكرية بطريقة غير مقبولة وهذا شىء مرفوض فى بلد ديموقراطى ، من غير المقبول كذلك وضعهم فى غوانتنامو تمهيدا لمحاكماتهم فالاميركيون ليسوا حكاما لأفغانستان ومن حق مختلف البلدان المطالبة باستعادة هؤلاء لأن هذه الحكومات ليست ارهابية وبالتالى فانها تحرص على مكافحة الارهاب وليس هناك مبرر لرفض واشنطن ، هناك بالطبع مشاكل اخرى كالحملة الاعلامية الاميركية ضد السعودية وقد لحظت مدى ضيق المسؤولين السعوديين منها لاحتوائها اشياء غير صحيحة ، والصحفيون الاميركيون لم يجروا حوارات او تحقيقات مع السلطات السعودية ، هم كتبوا على اساس ما سمعوه من الاوساط الرسمية الاميركية وهذا غير عادل .
" الزمان" : تبلورت مبادرات اقتصادية حيوية حيال افغانستان خاصة ما اسفر عنه مؤتمر "طوكيو" ، الا ان المراقبين لا يأملون كثيرا فى استقرار سياسى فى بلد عانى من حروبات وظروف معقّدة اجترت التوصيفات المجتمعية القديمة : قبلية ومذهبية ... الخ ، هل هناك ضمانات برأيك لاستقرار سياسى فى ضوء التدفقات الاقتصادية لدعم افغانستان ؟ "ايريك" : هذا هو السؤال الاساسى لأن الاميركيين كسبوا الحرب ظاهريا وهم فعلا كسبوها الى حد ما بقضائهم على "النظام" الطالبانى الا ان طالبان لا زالت موجودة فى الجبال والقرى الافغانية ، وهناك شىء اخطر ، ان القيادات العسكرية فى افغانستان مختلفة ومتباينة الرؤى فبعضهم يرفض وجود اجانب حتى اذا كانوا من قوات حفظ السلام الدولية ، وبالطبع هناك تنافسات تحول دون الاتفاق وتوحيد افغانستان ، والامن غير مستقر ، باعتقادى اننا لم ننته بعد من افغانستان ، فالمشاكل كبيرة ، البلد فى غاية الفقر والمساعدات الخارجية تتطلب سنوات قبل ان تحقق استقرارا من نوع ما ، الاميركيون ابدوا استعدادهم للبقاء شهورا وسنوات حتى تستقر الامور ، هذا يعنى مكوثهم لفترة طويلة . " الزمان" : صحفيون روس تحدثوا الينا عن قلق لدى قادة بلادهم حيال الوجود العسكرى الاميركى فى المنطقة وتوطينه ؟ " ايريك" : دول مجاورة كثيرة ابدت تبرمها بذلك الوجود ، المنطقة اصلا منطقة نفوذ روسى وهناك بالطبع تململ فى كل من روسيا والصين وايران وحتى من بعض الفئات السياسية فى باكستان ، هذه الجهات تخشى البقاء الاميركى على غرار ما حدث بعد حرب الخليج باستقرارهم فى كل دول الخليج ، كذلك تخشى اوروبا من استغلال اميركا حربها ضد الارهاب لتوطين قواتها فى المنطقة وتكثيف التواجد العسكرى ، انها مشكلة ذات طابع دولى الا ان حكومة كابل الحالية تشجع هذا التوجه .
|
|