رسالة إليها .. في برجها الملائكي الطهر *** دَنَسُ هذا القلب لا يطهره جبلٌ من ثلج ... و لا أنهار من بَرَدٍ منهمر... مثقلٌ هو بزيف الزمن الماضي .. معطون بأوحال الحاضر المرير .. يُعْتِمُه ضباب المستقبل القاتم .. لا أدري كيف في غفلةٍ من تسابيحِِ الملائكة المُهَوِّمة حَوْلِك، إنسربتْ روحُكِ و سكنتْ هذا الضريح المتهالك .. كيف طاب لها فيه المقام .. ؟ هذا المعبد الذي تسكنه قبيلة من إبليس تترنم فيه بتواشيح الوسوسة.. و تتردد بين جنباته المتآكلة همهمات التآمر و المكائد و الدسائس .. كيف إستقام ظل الوفاء و كل العيدان معْوَجَّة تنقصها الإستقامة ؟ إسمعي .. إسترقي السمع .. أنصتي ... ففي هذا الكهف الموحش ..... لن تسمعي غير صفيرِ الريبة .. و عويلِ الشك .. و نواحِ أنانيةٍ تتعلق بأهدابِ الإمتلاك المُغَلَّف بحبٍ هو بريء من كل ما يُمْليه عليك قلبك البِكْر.. أنظري .... و أشخصي ببصرك .. و أنفذي ببصيرتك .. لا تَغُرَّنك هذه النظرات الولْهى .. لا تجعلي سحر بريق الدهشة الكاذب يَنْفُذ فيك .. فخلف هذه الوداعة ترقد جذوةٌ من رغبةٍ جامحة لا تُبْقي و لا تَذَر .. بل أُتُونٌ من نارٍ تتلظى بمدِّ الشهوة... و جَذْرِ الملل .. و تموج بمآرب إبليس و همزاته و لمزاته لبني البشر منذ بدء الخليقة .. لا تَهْرِقي دمعاً هتوناً .. لا تهرقيه ندماً أو شوقاً ... فهناك بعيداً عنك .. يُنْصَبُ مذبح مشاعرك في أحلامِ يقظةٍ تُدْخِلُك قسراً دهاليز حريم القصور و مخادع السبايا و الجواري .. ثم تُذْرف بعدها دموعٌ تتوارى التماسيح خجلاً منها. و توسلاتك تَنْهب الزمنَ الفاصل بينك و بين ربقة جوع الجسد المنتظر هناك .. جوعٌ يسكن جراب الإستكانة و هو التمرد بعينه .. و يلبس مسوح الرهبان و هو الشيطان نفسه .. و يَضُوعُ منه مِسْك فواح بينما ختامه تنفر منه السائبة... وَفِّري زفراتك الحَرَّى ... فلو بذلتيها لتؤجج ناراً تضيء ليالي إنتظارك الطويل .... فلن يجدي ذاك فتيلا ... إنها مائدة كرام لا يستحقها اللئام. لا يخدعنك هذا السيل المنهمر من معسول الكلام .. فظاهِرُهُ شهدٌ تُغَلفُه طبقةٌ زائفة من شمعِ الرقة و التحنان .. و باطنه سُمٌّ زعاف سرعان ما يسري في الجسد فيخدره إلى حين .. و من ثَمَّ يُدْخِلُه في بياتٍ عاطفي مجهول الأمد .. ليسوقه سَوْق العميان نحو حافة حتفه المحتوم .. فلتّعُد قوافل معراجك .. فلتعد أدراجها .. و لتسلك طريقاً غير ذاك الذي أتتْ منه .. فهو طريق مليء بفيضٍ من ذكرى نازفة .. لن تحتملي إستعادة محطات أحداثه الواحدة تلو الأخرى .. و لن تطيقي الوقوف بمنعطفاته القديمة في طريق العودة .. ثم أهجدي في محراب روحك .. و تبتَّلي هناك ما شاء لك التبتل .. فسَينْساب نشيداً سرمدياً ليسكن أسفار المحبين .. و معالماً تضيء مسالك المتأوهين .. و تعَلّقي بأستار قلبك .. و أقبلي بها سدرةً تنتهي عندها كل فيوض العشق المحرم و المباح .. و توسلي بطهرك .. و تطهري بتوسلك .. فالأمر سيان .. و أوقدي وفاءك و إخلاصك قناديلاً و أخشعي .. إخشعي طويلا .. و أغسلي ما علِق بدواخلك بدموع نُبْلك و سخاء روحك .. فهناك ... خُشُوعئَِذٍ ... ستُضاءُ في أرجاءٍ كثيرة شموعاً تُبَجِّلُ مبتداك و منتهاك ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ابو جهينة
قرشـــو
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست