|
|
 هلال زاهر الساداتي:هاشم بدر الدين .. هذا الشبل من ذاك الأسد
|
[email protected]
هاشم بدر الدين .. هذا الشبل من ذاك الأسد
هلال زاهر الساداتي/مصر
[email protected]
اطلعت علي مقابلة نشرت في صحيفة الصحافة مع الابن هاشم بدر الدين في نيروبي و لا عجب من دعائي له بالابن فوالده بدر الدين عبد الرحيم أستاذي و صديقي القديم منذ أواخر الأربعينات من القرن الماضي عندما كنا في أواخر الصبا و أوائل الشباب و عندما كان هاشم في غياهب الغيب , و هاشم انقادت إليه الشهرة لضربه الشيخ الترابي في كندا لما كان يمثله الترابي من بغي و كهنوت و نفاق سود به نظام الجبهة حياة السودان و السودانيين و أذاقهم ألوان العذاب , وهاشم قائد القوات الخاصة للجيش الشعبي لتحرير السودان شاب مؤمن بربه و بشعبه و بحق الإنسان أن يعيش حرا مكرما , و لا غرو فهو سليل اباء أباة للضيم حماة للحق , فجده المؤرخ المعروف محمد عبد الرحيم حارب جيوش الغزاة البغاة في كرري , وليأذن لي هاشم في الحديث عن والده بدر الدين فقد هاج لي حديثه ذكريات حبيبة في الحنايا طوتها تقلبات الزمان , فقد كنا في المرحلة الثانوية و كان بدر الدين يدرس بمصر في المعهد العالي للتربية الرياضية و لم يكن هناك أحد من السودانيين نحا هذا النحو في التخصص , و كانت تربطنا بأسرة بدر الدين صلة وثيقة و كان بدر الدين عندما يجئ إلى السودان في العطلة الصيفية لا يقر له قرار من النشاط , فهو أول من ادخل رياضات الجمباز كالعقلة و المتوازيين و حصان القفز في الأندية الرياضية و كان يزاول نشاطه في نادي الهلال بامدرمان بشارع العرضة آنذاك و هو الشارع الذي يقع فيه منزل أسرة بدر الدين مقابلا لمركز شرطة امدرمان الأوسط و نسبة لشغفي بالرياضة منذ الصغر انضممت للفريق الذي كونه بدر الدين و كنا نزاول تدريبنا في المساء , أما في النهار فكان بدر الدين يأتينا في الصباح و نذهب أنا و أخي أنور جميعا لنسبح في البحر و كنا نقطع النهر بعرضه إلى منتصفه و يحملنا التيار من نقطة بدايتنا عند حديقة برمبل و التي صار اسمها الريفيرا لاحقا إلى الموقع المقابل لمبني التلفزيون الحالي , و علمنا بدر الدين كيفية تشتيت ( الشيمة ) أي الدوامة المائية , و كنا بعد أن نفرغ من السباحة نصطاد السمك بالجبادة ( السنارة ) و لما كان منزلنا قريبا من البحر فأن بدر الدين كان يترك أدوات صيده لدينا و كان إذا لم يجدنا تعطيه والدتنا الجباده و الرماي ..
كان بدر الدين ذا جسم رياضي هرقلي ( نسبة لهرقل ) متناسق جميل شديد القوة و تقاطيع و جهه سمحة و يميزه خفة ظل و روح مرحة , وكان ملما بفنون القتال اليدوي من ملاكمة و مصارعة , واستغل قوته و إمكاناته في حماية الحي من الحرامية فانه كان لا ينام الليل و إذا رأي لصا طارده و يمسك به و يضربه بقبضته ضرب غرائب الإبل ثم يسلمه للشرطة بعد ذلك , وصار اللصوص يتحاشون الحي عندما يكون بدر الدين في الإجازة و كان سكان الحي ينامون مطمئنين آمنين , و تمر السنون و نلتقي في بخت الرضا و بدر الدين أستاذ في شعبة التربية الرياضية في المعهد مع المرحوم عبد الحميد الجمل و رئيس الشعبة المستر وليامز الإنكليزي , و أنا متتلمذ عليه لاختياري التربية البدنية كمادة نشاط , و هنا كان يدرس لنا الجمباز ( عقلة و متوازيين و حركات أرضية ) و الملاكمة و المصارعة و كان متفوقا في هذه الرياضات .
و مثلما كان بدر الدين حاميا لحيه في امدرمان صار حاميا لمتدربي بخت الرضا من صعاليك مدينة الدويم فقد كانوا قبل مجيء بدر الدين يستهينون بهم و يقطعون عليهم الطريق في عودتهم إلى بخت الرضا و جاء بدر الدين و كسر طغيان الصعاليك و أرغم أنوفهم بالتراب و أخافهم بعد معارك خرجوا منها خاسرين و هاربين و أمن المتدربون شرور و اعتداءات صعاليك الدويم مهما أوغل الليل طولا و ظلاما , و كان و هو في وسط الدويم يسبهم و يلعن آباءهم و جدودهم بأعلى صوته و يتحداهم أن يخرجوا إليه إذا كانوا رجالا , ولم يكن يجرؤ واحد منهم في الخروج إليه ..
و بعد عدة سنوات و بالتحديد في عام 1955 نظمنا أول دورة رياضية في السودان علي مثال الألعاب الأولمبية أنا و زميلي عبد المنعم حمدي مدرس التربية البدنية المصري بمدرسة الأحفاد الثانوية و كونا لجنة اذكر من أعضائها الأخ عبد اللطيف محمد عباس و الذي صار رئيسا لاتحاد الملاكمة بعد ذلك و كنا نعقد اجتماعاتنا بنادي الهلال بداره الكائنة قرب نادي الخريجين بامدرمان و كانت المنافسات تشمل رفع الأثقال في كل الأوزان , و الملاكمة , و الجمباز و كمال الأجسام و ذلك لاختيار بطل السودان في كل رياضة و صممنا ميداليات لهذا الغرض , أجرينا التصفيات للجمباز بنادي الهلال بامدرمان و بلاعب ثانوية الأحفاد , و أجرينا تصفيات رفع الأثقال بنادي الخريجين بالخرطوم , و الملاكمة بحلبة سلاح المهندسين بامدرمان , وساعدنا في كل ذلك الأستاذ بدر الدين بخبرته و معلوماته الرياضية الثرة , و كانت الليلة الختامية بنادي المكتبة القبطية بالخرطوم و الذين قاموا مشكورين بإزاحة جزءا من أشجار الحديقة المترامية للتوسعة , و اختير أبطال السودان في المنافسات المختلفة و اذكر أن بطل السودان في الجمباز كان الفنان المعروف شرحبيل احمد و يليه في البطولة زميله في الفرقة و عازف الطرمبة المعروف كامل , و غطي ذلك الحدث الناقد الرياضي المعروف عمر عبد التام و يجدر الذكر أننا أقمنا تلك الدورة بجهودنا الذاتية دون معونة في أي شكل من الحكومة .. أما الأستاذ بدر الدين فقد كان آخر منصب تقلده هو مدير مدرسة محمد حسين الثانوية إذا لم تخونني الذاكرة , و آخر عهدي به كان في عام 2001 م , و كانت قد أصابته عدة أمراض , شفاه الله و عافاه و أطال عمره .. و هنيئا له فأن ميراث الرجولة و النخوة و الكرامة تحدر إلى أبنائه و سيتحدر إلى عقبه إن شاء الله , فله التحية و التجلة من علي البعد , و التحية و التقدير للشبل الذي اصبح أسدا هصورا الابن هاشم بدر الدين .
هلال زاهر الساداتي – مصر
|
|
 
|
|
|
|
Deng
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست