نصّ غير منشور لادوارد سعيد: أدونيس مؤسس فن الشعر العربي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 08:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-08-2004, 07:36 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نصّ غير منشور لادوارد سعيد: أدونيس مؤسس فن الشعر العربي

    حين نتحدث عن أدونيس يكون حديثنا عن شاعر كبير ومتفرد, يدلل معظم النقاد على أنه رائد للشعر المعاصر استطاع أن يقود حركته الطليعية, وقد مكنه من ذلك تمتعه بملكات لغوية نادرة ووجدان أصيل. وبناء على هذا صار أدونيس مؤسساً لفن الشعر العربي بأسلوب لم يظهر له مثيل منذ زمن طويل.

    ما أود أن أشير اليه هو أدونيس بصفته ظاهرة ثقافية من المرتبة الأولى. ولا أزمع, بأي شكل, تجاهل انجازه الشعري, وانما ان أضع تجربته في سياق زمنه وسياق المجتمع الذي كان فيه شخصية استثنائية. وآمل, أثناء فعلي لهذا, ألا تفكروا في كمجرد بروفيسور لن يتخلى عن فرصة توجيه جمهور مذعن للقول, وانما كقارئ لأدونيس يتمنى أن يعترف بالدين الضخم الذي يدين له به العرب وأيضاً قراء الشعر والنقد.

    في الكتاب الذي قدمه أطروحة دكتوراه, "الثابت والمتحول", يتحدث أدونيس عن تيارين كبيرين في الثقافة الإسلامية, وعلى نحو أكثر تحديداً في الثقافة العربية. يسمي التيار الأول ثقافة الخليفة: انها الثقافة الرسمية, والتي لا ترتب بالقوة فحسب, بل بالسلطة أيضاً, وبقراءة مقيدة جداً للماضي والتراث. تغذيها وتدعمها المؤسسات الاقتصادية, والسياسية, والدينية. وترتبط, قبل أي شيء آخر, بمجموعة من المعاني الثابتة التي تُستعاد وتُكرر باستمرار ويطلق عليها اسم الثابت كما في العنوان الذي استخدمه. ما يعارض جدلياً هذا التيار هو ثقافة الإبداع والتمرد وإعادة التأويل والخلق والمقاومة والتنوع. ومنها جاءت ثقافة الطبقات الأدنى غير الرسمية وغير التراتبية, ثقافة الخوارج والصوفيين" وكانت تجسد حيوية الثقافة العربية الإسلامية, على رغم انها, كما يظهر أدونيس, هرطوقية, هدامة, وفوضوية على نحو عميق. وبحس خارق للطبيعة, تجلى التوتر بين هذين التيارين, مأسوياً (وربما في شكل تعذر تجنبه) في الحرب بين ايران والعراق.

    ان دراسة أدونيس لهذين التيارين مهمة جداً بالنسبة اليه كقارئ للتراث الإسلامي, ومعيد لتأويله, وكشخص يعيش, على نحو إبداعي, فيه. نلاحظ أولاً أن أدونيس حليف للتيار الثاني, أي ثقافة الهدم غير الرسمية, والإبداع والتأويل الخيالي. ولكن إذا توقفنا عند هذا فحسب ستفوتنا النقطة الرئيسة, ومفادهــا أن أدونيس يشرح في كل مكان كيف توجد ثقافة الإبداع والتغير الثوري بفضل الثقافة الأخرى, ثقافة الخلفاء. ان ما هو مهم هو هذا الجدل بين المتناقضات, وليس مجرد الإلحاح على التغير ومن أجل الثورة.

    وهذا لا يمكن تأكيده بما يكفي حين نفكر بأدونيس. يقول لنا لماذا, على سبيل المثال, شعر أنه من المهم بالنسبة اليه كشاعر أن يعيد قراءة التراث العربي والإسلامي برمته, وبطريقته الخاصة, وأن يرى أجزاءه المختلفة, ويجربها سواء كانت متنافرة أم متجانسة. وهذا يشرح الجهود الضخمة, الهرقلية, التي بذلها في انقاذ المجموعة الهائلة للنصوص الإسلامية من الأرشيف والمدارس, قارئاً لها كلها بالتفصيل, من جديد, بأسلوب حي ومنفتح على نحو كامل. يخبرنا عن الدرجة التي اتقن بها هذا الشاعر الطليعي, وحوار الثورة المعترف به, هذا, التراثات المعقدة. والعادات الموروثة وأساليب لغته وأدبه, التي, لو كان شاعراً أقل شأناً ونضجاً, لنبذها باحتقار وجهل.

    إن أدونيس, إذاً, شاعر عميق الثقافة استوعب أشعار امرئ القيس, المعري والمتنبي, وأشعار جمهرة من الكتّاب المحدثين, وليس ثمة سوى بضعة شعراء عرب أتقنوا شكل القصيدة في شكل كامل كما فعل هو. ولكن في كل ما يكتبه هناك التوتر بين ما هو موروث وما يُجعل جديداً, بين الموروث والإبداع, وهو توتر يعيد انتاجه وتجديده ابداعياً, كما يفعل المؤولون الخياليون في التأويل. نجد إذاً في أدونيس الماضي والحاضر متشابكين في عملية درسها بحرص أكبر وبأهمية أكبر من أي شخص قبله. هذا إذاً ما يجعل أدونيس المربي الشعري لزمانه.

    لكن أدونيس أيضاً هو مستكشف الحداثة العربية والناطق الأكثر فصاحة باسمها. لا أحد أكثر منه رحب بالشعراء الجدد, والأفكار المثيرة, والتحليقات الجسورة. ولقد فتح لمجموعة من معاصريه - وبينهم أنا نفسي - أبواب مجلة "مواقف", وكان مهتماً وفضولياً وودوداً ومشجعاً ومتعاطفاً وحيوياً على الدوام.

    في أدونيس الناقد نرى أدونيس الصديق وأدونيس المحرر: "مواقف", المجلة التي أسسها وحررها وحده, بيده تقريباً, كانت تخدم كنافذة للكاتب العربي على العالم, وكنافذة للعالم على ما هو أفضل وأكثر إثارة في العالم العربي.

    كان الامتداد الطبيعي لهذا الدور موقعه كشاعر, أو بالأحرى, موقعه ككاتب. لقد ربط أدونيس شخصيته وحياته بحياة الثقافة الحديثة, وهي في صراع متواصل كيما تجدد الماضي وتعيد خلق المستقبل. إن صوت أدونيس الشعري, وشخصياته الشعرية, وخضوعه للعنصر الهدام أمور واضحة المعالم وتشكل, بسبب دقتها, وانصقالها الرفيع, ونسقها البارز, شواهد على الحياة وشهادات عليها في أواخر القرن العشرين. انها تتحدث عن ألم تراث متأصلة, وعريق وعن فساد حديث, عن قيود صارمة قديمة وحريات جديدة, عن القمع والتحدي, وتشكل كلها مظاهر لما يجب أن يُحتفى به ويفهم قبل أن يتم هدمه, لما ينبغي الاستمتاع به قبل أن يصبح مراً وسيئاً, لما يجب أن يجازف به المرء قبل أن يستقر. ان أدونيس هو المشاهد والمشهد.

    أخيراً يجب أن نتحدث عن أدونيس الشاعر الذي يرتبط عمله بالإبداع. فقد تتمكن الأجيال المقبلة من أن تقود بثقة أكبر من ثقة أجيالنا إن كان أدونيس الشاعر الأكثر أصالة بين الشعراء العرب في القرن العشرين. ولكن لا يمكن الشك بأنه الأكثر شجاعة. يحس المرء في أعماله المكتوبة, وحتى في أحاديثه اليومية, بمتعة كبيرة مصدرها اللغة العربية - الأداة الغنية والمطواعة في شكل اعجازي - التي يستخدمها بطرق لم يفكر أحد بأنها تُستخدم بها, بإيقاعات لم يسمعها أحد قبـل أدونيس, في تشبيهات لم يحلم أحد بأنها ممكنــة. ولقد كان موضوعه على الدوام, كما يخبرنا اسمه, هو التجديد, وفي هذا المشروع أوغل الى أبعد مما فعله أي شخص يكتب اليوم. سواء كمترجم, أو ناقد, أو باحث, كراءٍ, ومحرر, وكصديق, وكمواطـن في أرضه وزمنه, كان أدونـيس الشـاعر الذي لا يَهـاب.


    * هذا النص هو بمثابة تقديم لكتاب عن الشاعر أدونيس يصدر خلال أيام عن دار "بدايات" (جبلة, سورية) وعنوانه: "الضوء المشرقي - أدونيس كما يراه مفكّرون وشعراء عالميون". وكان ادوارد سعيد قدّم أدونيس بهذا النص في أمسية أحياها في مقر الامم المتحدة في نيويورك قبل سنوات وظلّ غير منشور


    -الحياة 2004/09/9-
                  

09-15-2004, 06:42 PM

تراث
<aتراث
تاريخ التسجيل: 11-03-2002
مجموع المشاركات: 1588

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نصّ غير منشور لادوارد سعيد: أدونيس مؤسس فن الشعر العربي (Re: osama elkhawad)

    up
    ارجو أن تتاح لي فرصة العودة الى هذا البوست الهام
    شكراً يااسامة
    .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de