|
أما آن الأوان لتريحونا من النزعة القبلية؟
|
لدي قناعة راسخة بأن النزوع نحو القبلية وتمجيدها والاحتماء ورائها وتسوريها وكأنها كيان أتى من الفراغ، ما هو إلا ضرب من ضروب تكريس التخلف. فما هي القبلية في الأصل إن لم تكن وهما تم تصديقه مع مرور الوقت؟ وكيف انوجدت؟ وكيف انتمت إلى البشرية التي تلتقي كلها في آدم وآدم خلق من تراب؟ وعندما أنتمي إلى إحدى القبائل العربية التي تعود إلى سيدنا إسماعيل عليه السلام جد العرب.. طيب: أليس إسماعيل هو ابن سيدنا إبراهيم الخليل ولم يقل أحد بأنه عربي؟! إذن ما الفائدة إذا كنت عربيا أو غير عربي؟؟ ولنعد إلى السودان. من قال إن من بين القبائل العربية هناك قبائل اسمها الجعليين أو الرزيقات أو الشايقية أو الجوامعة أو الحمر... أليست أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم؟ وما المانع في أن اختلق لي قبيلة أكون أنا جدها لتنضاف إلى مئات - وربما آلاف القبائل التي يعج بها السودان؟ أسألك برب الكعبة: ماالفائدة من معرفة قبيلة مانديلا أو غاندي أو الطيب صالح أو زويل أو إينشتاين أو الفيتوري أو راشد دياب أو بكري أبوبكر حتى أحبهم واحترم إبداعاتهم؟ تعج الكرة الأرضية الآن بأكثر من ستة ملايين نسمة.. أفيهم من هو أعظم من سيدنا بلال رضي الله عنه؟؟ من أي قبيلة هو؟ لا يهم أبدا. ما الفائددة من رابطة أبناء الفور وأبناء الزغاوة وأبناء المساليت وأبناء الحمر ورابطة الحلفاويين؟؟ هل أثبت علماء الجينوم البشري أن هناك اختلافا في عدد الجينات بين أبناء هذه القبائل؟ أم أن هناك من يحمل أكثر من 23 زوج من الكروموزومات ويتنفس غاز الهيليوم بدل الأكسجين؟! يشير التاريج البشري إلى أن التمايز الثقافي يخلقه المكان والبيئة وليس العرق أو القبيلة. فصفة غرباوي التي تطلق في السودان ترتبط بمن عاش في غرب السودان وتأثر بسحر المكان وتذوق طعام الإقليم ومارس طقوسه الاجتماعية كما يفعل المجتمع، وليس بمن ينتمي إلى قبيلة معينة. إن العالم يتجه نحو تمجيد الكائن البشري واحترام حقوقه بغض النظر عن أي اعتبارات عرقية أو قبلية أو جغرافية، ولا تمايز أو تراتب إلا بالتقوى والعمل الصالح الذي ينفع البشرية ويمكث في الأرض، بينما يذهب الزبد جفاء.. ويجب أن لا ننسى أننا في أمس الحاجة إلى تناسي النزعة القبلية حتى نخرج من الدرك الأسفل من التخلف.. وعلينا أن نعولم قضايانا: فقضية دار فور ليست هي قضية قبيلة الفور أو الزغاوة أو المعالية أو التعايشة، بل قضية تهم البشرية جمعاء.. وكذا قضية ختان الإناث وأزمة الديمقراطية وديكور القناة الفضائية السودانية!! كلها قضايا تهم الجنس البشري الذي يسعى لحياة أفضل.. ولا خير في من بات شبعان وجاره جائع. وخالص حبي وتقديري لكل بنات وأبناء حواء الذين أثروا ولا زالوا يثرون حياتنا بفكرهم وإبداعاتهم.
|
|
|
|
|
|