سيدي الإمام .. لو أنها جاءت من غيرك عن الصحافة السودانية!!!

Quote: سيدي الإمام .. لو أنها جاءت من غيرك حينما رفعت الأحزاب شكواها إلى ممثل الأمم المتحدة فى الخرطوم تشكو الحكومة احسست بمهانة، ذات الاحساس انتابنى مرة اخرى عندما أخرج حزب المؤتمر الشعبى نساءه بمذكرتهن إلى الامم المتحدة يطلبن إطلاق سراح ذويهن. احسست اننى( سفيت) ترابا مخلوطا بملح عندما دعتنى الامم المتحدة للحوار حول قضايا السلام والإعلام ، فطفق كُتاب كبار يلعنون ويشكون حكومتهم للأجانب. يا ترى ماذا جرى فى هذا الوطن ؟. كنت ظهر يوم أمس أطوف ببعض أحياء ام درمان وفى ذهنى هذه المواقف ، مررت على بيوت بعض الذين حفظ التاريخ مواقفهم حينما وطأت خيول كتشنر تراب ام درمان ، وخرجوا مهللين وبعضهن زغرد . هذه أسرة فلان التى استقبلت الفاتحين ، وهؤلاء ناس فلان الذين قدموا الزهور للغزاة . حكايات يرويها الأمدرمانيون كابراً عن كابر ، ورّثوها لأحفادهم . هو حكم التاريخ لا ينسى. أليس لنا فى هذا عبرة ؟! ، لقد عبر كثيرون من هنا وسيعبرون ، والتاريخ سيسجل . كم شعرت بالأسى وأنا اقرأ مذكرة السيد الصادق المهدى للأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفى عنان بواسطة ممثله السيد يان برونك . سبب الأسى ان للسيد الصادق فى نفسى مقاما خاصا ، رغم اننى لم أجلس معه ساعة فى حياتى ، ولكن أجمل ما أعرفه عنه هو استقامته الوطنية وحبه لتراب هذا الوطن والدفاع عنه ، وهو مجبول على ذلك من جدوده ، فكيف تسنى له أن يشكو حكومة وطنه للأجنبى ؟. احترت خاصة ان حزبه يحتفى الآن ، ويا للمفارقة بأم دبيكرات !!! . استوقفتنى فى مذكرة السيد صادق ثلاث نقاط، يطلب السيد الصادق المهدى من السيد كوفى عنان ان تقوم البعثة فى الخرطوم بالمطلوبات التالية : 1- دعم حقوق الانسان فى السودان كما حددتها المواثيق الدولية ، ورفض أى قيود توضع عليها. 2- توفير حماية شاملة للمدنيين الذين ينبذون العنف ويطالبون بحقوقهم بوسائل مدنية . 3- مراقبة اتفاقية وقف اطلاق النار ، ومحاسبة وجلب الذين يخرقونها للمحاسبة . يعنى المطلوب من السيد يان برونك ان يصبح حكومة فوق حكومة البلد ، يراعى حقوقنا الإنسانية ويحمينا كمدنيين ويحاسب أياً من الشركاء الذين يخرقون اتفاقية وقف إطلاق النار. السؤال الذى يواجه سيد صادق : اذا كانت هذه واجبات يان برونك ، فماهو دور أحزابنا الوطنية؟.هل ستتمتع بهذه الحقوق تحت ظل علم الأمم المتحدة بضمير مرتاح ؟. هل ناضلت الأحزاب (وتخابرت )ستة عشر عاما و فى نهاية المطاف يأتى أجنبى يرعى حقوقها وحقوق أبناء وطنها؟ . يا بئس الحصاد. صحيح أن الحكومة برعونتها هى التى مهدت الطريق لخيل الأجنبى ، ولكن بدلا من ان تهب القوى الوطنية لإلجامها تستقبلها بالمطالب!!!. يا ترى اذا جاء سيد صادق للحكم بعد ثلاث سنوات ، هل سيرضى أن تكون الأمم المتحدة مسؤولة عن حقوق الانسان وحماية مواطنيه؟. ان الكارثة التى دخلنا فيها ينبغى ان نبحث جميعا كسودانيين « لبصارة تخارجنا منها» ، بدلا من السعي لتكريسها . ان ما نقوم به الآن فى حمى صراعاتنا السياسية سيثبت الأوتاد وقد فعلنا ذلك من قبل، فخرجت الخيول وظلت الألغام مائة عام تنفجر فى وجوهنا حتى اللحظة . للأسف اننا لا نتعلم درسا من تاريخ ولا من راهن. ألم يكن من الأوفق ان تتحالف احزابنا تحت مظلة تحالف وطنى يرعى الديمقراطية وحقوق الانسان ، ويحمى المواطنين ، ويراقب ويحاسب منتهكي وقف إطلاق النار ، ويسعى لذلك بكل الوسائل المتاحة من احتجاجات وتعبئة الشارع ، وحتى الاضطرابات والتظاهرات والعصيان المدنى وحمل السلاح فى وجه الحكومة الباغية . ألم يكن هذا أكرم من الاحتماء بالأجنبى ؟. أ ليس بإمكاننا ان ندفع ثمن حقوقنا؟. ما هى الفائدة التى سيجنيها حزب الامة ، وأي حزب آخر من تحريض الأمم المتحدة وبعثتها على حكومة الوحدة الوطنية ، التى تمثل السودان الآن باعتراف المجتمع الدولى ، ما الفائدة؟. هل ستفعل بعثة الأمم المتحدة أى شئ ارضاءً لهذه الاحزاب ؟ ، ام ان لبرونك وبعثته مهاماً وقرارات منصوص عليها فى قرار تأسيس البعثة؟. الغريب أن هذه المطالب نفسها واردة فى القرار نصا ، فما الداعى لتحريض عنان أو تذكير البعثة بمهامها ؟. لو كانت الضغوط الخارجية تسقط الحكومة لما بقيت ستة عشر عاما وهى حتى اليوم محاصرة بالمحكمة الدولية وقرارات الكونغرس واكثر من خمسة قرارات من مجلس الأمن ، وهى تحت هذا الضغط تزداد كل يوم تمكينا. الغريب أن الأحزاب لم تستحدث طرائق مجابهتها للنظام ولا زالت تعتقد ان مناهضته لا بد ان تستند على الخارج . ألم يدركوا أن المجتمع الدولى اتخذ استراتيجيات اخرى ليس من بينها اسقاط الحكومة؟!.لو كان المجتمع الدولى قادرا على الدفاع عن حقوق الانسان أو حماية المدنيين لما تأخر فى دارفور كأوضح نموذج لإهدار حقوق الإنسان ، فإذا لم يفعل المجتمع الدولى ذلك لأجل دارفور فكيف سيستجيب لرغبات أحزاب لا يعترف بها أصلا منذ نيفاشا وحتى الآن؟. سيدى الإمام الصادق، لو ان هذه المذكرة جاءت من غيرك لما اعرناها اهتماما ، لأننا خبرنا الذين يبيعون أوطانهم بحفنة دولارات ، وعرفنا الذين دفعتهم مراراتهم وثأراتهم لموالاة الأجنبى ، ولكنا بحق لم نعرفك عميلا ولا خائنا لوطنك ، ولا تدفعك المرارات للثأر ، ولذا نستغرب أن تسعى لحمايةٍ ونصرةٍ من أجنبى لست فى حاجة إليها. سيدى الإمام ، أدعوك لسحب المذكرة ، هذا أكرم لك ولتاريخك ولحزبك وللسودان ، وتذكر ان «سِفر الولاء» لا يزال غصة فى حلوقنا .