|
فلنوقف الموت في دارفور ولنصن وحدتنا وسيادتنا الوطنية
|
إن الهم الآن في دارفور هو الهم الإنساني أولاً . وعلى الرغم من علمنا بأن القضايا الإنسانية تستخدم كذرائع للتدخل الأجنبي في ظل النظام العالمي الجديد ، إلا أننا لا نستطيع غض الطرف – والتنعم براحة الضمير، إذا ما انسقنا فقط وراء مخاوفنا – المبررة – من التدخل الأجنبي. المأساة الآن في ذروتها ، والموت الذي يحصد الأرواح – سواء بفعل الجوع أو الجنجويد أو القصف الحكومي أو حركتي الاحتجاج المسلح – هو واقع ملموس لا نستطيع إنكاره بالمغالطات أو النفي أو رمي المسئولية عن كاهلنا إلى كاهل الآخرين..أظن أنه يجب أن نكون صادقين أمام مسئوليتنا الجماعية كمواطنين. إن اقتلاع الناس من أماكنهم – الدار –هو أمر يشابه الموت أو هو يؤدي في المحصلة النهائية للموت . وأظن أنه لا حاجة لنا في خوض نقاشات في الهامش ، بعيداً عن قلب الموضوع ، كمثال النقاش حول المصطلحات ( إبادة جماعية ..على سبيل المثال ) فلسنا نملك تلك الرفاهية ، أو من هو المسئول الآن عما حدث أو ما يحدث ، ذلك أمر يمكن بحثه لاحقاً بعد وقف الموت. إن أحاديث مثل حديث وزير الإعلام عن استعدادهم – الحكومة – لبحث تقسيم السلطة والثروة مع المتمردين لهو حديث كالبذاءة ، إذ عليه الآن ، أن يقتسم كسرة الخبز مع النازحين الذين تصور تلفزيونياً وسط بؤسهم . كل البرامج التلفزيونية المكثفة والحملة الإعلامية المنسقة بمعرفة الأجهزة الأمنية ! لا تعدو أن تكون ورقة توت بائسة وشائنة وتدمغ مخططيها ومنفذيها بالنفاق وموات الضمير. نتمنى أن ترتفع لجنة مولانا بروفسير الحاج يوسف لتقصي الحقائق ، إلى مستوى الحدث والحس التاريخي العالي ، وأن تكون لجنة للحقيقة العارية ، تمهد للمحاسبة الصارمة ، التي بدورها تمهد للمصالحة الشاملة والسليمة بين أبناء الإقليم، وبينهم والدولة المركزية ،وعلى أسس العدالة والمساواة وحقوق الإنسان ... وحتى لا تبقى المظالم معلقة في فضاء الذاكرة المظلومة، والتناسي الظالم ،مولدةً أحقادا لا تستطيع أن تزول إلا بأعمال ثأرية ولو بعد حين في جانب ، وتولد استعلاء التفوق والانتصار في الجانب الآخر. ولكننا متشائمين بخصوص مولانا الموقر ولجنته العتيدة ، وفي البال مشروع دستور مولانا الذي أستخدم لتمرير دستور التوالي – في تمثيلية شهيرة وبائخة. أن حماية البلاد – ودارفور على وجه الخصوص،من خطر التدخل الأجنبي ، يكون بأن يستنفر السودانيين أنفسهم ، كلهم ، وعلى رأسهم الحكومة – صادقة هذه المرة ، مرتفعة إلى مستوى الهم الوطني الإستراتيجي لا التكتيكي والمرحلي- وقوى المعارضة المسلحة في دارفور ، والأحزاب السودانية ، وقوى المجتمع المدني وتنظيماته ، والقوى السودانية التقليدية في الإدارات الأهلية ، وشخصيات السودان المعتبرة بصفتهم وشخصهم ..وكلنا ، دون استثناء ودون إقصاء ؛ نستنفر أنفسنا من أجل وقف الموت أولاً، ونجلس من أجل حل كل القضايا، ووضع كل الملفات على الطاولة ، فقط بعد أن نوقف الموت ونوصل الطعام آمناً للناس في دارفور . هكذا لن يجدوا مدخلاً إلينا...
|
|
|
|
|
|