|
هتفت لسودان واحد وجثمان زوجها مسجى أمامها في صندوق...
|
الوسطاء يمتنعون ..!! عثمان ميرغني
من الحكمة قراءة تاريخ الأمم العظيمة .. كلها مرت بنفس المأزق الذي نكابده.. الولايات المتحدة الأمريكية لم تصبح متحدة وأمريكية وأقوى دولة في العالم الا بعد حرب أهلية مريرة طاحنة وبغضاء وشحناء سالت بها أنهار من الدماء..فصحيح أن مشكلة جنوب السودان أدمت السودان نصف قرن من الزمان وما زالت لكن كل ذلك لا يجب أن يصد الرؤية الحصيفة لسودان كبير واحد..
بعيدا عن العواطف .. وبالحقيقة المجردة من أثواب البلاغة ..الشحنة المريرة التي أفرغتها أحداث الأسبوع الماضي .. في الإتجاهين .. كانت نتاج "الفشل".. الفشل في ممارسة عملية تطبيب وجداني لجراحات الجنوب والشمال حتى تلتئم مع مر السنين .. بالعكس تبدو القضية محشودة بالأقوال أكثر من الأفعال .. الشعارات والهتافات أكثر من البرامج .. بالله أسألكم وحاولوا استثارة ذاكرتكم.. هل بذلت أية جهة حكومية او طوعية او غيرهما جهدا لاستحداث دراسة سديدة لوضع منهج عملي لإزالة أثار الحرب الطويلة من نفوس السودانيين على جانبي الوطن ؟؟ هل بذلت أي جهود عملية وعلمية لترتيب استراتيجية علاقة شعبية ومسلك ينمى روح السودان الواحد في أركان الوطن المختلفة ؟؟
إتفاق السلام الشامل .. يصنع آليات حكم وموجهات عمل سياسية وقانونية لكنه لا يقدم أية وصفة علاجية للوجدان الوطني .. لا يرفع الكراهية ولا يجلب الوداد .. ومهما كان الإتفاق مجزيا لأى طرف ومهما كان تطبيقه عادلا لأى طرف فإنه في نهاية اليوم سيحافظ على مناسيب الطرد الوجداني بين الطرفين (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يعملون) .. وسيظل اتفاق السلام - بذلك - كدواء السكري يحافظ على المريض لكن لا يعالجه ..
وأفضل وصف للحالة التي عاشتها العاصمة خلال الأسبوع الماضي ما قاله السيد الصادق المهدي ( القواعد خرجت عن طوع القيادات .. وأخذت بيدها أجندتها الخاصة) .. ففي لحظة شرارة عابرة كانت العاصمة خليط أحقاد وغبينة و ثأرات ودخان فوضى وجدانية عبر عنها كل فرد بما يروق له وفي وسط الزحام دفع أبرياء كثيرون من الطرفين ثمنا غاليا لجرائر ما جنتها أيديهم ..الاستاذ الجامعي في أمدرمان الاسلامية .. والاستاذ الجامعي في جامعة النيلين الذي قتل أمام منزله في الكلاكلة والصيدليان اللذان قتلا أيضا في الكلاكلة ..و صاحب الصيدلية الكبيرة المكلفة في حي العودة بامدرمان الذي في برهة زمن وجدها رمادا تذروه الرياح .. كلهم لا علاقة لهم بأى أحزان وطنية جرت في الجنوب او طرف من القطر .. وآخرون أبرياء من جنوب السودان طالتهم نيران الثأر وربما لم يكونوا طرفا في أى حرائق أو عنف .. ومثل هذا كله لا يوصف الا بأنه انفجار شعبي مغبون ظل وميض نار تحت رماد الحرب التي توقفت باتفاق السلام..!!
التاريخ الحصيف لا تصنعه الإنفعالات والعواطف المتأججة بنزوات النفس الإنسانية .. ولو كان لواحد فقط أن ينفلت من عقال نفسه ويخرج كل آهاته الأليمة لكان من حق السيدة الفضلى ربيكا قرنق .. التي في ذروة ساعات الفرح والنصر اختطف القدر عزيزها بلا مقدمات .. ومع ذلك مارست أرقى مراقي الحزن النبيل .. هتفت لسودان واحد وجثمان زوجها مسجى أمامها في صندوق ..!!
بالله العظيم عليكم ..في مثل هذا الموقف العظيم .. قولوا خيرا أو اصمتوا .!!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: هتفت لسودان واحد وجثمان زوجها مسجى أمامها في صندوق... (Re: هشام مدنى)
|
الشكر لك ايها الانسان العظيم على مقالاتك السابقة فما احوج الناس لها فى هذه الظروف العصيبه من تاريخ بلادنا
Quote: التاريخ الحصيف لا تصنعه الإنفعالات والعواطف المتأججة بنزوات النفس الإنسانية .. ولو كان لواحد فقط أن ينفلت من عقال نفسه ويخرج كل آهاته الأليمة لكان من حق السيدة الفضلى ربيكا قرنق .. التي في ذروة ساعات الفرح والنصر اختطف القدر عزيزها بلا مقدمات .. ومع ذلك مارست أرقى مراقي الحزن النبيل .. هتفت لسودان واحد وجثمان زوجها مسجى أمامها في صندوق ..!!
بالله العظيم عليكم ..في مثل هذا الموقف العظيم .. قولوا خيرا أو اصمتوا .!!
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: هتفت لسودان واحد وجثمان زوجها مسجى أمامها في صندوق... (Re: msd)
|
استاذي هشام مدني ...لك التحية والتقدير ..
كم عظيمة هي هذه الكلمات .................
Quote: التاريخ الحصيف لا تصنعه الإنفعالات والعواطف المتأججة بنزوات النفس الإنسانية .. ولو كان لواحد فقط أن ينفلت من عقال نفسه ويخرج كل آهاته الأليمة لكان من حق السيدة الفضلى ربيكا قرنق .. التي في ذروة ساعات الفرح والنصر اختطف القدر عزيزها بلا مقدمات .. ومع ذلك مارست أرقى مراقي الحزن النبيل .. هتفت لسودان واحد وجثمان زوجها مسجى أمامها في صندوق ..!!
بالله العظيم عليكم ..في مثل هذا الموقف العظيم .. قولوا خيرا أو اصمتوا .!!
|
اخي العزيز.. msd...
Quote: للذين يبحثون عن زعامات تاريخية رابطوا خلف تلك القائدة ربيكا قرنق، اني اتنبأ لهذه السيدة العظيمة دوراً خطيراً في السودان. |
لا فض الله فوك..بنفس هذه الكلمات ذكرت لجاري الذي كنا نجلس ونتابع خطابها الكبير ..كبر السودان..هذه المرأة هي مدرسة بحق ..ثبات وصمود ..وقوة ..ووطنية ..وتلقائية ........ وقد قلت له انها تذكرني بشخصية ويني مانديلا ...
| |
|
|
|
|
|
|
|