وداعــــــا أحمـد سليمـان ضو الـــــــبيت

Quote: رحيلك كان رحيل اجيال في ذمة الله الاعلامى احمد سليمان ضو البيت ام درمان تشيع الراحل في موكب مهيب لم يسبق له مثيل امس وفي موكب مهيب لم تشهده مدينة ام درمان قريبا ·· تم تشييع جثمان الاعلامي المعروف احمد سليمان ضو البيت الى مقابر احمد شرفي وسط حزن بائن وألم دفين سيطر على مشاعر المشيعين الذين تعالت اصواتهم بكاء ونحيبا على الراحل العزيز· نهار امس تنادي الاعلاميون بجهازي الاذاعة والتلفزيون >قدامى ومحدثين< لوداع استاذهم وزميلهم احمد سليمان ضو البيت الذي مضى للقاء ربه فجأة وهو في احسن صحة واتم عافية، صلى الفجر حاضرا بمسجد الحارة الخامسة، ووزع ابناءه على مدارسهم وبعدها بلحظات معدودة كان في رحاب الله· تبعه المشيعون ،وهم يتسابقون لحمل النعش·· والقاء نظرة الوداع، فاصطفوا حول القبر الذي وورى فيه الثرى، فجاءت الكلمات تترى من زملائه كالحة سوداء متقطعة ومخنوقة، الهول فادح والمصيبة عظيمة، الاستاذ عمر الجزلي بدأ حديثا لم يستطع ان يكمله حينما قال: ها هنا >مشيرا الى القبر< يرقد الآن علم من اعلام بلادنا، من الذين حملوا هموم الاعلام لسنوات طويلة نواري عليه الثرى، ونعلم ان الثرى واريناه حقيقة على جزء من تاريخنا، وهنا انحبس صوته ومنعته العبره من مواصلة الحديث ليتقدم الاستاذ محمد حاتم سليمان رئيس قطاع التلفزيون مشيرا الى ان رحلة الفقيد بدأت من منطقة ابو حجار بولاية سنار الى داخل ردهات الاذاعة السودانية التي كان الراحل من اعلامها البارزين، ليبقى كالنسمة الخريفية التي تعطي خيرها لكل متعب ومغلوب·· اما ابلغ المتحدثين كان احد جيران الفقيد بالحارة الخامسة، فقد جاءت كلماته صادقة معبرة مؤكدا خلالها ان الراحل كانت تربطه اقوى الصلات بسكان الحي، فقد كان رئيسا للجنة مسجد الحارة الخامسة، مداوما على اعمار المسجد بالتلاوة والحرص على اداء الصلوات، وبفقده نكون قد فقدنا ركنا هاما وشعلة متقدة احرقت ذاتها لخدمة الآخرين الاذاعي الكبير احمد عبد المجيد اكد انه تزامل مع الراحل في مكتب واحد بالاذاعة لاكثر من عشر سنوات لم يسمع خلالها منه كلمة نابية او خروجا عن الادب والذوق مع الزملاء مهما كانت مكانتهم ومواقعهم في الاذاعة· فقد كان مثالا في عفة اللسان والتهذيب واحترام الاخرين والنخوة واغاثة الملهوف وزيارة المرضى وهدوء الطبع·· ومن الاشياء الجميلة التي لم تنس تلك الجلسات القرآنية بمكتبنا >المشترك< الحديث لاحمد عبد المجيد حيث ختمنا تلاوة القرآن الكريم ما يربو على ست مرات، بمعدل قراءة جزء في كل يوم، وكان هذا العمل يتم بتلقائية شديدة دون تكلف او رياء، فكان الراحل يحضر في كل ختمة كمية من التمر او الحلوى يوزعها كرامة على زوار هذا المكتب ونسأل الله ان يكرمه بالقرآن وان ينزله منازل الصديقين· الراحل احمد سليمان ضو البيت من جيل الاذاعيين الذين دخلوا الاذاعة في مطلع الستينات، عبد الرحمن احمد، علم الدين حامد، عبد الوهاب احمد صالح، ذو النون بشرى وغيرهم من الذين وضعوا بصمات واضحة سار على هديها الجيل اللاحق تدرج في مناصب عديدة بين الاذاعة والتلفزيون، وتقلد اعباء الاذاعة في عدد من الاذاعات الولائية، اذاعة القرآن الكريم واذاعة وادي النيل حتى لحظة تقاعده بالمعاش قبل سنوات قليلة، كان بارعا لابعد الحدود في قراءة الاخبار وله اسلوب مميز لا يجاريه فيه احد، الى جانب ذلك قدم عددا من البرامج الثقافية اشهرها برنامج من مدرسة النبوة الذي كان يقدمه عبر الاذاعة صباح كل جمعة مع الاذاعي خليفة جمعة الخليفة· ومن تصاريف القدر العجيبة ان الراحل اتصل صباح يوم وفاته الساعة 8.30 صباحا بالزميل شمس الدين عيسى بقسم الاخبار بالاذاعة ليملي عليه نبأ وفاة احدى قريبات صهره ووالد زوجته على تميم (الشايقي) ليتوارى بعدها بلحظات خلف جبال المنية ويمضي في رحلة الخلود الابدية· رحم الله احمد سليمان ضو البيت، واحسن اليه، واغدق على قبره شآبيب الرحمة وسحائب الرضوان، فلله ما اعطى ولله ما أخذ وكل شئ عنده بمقدار·