كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمةحسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟ ويطوف بى الخيال في اروقة الذاكرة واتداعي عندما جئنا برالمة من عطبره الى الجامعة نحمل توجس ناس الاقاليم من ناس الخرطوم..لفت نظري طالب عاصمي موفور الصحة ذو لحية كثة كثير الابتسام والمزاح..وبمرور الزمن تعارفنا كزملاء..كان اسمه جمال..كثيرا ما كان يقضي الظهر معنا فى البركس فى غرفتنا فى داخلية بحر الجبل فى انتظار الدوام المسائى ..كان يعلن عن قدومه السعيد بصوت الموتر السوزوكي الذى يملكه يوقفه عند النافذة ويدخل عبرها فى ضجة صاخبة ثم يتناول المصحف ويقرا سورة مريم باستغراق عميق ثم يتغدي معانا فى صفرة الغالى ثم ينام لنعود لنواصل محاضرات المساء والمعامل االمضجرة فى كلية العلوم .. جامعة الخرطوم..كان طالبا رياضيا ومثقفا ومحبا للناس..وعندما شارفنا على الامتحانات..طلب مني ان اذهب معه نذاكر فى منزلهم فى الخرطوم اثنين،محطة الغالي ..تعرفت على والدته الطيبة ووالده عم الياس وشقيقه بشير الذى كان لايزال يدرس فى كلية الطب ولاعب سلة ممتاز وشقيقته هدي التي تخرجت من كلية الطب ايضا ..وكانت المفاجئة ان اري صورة مريم العذراء والمسيح والصليب فىمنزلهم لاكتشف ولاول مرة انه مسيحى ومع ذلك كان هناك مصلاية ومصحف فقد اعتادوا ضيافة المسلمين..حيث لم يخطر في بالى ذلك طيل تعاملى معه كزميل فى الاكادميات والثقافة والرياضة.. وفى عيد شم النسيم دعانى الى بيت شقيقتهم فيولا فى حى المطار..وتعرفت علىابناء اخته ماريا وشقيقها الذين تنازعا فى ان يقدما لي فلم عن المسيح او فلم عن بيليه الجوهرة السوداء وقد حضرت الفلمين الي المغرب وعدت الي الجامعة..بعد هذا الاستقبال والضيافة خمس نجوم..ثم مضت السنين وتخرجنا..وسافرت للعمل فى كريمة كمعلم وعدت ذات عطلة الى الخرطوم..وقابلت جمال يقود سيارة بشير شقيقه بالصدفة فى السوق العربى..اخبرنى انه يحتاجني بشدة لاقناع امه الطيبةبالسماح له بالسفر الي امريكا..كنت اعرف مدي تعلق امه به وبسبب حادثة ظريفة في الماضي عندما تاخر باص الرحلة يوم الجمعة كانت الرحلة الى وادي سيدنا..وجد جمال افراد عائلته كلهم ينتشرون بسياراتهم في شارع الجامعة وغضب كثيرا لهذا التدليل المفرط امام الزميلات والزملاء ..كنت اعرف ان المهمة التى تنتظرنى اصعب من محادثات ابوجا لاقناع ام تخاف عل ولدها من عبور بحر الظلمات..ولكنى اقنعت والدته بان تتركه يسافر ليجرب حتى لا يندم عمره كله وقلت لها المثل السوداني البقع براه ما بيبكى..وسافر الي امريكا..وانقطعت اخباره سنين..وسافرت بدورى الى اليمن وعدت في اول التسعينات ليكون اول من اقابل فى شارع المطار جمال الياس يركب سيارة تروبر..اخبرنى انه لم يستطع العيش في امريكا وسالته عن اهل البيت ووعدته بزيارتهم قريبا واوصلني الىموقف الحاج يوسف حيث رحل ناس بيتنا من عطبره ايضا ..وعندما زرتهم بعد ايام..وجدت الصمت يخيم على بيتهم والتيار الكهربائى مفصول عنهم منذ زمن ووالده الذى تقدم به السن كثيرا يجلس ساهما شاردا وغارقا فى بحر من الذكريات بعد ان اقفل محلهم فى صالة فندق اراك هوتيل..وبدات اسال امه الطيبة اين بشير؟ - هاجر الى بريطانيا اين فيولا _هاجرت ال هولندا اعتقد انها اسلمت وسمت نفسها فاطمة اين جورج؟ -هاجر الي بريطانيا اين هدي؟ - تزوجت وهاجرت الى كندا اين؟!..اين؟...اين؟ الي اين يمضى هؤلاء ولا يعودون..ومن يومها عرفت اننا فى زمن الكوليرا والاكسدوس الوبائى للمسيحيين من هذا البلد الذى خبث ولا ادري كيف تكون معاناةجمال الذى يعانىمن نوستلجيا السودان وفرض عليه ان يعيش هذا الجحيم الذى عجزنا نحن المسلمين البقاء فيه.. وانظرو كم فقدنا من كفاءات نادرة واطباء لا يقدروا بثمن
كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمةحسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟ واتداعى
(عدل بواسطة adil amin on 08-09-2005, 12:48 PM) (عدل بواسطة adil amin on 08-09-2005, 01:04 PM)
الأخ العزيز عادل امين شل حزن النافذة والعصافير الثلاثة والقرية التهامية والأصدقاء الذين يمضون بلاعودة لساني من بين من عرفتني عليهم هذي البلاد خالد الريد النعمة كان استاذاً باليمن قبل مجيءه إلى هولندا عام 1999 أتعرفه لابلغه تحاياك
08-10-2005, 01:50 AM
adil amin
adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37029
الاخ العزيز عثمان تحية طيبة بلغ خالد تحياتى وللاسف لا اعرفه...وهذه التداعيات كانت مخدر موضوعى للتخلص من ملل ايقاع الزمن الراكد واهديك هذه الاخري للملف المسيحى للسودان
أستاذ عادل كنت أمضي إجازاتي مع نسائبي في منزلهم بحي أبوروف ، وكنت دائما التقي امرأة كبيرة في السن اسمها حبيبة وعرفتها جارة لهم ، واعتادت أن تقدم لنا هدية في نهاية كل إجازة برطمانا من الفسيخ وآخر من المش ،،، وفي يوم من الأيام وبعد معرفتي لها بخمس سنوات ، جلست معها برفقة حماتي في ظل الضحى ، وشربت معهما القهوة ، وتآنسنا ، ثم همت حبيبة بالانصراف ، فثبتت يدها على السرير لتتمكن من القيام ، وقالت مستنجدة : يا مريم يا عذراء ،،، وودعتنا وانصرفت ،،، فسألت حماتي : هل حبيبة هذه نصرانية ، فقالت نعم ، وسألتني : أهذه أول مرة تعرف فيها هذه المعلومة وأنت تعرفها منذ سنين ،،، قلت والله إنها أول مرة ،،، فقلت لحماتي : تتعاملين معها وكأنها أختك .. قالت هي كذلك ، نشأنا هنا ، ويجاورنا ، وأصبحنا مثل الأخوات ... وعندما جاءت الإنقاذ هاجر أبناء حبيبة ، ولحقت هي بهم ،،، وماتت هناك في الغربة ،،، وقد ظلت في غربتها ترسل تحاياها لأهلها وجيرانها في أبو روف ، وتتابع أخبارهم ويتابعون أخبارها ...
08-11-2005, 02:23 AM
adil amin
adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37029
ودعنى اخبرك عن خالتى عواطف المصرية كانت جارتنا في الدامر في حلة الموظفين ولها ابناء كثيرون وبنت..وزوجها سودانى من حلفا...ايام الحقبة الترابية الكالحة والحملة المسعورة عل مصر وايام يونس ضاق بها المقام واختلفت لاول مرة مع زوجها بعد عشرة عمر طويلة جدا حول البقاء فى السودان اوالهجرة الي مصر فعادت الى مصر للتوفى هناك ورحل زوجها مهندس المساحة الي مسقط راسه فى قري حلفا التي دفنتها الرمال...وتشتت اولاهم النجباء اطباء وصيادلة ومهندسين ومعلمين وخبراء زراعيين في دول الخليج وبين مصر والسودان ..كانت تسال عني دئما اهلي فى السودان وفاجاتنى بمكالمة تلفونية من مصر وطلبت منى الحضور للاقامة معهم هناك...ولكنها توفت اثناء العام الدراسى ..وعرفت انه لا جدوي من مصر من غير خالتى عواطف الطيبة...وهزم بذلك نصف جيشى هناك...وبوفاة جون قرنق عرفت ان جيشى الان كله تفرق ايدى سباء....ولم يبقى سوى الزكريات صادقة ونبيلة ومهما تجافينا بنقول حليلا... والحديث ذو شجون
10-12-2005, 07:00 AM
adil amin
adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37029
Dear All This is what happened to our Coptic, brothers and sisters. At the height of of the Islamic civilizational project, the NIF did not want any non-muslim or non-Arab in the Sudan: extermination for the Southerners; and the Copts were either denied the right to work and encouraged to leave the Sudan.
10-13-2005, 04:38 AM
adil amin
adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37029
الوالد العزيز ارنست سلام تحياتي القلبية ...ونحن كلنا دفعنا ثمن الشجرة الخبيثة او الايدولجية الوافدة التي مسخت المجتمع السوداني...ولانها وافدة ستكون زبد والزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الارض...ولكن حتي يتعافي السودان داير زمن..والمرض يدخل بالباب والعافية تدخل بخرم الابرة شكرا على البريد الالكتروني وارسلت لك رسالة...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة