لماذا يستمر هذا العذاب (نقلته عن الاهرام المصرية عدد 16/11/2005)

Quote: مشاهد يرفضها أهالي المنطقة يـــوم في حيـاة هــؤلاء‏ تحقيق : جـمال الكشكي سيناريو مرير يعيشه السودانيون المحتجون علي أوضاعهم‏,‏ فقد شهدت فصول السيناريو حالات وفاة لشباب وأطفال ونساء‏,‏ كما سجلت احداثه أيضا‏4‏ حالات ولادة بينهم توءمان‏.‏ تحقيقات الأهرام عاشت ساعات هذا السيناريو ورصد مشاهد من حياة هؤلاء اللاجئين لنعرف كيف يعيشون داخل حديقة مصطفي محمود بحي المهندسين‏.‏ المشهد الأول شيوخ وأطفال وشباب نائمون في مساحة لاتزيد علي‏100‏ متر‏..‏ يفترشون بطاطين وملابس‏,‏ وكأنهم يقيمون منازل من الأقمشة‏..‏ الحقائب متراصة ومكدسة بعضها يستخدم كأسرة وبعضها يستخدم كساتر من قسوة البرد‏..‏ السيدات يجلسن في ركن الحديقة يغسلن ملابس الأطفال ثم ينشرهن فوق حبال ممدودة بعرض الأسوار الحديدية للحديقة‏..‏ طوابير النوم تجمع أسر اللاجئين‏..‏ وجباتهم الغذائية مخزونة في أكياس بلاستيك تبعث رائحة تؤرق النيام‏..‏ بكاء الأطفال لاينقطع‏..‏ الأمهات نائمات يتلمسن شعاع النور كل صباح ليستيقظن ويبدأن في تجهيز احتياجاتهن‏..‏ الرجال يتجولون حول الحديقة في محاولة لنفض الكسل المسيطر عليهم بينما النساء العجائز غير قادرات علي الحركة المشهد الثاني وفي منتصف النهار يلتف هؤلاء اللاجئون حول الباعة الجائلين لشراء حاجياتهم ويفترشون وجبات الغذاء كل علي حده‏..‏ بعضهم يواصل كتابة المنشورات ولافتات الاعتصام ليعلقها حول سور الحديقة‏..‏ ثمة أحاديث أخري تشغل تجمعاتهم وتتناول قضايا بلدهم الداخلية بينما بدا سلوك بعضهم مختلفا إذ يفضل البعض الصلاة داخل مسجد مصطفي محمود والبعض الآخر يكتفي فقط بأن يستلقي علي الرصيف في مشهد غير حضاري‏.‏ قطع حالة ارتباك شديدة تسيطر علي ارجاء المنطقة التي يقضمون فيها‏..‏ هرولة ما بين الشيوخ والنساء والأطفال‏..‏ ثمة أوجاع تبعثها سيدة في أيام حملها الأخيرة بينما يطل صوت مولود جديد ليأتي ويشاركهم المأساة في مهد أيامه‏..‏ مشهد محزن ومفرح في آن واحد لكنه تكرر أربع مرات منذ بداية الاعتصام‏.‏ نفس الفرح بحالات الميلاد تحولت أيضا إلي مشاعر حزن لحالات وفاة الأطفال وشيوخ وشباب إذ عاش اللاجئون أربعة مشاهد حزينة علي رحيل أربعة منهم بعد أن قتلهم الحزن والضياع‏.‏ المشهد الثالث وما أن تسقط أشعة الشمس في نيل القاهرة تبدأ رحلة الظلام مع هؤلاء لاتوجد إنارة‏..‏ أسنانهم ناصعة البياض هي التي تفرق بينهم يهربون من عذاباتهم إلي النوم‏..‏ يبحثون عنه فيجدونه ثم يخطفه منهم برد الشتاء بعضهم يتسم بالسلوك الملتزم وبعضهم من أبناء الليل ومن أصحاب المكيفات لايفرقون بين ليل ونهار‏.‏النهاية يخرج سكان المنطقة المجاورة لميدان مصطفي محمود كل يوم بعشرات الشكاوي من هؤلاء اللاجئين الذين حولوا شوارع المنطقة إلي دورات مياه‏.‏ وتسببوا بهذا السلوك في رائحة كريهة يعاني منها أطفال المنطقة‏,‏ كما تتضمن الشكاوي أيضا حالات ضوضاء ومحاضر ازعاج من بعض السودانيين أصحاب الكيف الذين يتمايلون طوال الليل في شوارع المنطقة ويحدثون قلقا من خلال سلوك مريب‏,‏ كما تضمنت الشكاوي أيضا التنبية بإيجاد حل لهؤلاء خشية انتشار بعض الأمراض المعدية إلي سكان المنطقة‏.‏