|
Re: أيها المتوحشُ الذي يخافُ عتمةَ الدِّفءِ و ينتشي بشسوعِ البحرِ و لا نهائ (Re: منوت)
|
هذا المتوحشُ الذي يخاف عتمةَ الدفء ، و ينتشي بشسوع البحر و لا نهائية المدى ( شكري ) ، يحاول توريطنا إبداعياً معه في العيش في زمن الأخطاء .
" لنحلم قليلاً أكثر . أكثر من الحلم . آهٍ من طائر البقر ! و من السمكة التي تقود سمك القرش ! و من طائر التمساح ! و من عصفور الكركدن ! و من العبد المقيد إلى مقعده ، و هو يجذف ، مساطاً حتى يدمى ظهره ! ... لا أحد يأتي بعد مجيء الأخير ... ممن آخذ حكمة اليوم ؟ الأذكياءُ جُنّوا أو هم يهذون في الشوارع ، و الأحقون بالبقاء هاجروا و كبلتهم العزلةُ بسلاسلها الثقيلة . لقد بدأ سفرهم قبل أن يهاجروا ... حفنة من تراب الوطن رأيت أحدهم يحملها في كيس صغير كحرز . ربما سيسمد بها بذوراً ما في غربته القهرية ! قد يغرس فيها جذور النعنع . إنها مشيئة البؤسِ في وطنه ... أقول له : لمن هذه الأنغام الحزينة التي أسمعها من بعيد ؟ إنها للراحلين في الجمارك و هم يزحفون واقفين . بطءُ زحفهم يذلهم حتى نخاع العظام . إن مذلةَ الوطنِ أقسى عليهم من مذلةِ الغربة ... " .
( محمد شكري ، زمن الأخطاء ، صفحة 165 - 166 )
| |
|
|
|
|