همّ بها وهمّت به .. مسارب الضي

بقلم
الحاج وراق

خرج السيد مبارك الفاضل ومعه 16 عضوا من الاجتماع المشترك للمكتبين القيادي والسياسي لحزب الأمة ورغم ان عدد الحضور الإجمالي يبلغ 89 عضوا بما يعني ان الحضور المتبقي يشكل نصابا قانونيا إلا ان قيادة حزب الأمة وفي محاولة لتفادي الانشقاق قررت رفع الاجتماع وإمهال الخارجين 48 ساعة لمراجعة موقفهم والعودة إلى المؤسسة من جديد وهذا موقف طبيعي لان الانشقاق مثل بتر جزء من الجسد شاق علي النفس رغم انه قد يكون مبررا بل ويكون أحيانا ضروريا لصحة كامل الجسد لإيقاف انتشار عدوي الجزء المصاب وتأتي المشقة من المفارقة بين مقتضيات الحساب العقلي البارد وبين الاحتياجات النفسية والوجدانية .. إذا فخطوة قيادة حزب الأمة طبيعية ومفهومة ولكنها كما تشير الوقائع لا طائل من ورائها لان الانشقاق قادم مهما حاولت القيادة تفاديه أو أفلحت في تأجيله.

.. من طرائف الحكم التي سمعتها انه من العبث محاولة أثناء ثلاثة أشخاص عن خططهم .. الذي قرر الزواج .. أو الاغتراب أو ذلك الذي قرر الانقلاب وهي حكمة صائبة تلخص تجارب آلاف المناقشات في مثل هذه المواقف الثلاثة وإنني أضيف إليها موقفا رابعا وذلك موقف الذي قرر قبول الوزارة ( الاستوزار ) والسبب في عدم جدوى المناقشة في مثل هذه المواقف.. ان المناقشة تخاطب العقل والمنطق .. لكن كثيرا ما تنجح هذه الأهواء الشديدة في تعطيل أو إعاقة ملكة العقل و لذلك مهما كانت سلامة المنطق وقوة الحجج ونصاعة اللغة فان من أخذت عقله الأهواء لن يتزحزح عن ما عزم عليه .. ومن اشد الأهواء الجنس والمال ولكن أقواها وأخفاها حب السلطة ولذلك يقول المتصوفة الخبيرون بأغوار النفس الإنسانية بان حب الرئاسة آخر ما ينزع عن السالك.

والمتأمل في خطاب السيد مبارك الفاضل لابد ان يلحظ بان الوزارة قد احتلت أقطار نفسه جميعا .. فما يعني وهو المرتب الذهن بقواعد النطق والعقل

يستند السيد مبارك الفاضل على ثلاثة حجج أساسية لتبرير التحاقهم بالسلطة .. الحجة الأولى بان الحزب مفكك الأوصال التنظيمية وضامر الموارد المالية ولذلك لا يملك ان يشكل ضغطا علي الحكومة فالأفضل إذا الالتحاق بها .. اذا كان هذا المنطق صحيحا فما هي يا ترى مصلحة الحكومة في حزب لا يستطيع ان ( يهش أو ينش )؟

أترى تقدم له المشاركة صدقة أم إحسانا ؟ ان المنطق يقول بأنه في أي بيئة شمولية لا يمكن ان تكون أحوال حزب معارض عال العال ولا تكمن قوة الحزب المعارض في كفاية موارده المالية ولا تماسك بنياته التنظيمية وانما في سلامة خطه السياسي واستجابته للمصالح الجوهرية للشعب .. وذلك لان التغيرات الكبرى في حياة الشعوب لا تتم بالنيابة عنها ولا تستند على قوة الأحزاب والطلائع وحدها .. انما تستند علي قوة الشعوب نفسها وهي قوة غالبة وراجحة ايا كانت التعقيدات والمصاعب ومهما طال بها الزمن

والحجة الثانية ضرورة تقديم خدمات لجماهير حزب الامة التي طال انتظارها وهي مثل سابقتها لا تقوم علي رجلين فماذا منع الانقاذ من ان تقدم هذه الخدمات طوال هذه السنين ؟ وماذا يضيف دخول حزب الامة من جديد ؟ ولو كان مجرد طلب الكسب السياسي كفيلا لبسط الخدمات للناس فلماذا تأنف الانقاذ عما يحقق لها شعبية كاسحة ؟ ان غياب الخدمات او قصورها يتعلق باستمرار الحرب وينظم تخصيص الموارد التي تتم في غياب اصحاب المصلحة الحقيقية في غياب حرية التنظيم والتحرك التي تتيح لمؤسسات المجتمع المدني تعديل هذه النظم لصالح الغالبية من الناس ..

وما لم تتغير هذه الشروط الأساسية فإن الأوضاع لن تتغير بالنوايا ولا بتغيير ألوان آذان المحاكم .. وغني عن القول أن السيد مبارك لا يدعو إلى تغيير شروط الحكم وانما إلى تعديل تركيبة الطاقم, ولذلك فان المحصول النهائي لن يكون توفير خدمات أفضل لمجاميع واسعة وانما تعديل أوضاع القلة من القادمين الجدد.

أما الحجة الثالثة فتقول بان المشاركة موقف, ولهذا السبب فهي أفضل من رمادية التردد الحالي في المنزلة بين المنزلتين! وهي أيضا حجة سقيمة, لأنها تفترض بأن اي موقف أفضل من التردد, وبالطبع فان التردد لا يكون سيئا إلا قياسا على اتخاذ الموقف الصحيح, لأن التردد أفضل من ارتكاب الخطايا, والرماد أفضل من السخم .. وفي السياسة اذا عجز الانسان عن قول الحقيقة فان الصمت حيرة أو ترددا أو حتى جبنا أفضل من الكذب والمراءاة وكذلك فان العجز عن تغيير المظالم لا يبرر تقبيل أيادي الظالمين!

ان حجج السيد مبارك الفاضل تفتقر إلى برهان العقل, ويبدو أن الوزارة هي السبب وهو قد همّ بها وهمّت به!

نقلا عن سودانيل

فرع ال الفاضل المهدي مضطهد تاريخيا في حزب الأمه . و يبدو أن اخرهم مبارك الفاضل قد وعى الدرس .

و عموما هذا أمر طبيعى في تنظيم يربط الأفضليه بالنسب .