|
بين الموسيقى والمزك
|
وقع نظري على خبر صغير ومقتضب عن تسلم الخرطوم (مشعل ) مهرجان الخرطوم عاصمة للثقافة العربية (2005) بعد أن وصلها من اليمن (اليمن السعيد ) وهكذا فان (الإعلان الرسمي ) عن بدء تلك الفعاليات قد أزف ولم يتبق سوى أكمال الترتيبات والإجراءات لقص شريط الافتتاح التي اسأل الله أن تكون ذات نهايات مشرفة وحيث أن الحديث اليوم حديث يرتبط بالثقافة والشعر والأدب فاننى أثق في أننا سنقدم مردودا راقيا ومنتجا إبداعيا أنيقا لجهة التميز (السوداني ) المعلوم في تلك المناشط متى ما توفرت آليات العرض والجمهور والذواقة ، لكن هذا في رأى يجب ألا يمنعنا من تسقط أنباء وشواهد بعض الإخفاقات التي قد تصيب كامل حراكنا الثقافي والابداعى في مقتل . ولا أعنى بذلك ما اعد وجهز ليكون عنوانا للخرطوم في احتفاليتها الثقافية المرتقبة والمرجو منها خير كثير بإذن الله ولكن ما أشير اليه هنا ظاهرة الانحطاط العام فى ذوقنا وانى لاسف لبشاعة مفردة (الانحطاط ) بيد ان لا بديل ومرادف مناسب اخر يمكن استجلائه ووضع عبارة مناسبة للتوصيف على كاهله . واذا كان وزير الثقافة ووزير دولته وكبار مفكرينا ومغنيينا وادباؤنا لا يمشون فى الاسواق وبين الناس فلا باس ان ننقل اليهم بعض من (المعروض ) على واجهات العرض والتناول والاستماع غناء وشعرا ولا اقول بقية الاشكال الابداعية من قصة قصيرة او رواية او كتابة صحافية وعلمية وسيمة فتلك صارت (ملكة ) يتمتع بها قلة ! اما عن الدراما والموسيقى فحدث ولا حرج فقد صارت الاولى عملا (موسميا ) نراه فى التلفزيون بانتاج هو هجين من التمثيل والرقص والغناء بالمنولجات الفطيرة السخيفة على نحو ما اعتادت بعض الفرق والجماعات ان تقدم سنويا ، اما الثانية الموسيقى فقد صار اسمها (المزك ) وهى الة واحدة (الاورغ ) يستطيع من يقف خلفها ان ينوح بالأوتار ويشج رؤوسنا بمنكر الالحان والترانيم (المسجلة ) فى قرص على حافة آلته فيغيب بعد اللمسة الخاصة والمهارة والدربة ! أما الغناء فحدث ولا حرج فقد هبط الى درك سحيق من الإسفاف ودونكم ما نسمع من أغان لو كنت عضوا باتحاد الفانيين او الشعراء لتقدمت إلى السلطات لفتح بلاغ (جنائي ) لان الذي يحدث جريمة بلا شك فى حق الوطن ومواطنيه ونشاط هدام بإفساد الذوق العام بابا علا البوابة ... ساقونا بالطارة .......... فوق الحلة دى أنا بجي ، الشمار كنير أنا ما بجي ! .. خالتو مافيشة معزومة جبنه بى شيشة ! واذكر اننى من قبل (تورطت ) فى نقد هكذا اغان فى مجلس (ونسة ) كان من سوء حظى ان احد (الحاضرات ) فيه مطربة من شاكلة ما يعرفون بمطربى (فك الحيرة ) فى الاحياء ومناسبات بعض الاسر فهاجت المطربة وماجت ورشقتنى بالفاظ وعبارات منكرة لا (اتصور ) انها قد تصدر من (انثى ) واكثر من ذلك ان صوتها جعلنى اردد (يا مهدى الله ) وهى عبارة اثيرة لجدى الانصارى يقولها ويطلقها داوية فى كل موقف عصيب ومشهد يثير غضبه وحنقه واستيائه . اغنيات (بابا علا البوابة ) و(الشمار كتير ) للاسف تبث فرضا وكرها من جميع مكبرات (الاصوات ) بالأسواق والمتاجر والمركبات العامة ورسخت فى اذهان جمهور عظيم يتعاطف معها ولا يرى لها مثيلا الى حد اننى ذات (ظهيرة ) تطوعت بدعم صاحب مركبة بشريط كاسيت للاستاذ – وهى أستاذية مستحقة – محمد ميرغنى فثار البعض ونعتوني بعبارة (يا عمك ) رغم أن قائلها يكبرني بشكل لافت لاننى اعرفه شخصيا ففى الوقت الذى كان هو فيه عضوا بالاتحاد الاشتراكى كنت انا (تلميذ ) بمدرسة الدباسين الابتدائية بنين ! ان الواقع الثقافى اجمالا ببلادنا (منيل بستين نيلة ) لكن مشكلته الاعظم ان لا بواكى له او عليه ،وعلى وزارة الثقافة ومن يهمه الامر فى قيادة هذا البلد ان تعيد النظر فى ذلك القطاع الحيوى والمؤثر فى بناء الامم والشعوب والا تترك ساحته لمافيا الافساد العام التى استطاعت ان (تحيد ) ما يسمى بمجلس المصنفات والجهات (الضبطية ) الاخرى حتى غدا الاصل فى كثير مما نسمع ونقرا ونشاهد الضعف والسخف والبلادة .
|
|
|
|
|
|