الي ساعة متاخرة من الليل تفتح الاندية الرياضية ـ في الاقاليم بصفة خاصة ـ ابوابها خلا ل الشهر الفضيل . وللاسف ان النشاط الذي يسود بها وهي التي كتبت علي لافاتاتها العبارة المشهورة ( رياضي ـ ثقافي ـ اجتماعي ) لا يتجاوز لعب الورق والونسة ومشاهدة التلفاز ...
الي مثل هذه الاندية كان ينسب فضل الكثير من معطيات حياتنا الثقافية . اذ انها لطالما شهدت ، في الماضي . ميلاد العديد من الاسماء الغنائية والمسرحية والشعرية . ولنشر في هذا السياق ـ علي سبيل المثال ـ الي نادي الزهرة الخرطومي الذي شهدت ساحته ، مطلع القرن الفائت ، فعاليات ثقافية كان في مقدورها ان تقدم لذكراة الابداع السوداني اسم رائد المسرح خالد ابو الروس !
في الواقع ، الي وقت قريب كانت هذه الاندية تنشط ثقافيا" وان ثمة روابط وجمعيات لطلاب الجامعات كانت تستغل سانحة الشهر الفضيل التي تتزامن مع الاجازة للمساهمة مع بعض اعضاء تلك الاندية في تفعيل النشاط الثقافي بالمسرح والشعر والمعارض التشكيلية . لكن ذلك لم يعد يحدث في الكثير من مدن الاقاليم للاسف علي الرغم من اهميته القصوي التي لا نكون قد بلغنا بعضها عندما نشير الي ان ذلك النشاط الاهلي كان ، كيفما تمظهر ، يقلل من خطورة غياب الفعل الثقافي في تلك البقاع النائية . كان يخفف من وقع حقائق مريعة من لدن غياب خشبات المسارح ، صالة العرض التشكيلية والسينمائية والمكتبات العامة والمنتزهات بتلك المدن المهمشة ، اي من غياب كل ممن شأنه ان يرتقي وينهض بالمواطن وبمنطقته ، كل ممن شأنه ان يساهم ، لاحقا" ، في فكرة ان يتعايش الناس بقيم المدنية الحديثة و المواطنة السليمة.. بلا احتقانات واحقاد وضغائن ، وبحب شديد للوطن !
طيلة الفترة الفائتة كانت هنالك امانات بحكومات تلك المدن معنية بالنشاط الثقافي والاجتماعي وتصرف الدولة من مال المواطنين لموظيفيها . لكن للاسف اغلبها انشغل بامور استقبال الوزير الفلاني ووداع الاخر ولم يعّن لواحد ممن عهد اليهم بادارة تلك الامانات ان يقيم فعلا" ثقافيا" مسؤولا".. ان ينشيء مسرحا" او صالة عرض او .. !
كثير من مدن الاقاليم الان لا توجد بها امكنة لاقامة نشاط ثقافي الا بعض ساحات النشاط الطلابي لمدراس الثانوي العام القديمة ، والتي لم تعد تفي حتي بمتطلبات انشطة الطلاب انفسهم ـ دعك من مواطني المدينة ، فلقد طالها القدم وتهدمت اجزاء عديدة منها وماعادت صالحة .
بالتأكيد هنالك العديد من الاسباب وراء ضعف الاندية ـ هذه التي اقيمت عندما كانت الحياة سهلة وميسرة ـ في الوقت الراهن ومن ذلك ضعف مواردها .. شحها وفقرها الشديد ـ الذي هو بالضرورة بسبب الحالة الاقتصادية للبلاد . الان لا احد يملك القدرة علي ان يرضي بان يسمي رئيسا" لادارة النادي بالاقاليم خشية الدفع والجر وغير ذلك مما ليس بالحيل ولا بالحول . لذا تجد ان اغلبها ـ الاندية ـ يفتقر لابسط ملامح التنظيم والتخطيط ، وتحولت من مكان تعمر لياليه الانشطة الابداعية .. الالقاء الشعري والمسابقات الهادفة الي مكان للعب الورق ومشاهدة الديجتال والونسة !
بعد .. هل لنا ان نستبشر خيرا" مع مقدم هذا الشهر الفضيل علي خلفية كثير من التغييرات علي الصعيد السياسي ان تعود الي تلك الاندية لمعتها الغائبة . ان تعود لياليها الثقافية المميزة ؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة