|
عصيدة ....ساي
|
الأخت الفضلى آمال عباس.. تحياتي لكل مقام مقال، فقد كان الناس زمن الحجاج يتساءلون اذا تلاقوا من الذي قُتل أول أمس..؟ ومن الذي ذبح بالامس..؟ ومن الذي سُلخ اليوم الى آخر مفردات السلخانة! وكانوا يتساءلون على ايام سليمان بن عبد الملك عن الاطعمة ويتشامرون (ودي من الشمار) عن السراري سابيات العيون يتأودن حضوراً وهن يرفلن في الثياب المخملية المتراقصة على وسوسات الاساور في المعاصم! وحين ولى خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه، كان التساؤل عبقاً شفيفاً: كم تحفظ من القرآن..؟ كم ورِداً (بكسر الواو) تقرأ كل ليلة..؟ كم من الليل تقومه تهجداً انت وزوجك..؟ كم وكم وكم وكلها على انغام الفضيلة الفيحاء. هذه المقدمة كانت صدى لصداك عن المال العام بعدد «الصحافة» الغراء بتاريخ السابع من يوليو 2004م. ويحق لنا الآن ان نتساءل عما يدور في اذهان الناس حين تجمعهم المناسبات.. عن الواقع المؤسف المؤلم ولا تغني فيه الحسرات، بعد ان اظلمت النفوس بالاسوداد والتفحم. عن القصور البواذخ والابراج الشوامخ، بينما تتهادى كاسحات الألغام على رواكيب البسطاء.. عن الاختلاسات في وضح النهار بلا حياء أو خجل.. عن التعليم الغالي بالغين لمن استطاع اليه سبيلا.. عن تدمير الشباب الهائم على وجهه بحثاً عن وظيفة.. عن الاتاوات والضرائب.. عن انحدار الاخلاق الى درك سحيق. شئ مضحك يا عزيزتي آمال ان يظل (الاخ) الذي سرق مليارات الانقاذ الغربي بين ظهرانينا سنين عددا. ولم يجرؤ احد على مساءلته لأنه اسكت كل متطاول. وحين خرج من مطار الخرطوم صباحاً لم يتجرأ احد على ايقافه. وحتى حين استقر بالخارج لم تتكرم الحكومة وتطلب من الانتربول اعادته للمحاكمة.. لماذا..؟ كلمتان صغيرتان على اللسان كبيرتان على الميزان: خلوها مستورة!! ساعتها اطمأن ضعاف النفوس وجاطت المسألة.. مؤسسات لم تقدم حساباتها الختامية للمراجع العام. وحتى التي تقدمت فحدث عن الاختلاسات والتجاوزات ولا حرج. ان الحلقة الجهنمية التي رسمها الانقاذيون للدوران حولها هى ( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا).. ولذلك رفعت الانقاذ يدها عن كل شئ! * ارهق المواطن بالضرائب والعوائد والرسوم والاتاوات ما ظهر منها وما بطن. * شيد من المنشآت وبتقديرات كما يحلو- ما يتسع لاستيعاب كل من هب ودب من أبناء وبنات المصارين البيض- خطة استيعاب تحدد إطار النوايا تحت مظلة التمكين ( والحفر بالدربكين). * فصل عباءة الصالح العام على مقاس اصحاب الولاء. * انعش طبقة الطبالين طالقي البخور للتغني بالانجازات التي لم تملأ للمواطن (قفة ملاحه) متناسين ( ها أنتم جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ام من يكون عليهم وكيلا) صدق الله العظيم. فماذا كانت النتيجة يا حضرات السادة..؟ * انهيار التعليم بعد أن أصبح الاعلان عن المدارس والجامعات لا يقل عن الإعلان على اسعار اللحوم بمكبرات الصوت، ماذا يعني انشاء عشرين او ثلاثين جامعة يفتقد اغلبها للجو الاكاديمي من اساتذة مؤهلين ومكتبات رائدة. وميادين عامة للانشطة. اذا كان خريجوها من المهندسين والاطباء والمعلمين يعلنون في «الوسيط» بحثاً عن عمل.؟ ماذا يعني ان تكون كلية الحاسوب لجامعة القضارف بالخرطوم وكلية الحاسوب لجامعة الجزيرة بام درمان وكلية القانون لجامعة امبدة في الكلاكلة..؟ أهذه هى ثورة التعليم ؟ * انهيار الخدمات الصحية.. وعلى المنكرين ان يذهبوا الى المستشفيات والمراكز الصحية ليسمعوا انين (ابقراط) امام حالة المرضى وانعدام أبسط مقومات الخدمة وتأخر رواتب الاطباء ووقوفهم كماسحي الاحذية في فناء وزارة الصحة والاعتداء على بعضهم من احد منسوبي القوات النظامية، كما حدث في مستشفى القضارف. * انهيار الخدمة المدنية. ويكفي ان اقل موظف فيها لا يتورع عن تأخير انجاز اي عمل للمواطن، دون خوف من مسؤول او رادع من ضمير ( إنهم ثمار التمكين التي انبتتها السنين العجاف). * انهيار الأخلاق الى درك سحيق ولا اظن ان الامر يحتاج الى نماذج - سلوا بيوت الحضانة عن الانتاج الشهري الذي تجود به مصانع الرذيلة من اللقطاء من كل لون.. سلوا احصائية الايدز التي تتجاوز السرعة القانونية في شوارع (الفضيلة) وبوليس الحركة عامل نايم!! والشئ المضحك أنك حين تجول ببصرك وتقرأ اللافتات والقوالب المبهرة.. صيدلية (آلاء) شركة ( والضحى).. مؤسسة (تسنيم).. مدرسة (إيلاف).. روضة (تبارك).. بقالة ( الصالحين)..والمخبز الاسلامي على الرغم من خبزه المنتفخة اوداجه من بروميد البوتاسيوم. حين تقرأ تلك القوالب الجميلة الخاشعة يُخيل أنك تعيش عصر امير المؤمنين عمر بن الخطاب.. مؤسسة العدل الرحيم.. الذي يخاف سؤال الله يوم الحق اذا سقطت دابة ولم يسو لها الطريق. ولكن حين تبدأ عملية الهضم يصيبك الغثيان- فالعصيدة حدث ولا حرج.. الاخلاق.. الاملاق والانزلاق.. الاختراق والاحتراق.. ما في (يابان) حق زمان!! كل الشغل (تايوان)!! النفوس تايوان والقلوب تايوان!! والمحبة الكانت سيسبان.. الليلة باتت حسكنيت بقى الظلط دقداق.. وضل الدليب رقراق الاغاني هَيتَ لك.. الغواني هيت لك.. الخجل مطفي والحياء يكفي والزواج عرفي.. والشريعة: طرحة في الرأس والسلام.. والباقي من فقه الضرورة!! فؤاد أحمد عبد العظيم الطائف * تعليق: شكراً استاذ فؤاد.. وربنا يغير الاحوال وتتغير موضوعات الحديث.. لتصبح عن التنمية وأغاني السلام.. آمين. هذا مع تحياتي وشكري.
نقلاً عن موقع جريدة الصحافة
|
|
|
|
|
|