|
حكايات من الاغتراب 3( حكايات ابناء المغتربين )
|
هذه مقالات قديمة كنت نشرتها في موقع قبل اعوام عندما كان عودي طريا أتمنى ان اسمع المزيد من الحكايات من الزوار الأعزاء .
حكايــة مهـا
(حكاية مها هي حكاية كل الأباء المغتربين الذين قضوا عشرات السنين في الاغتراب وتركوا أبناءهم وحدهم في الوطن )
مها طالبة ثانـوي جميلـة وأنيقة كنت في السنة الثالثة الجامعية وهي جارة لبنت عمي وزميلة لها في المدرسة
طلبتا مني المراجعة لهما إبان الامتحانات النهائية وبعد عدة أسابيع من المذاكرة لهما والتعب معهما .. دخلت حياتي
وفي أول جلسة جمعتنا معاً بعد الامتحانات قالت لي : هل تستطيع أن تتزوجني؟ كانت مفاجأة لي – الحزن كان يلفها من كل جانب رغم مظاهر الثراء والفرح التي تحاول صناعتها – كان قلبها أبيضا وناصعاً قالت أنها تستمع لراغب علامة ومصطفى قمر ووردة الجزائرية قلت لها ما زلت صغيرة على الزواج ولا زالت أمامك الجامعة قاطعتني بعين دامعة : لا أنوي مواصلة الدراسة – اعتذرت لها إن كنت جرحتها وحكت لي بعد ذلك قصتها :
نشأت في أسرة صغيرة ووالدي مغترب منذ عشرات السنين أقسم لك لا أتذكر إلا وجهه وملامحه وهل تصدق لما بجي إجازة بعد كل ثلاثة سنوات بخجل منو وبحس كأنه ما في رابطة بينا – وهل تصدق كنت لا أتفرج في والدي وأملا منه عيني إلا عندما يكون نائما – أنا يتيمة يا عزيزي – في المدرسة أحس باليتم لما أشوف معظم زميلاتي قادمات للمدرسة بصحبة أولياء أمورهن أنا يتيمة رغم أن الشنطة بتصل ملانه كل عيد وكل فترة وأحدث الثياب كما ترى – ماليا مصاريفنا ما بتتوقف ولكن ... تنزل دمعة حارة من عينيها .
أحاول ترطيب الجو : تعرفي يا مها أحوال السودان الصعبة والحياة المعيشية وتقاطعني : ولكن عشرين سنة اغتراب قبل أن أخرج أنا للدنيا هو مغترب بنى بيت وعنده عربية ومشارك أخوه في بقالة و .. و .. و أقسم لك تمنيت أن أنشاء في أسرة معدمة على أن أحظى فقط بلحظات حنان مع والدي أتمناه موجوداً يسألني عن زميلاتي وعن الدراسة وحتى يضربني كرهت نفسي كرهت الحياة هل تصدق أن حياتنا حره أمي بتحاول تخفف عننا مشتركين في معظم الأندية – النادي الألماني والدبلوماسي نادي الضباط نادي المهندسين هل تصدق مرات بنجي من حفلة محمود عبدالعزيز الساعة 1 صباحا تفتكر لو أبوي موجود كان بوافق .
مها الآن تركت تلك الثياب الضيقة التي يبعثها لها والدها المتحضر وتركت تلك الحفلات وتركت تلك العطور النفاذة التي تجيئها من والدها المغترب وهي تنكب الأن على دراستها وتكتب في مذكراتها التي اطلعتي عليها يوما رسالة إلى رجل مجهول ترجوه الحضور .
أخر كلماتها لي وأنا مغادر إلى بلاد الاغتراب : أمشي أقعد عشرين سنة كمان .. أنا في انتظارك في كل الأحوال
( ملحوظة)
( لم أكمل العشرين عاما بعد ولكني في الطريق )
( عزيزي هل أحكي لك المزيد عن أبناء المغتربين الذين أعرفهم ومهما حكيت هل سيرجع الأباء .. يا ليتهم يرجعون
|
|
|
|
|
|