حول نظرية الثورة السودانية ( 2) الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 09:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-10-2005, 11:32 AM

Amjed
<aAmjed
تاريخ التسجيل: 11-04-2002
مجموع المشاركات: 4430

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول نظرية الثورة السودانية ( 2) الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية

    حول نظرية الثورة السودانية ( 2) الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية
    صدقي كبلو
    [email protected]
    الحوار المتمدن - العدد: 1210 - 2005 / 5 / 27


    تقديم
    اصبحت قضية الديمقراطية، من ناحية نظرية وعملية، من اهم قضايا العصر، وسلك النقاش فيها مسالك شتى وبدا لبعض الناس وكأنهم يكتشفون اهمية الديمقراطية لاول مرة. ولا نهدف هنا لذم اولئك أو لتبيان ان الشيوعيين السودانيين ظلوا دائما مهمومين بقضية الديمقراطية أو لادعاء سبق في هذا المجال، هو ثابت دون ما ادعاء، بقدر ما نهدف لدراسة تطور مفهوم الشيوعيين السودانيين حول الديمقراطية والطريق الوعر، نظريا وعمليا الذي سلكوه في نضالهم من اجلها، وذلك بهدف استجلاء ذلك المفهوم من منظور نقدي يساهم في تطويره وترسيخه. وفي تقديري، ان ذلك مهم، ليس فقط استجابة "للموضة" أو التحاقا بموسم الهجرة إلى اليمين لتيار التراجع الذي الم باطراف حركة التحرر الوطني وحركة الطبقة العاملة العالمية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وانما لمواصلة نضال الشيوعيين السودانيين انفسهم من خلال تطوير نظريتهم الثورية وبرنامجهم النضالي.
    وسنسلك في هذا الصدد منهجا تاريخيا نقديا، لا بهدف كتابة تاريخ الحزب الشيوعي، أو وقوعا في فخ الاعجاب بالماضي والتغني بامجاده، ولا كما قلنا من قبل، سيادة لروح الاعجاب بالذات (ذات الشيوعيين الجماعية) والافتخار بأننا نمسك بناصية الحقيقة، وان نظريتنا سليمة واننا "لسنا كالآخرين"، ولو كان الآخرون هؤلاء هم الرفاق السوفيت أو الشيوعيون في البلاد الاخرى. فلكل ظروفه ولكل قضاته .
    ان المنهج التاريخي النقدي تتطلبه ضرورة دراسة اية ظاهرة أو مقولة أو فكرة. فالظاهرة هي تاريخها، ودراسة تاريخها لا يعنى تبريرها، بقدر ما يعني دراسة حركتها وصيرورتها والتي لا تعني باي حال من الاحوال ان تلك الحركة كانت دائما إلى الامام أو انها لاتحمل أي تناقضات وصراعات داخلية، بل ان وجود تلك الصراعات والتناقضات لا يقود بشكل اطلاقي إلى ان حسمها كان دائما يتم لمصلحة تطور الظاهرة أو الحركة أو الفكرة، فالتاريخ عموما لا يسير في خط مستقيم. وهكذا تاريخ الظواهر والافكار والحركات الاجتماعية، ومن بين هذه الظواهر النضال من اجل الديمقراطية، ومفهوم الديمقراطية نفسه والحزب الشيوعي السوداني كحركة اجتماعية وسياسية.
    وندعى هنا اكتشاف تناقض بين النضال السياسي للشيوعيين السودانيين من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان ونظريتهم عن الديمقراطية المسماة بالديمقراطية الجديدة حينا والثورية احيانا، وان هذا التناقض قد احتدم بشكل خاص بعد انقلاب 25 مايو 1969 وما تبعه من احداث بما في ذلك الانقلاب العسكري في 19 يوليو 1971 المسمى ثورة 19 يوليو حينا وحركة 19 يوليو التصحيحية احيانا اخرى. وان هذا التناقض قد بدأ حسمه في اجتماعي اللجنة المركزية في يوليو واغسطس عام 1977 ووثيقتي "قضايا ومهام السياسة الخارجية" و "جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن" ؛ ولقد حسم على مستوى البرنامج بشكل اساسي بعد انتفاضة مارس ابريل 1985، بدءا بحديث الاستاذ التجاني الطيب سكرتير اللجنة المركزية لراديو ام درمان في مايو 1985 عن تبني الشيوعيين للديمقراطية التعددية، وامتدادا عبر احاديث الاستاذ محمد ابراهيم نقد في الندوات العامة والحديث للتلفزيون والصحف المحلية والاجنبية وبرنامج الشيوعيين الانتخابي ثم مقالات الاستاذ التجاني الطيب في الميدان عن "الديمقراطية هل..".
    لقد طور الشيوعيون نظرية للديمقراطية تكاد ان تكون نظرية كاملة، وتعتبر ثورة فكرية عظيمة وتطورا نوعيا لما كان مطروحا من قبلهم ومن الحركة الشيوعية في المنطقة الافريقية والعربية. وما نحتاجه الآن هو ان نصوغ تلك النظرية بشكلها المتكامل وان نخرجها من بطون وثائق اللجنة المركزية والبيانات الجماهيرية والاحاديث المتفرقة لقادة الحزب لتصبح خطابا ايديولوجيا وبرنامجيا واضحا، حينئذ ستطرح امامنا مهام جديدة اكثر تحديدا، مثل صياغة دستور السودان الذي يترجم تلك النظرية، ودراسة مسائل الحكم المحلي والفدرالي، وقانون الانتخابات، بل وحتى اجراءات عمل البرلمان والمجالس المحلية والاقليمية ولوائحها. ولربما يظهر لنا حينئذ اننا في بعض أطروحتنا التفصيلية ما زلنا أسرى لنظرية الديمقراطية الجديدة بصيغتها القديمة، كما سيظهر لنا بدون أي شك ان نظريتنا للديمقراطية بصياغتها المتكاملة تتطلب منا جهدا تنظيميا اكبر في نشر فروع الحزب في ارجاء الوطن المختلفة وبناء اشكال جديدة للتحالف الديمقراطي في مناطق ومجالات لم تكن موجودة بها، بل والسعي نحو وحدة القوى الديمقراطية وبناء الجبهة الوطنية الديمقراطية.
    ويعاني هذا الفصل نقصا في التوثيق هو سالب لا شك، إذ إن الفصل يتبنى منهجا تاريخيا يفترض دقة التوثيق في عرض الأفكار و المواقف، ولكنه نقص فرضته الظروف التي كتب فيها في المنفى في زمن تسود البلاد ديكتاتورية الجبهة الإسلامية مما يجعل الوصول لبعض الوثائق مستحيلا، وكذلك إجراء بعض المناقشات مع بعض الزملاء الذين عاصروا فترات هامة يتتناولها الفصل بالمناقشة.
    لكننا رغم هذه السلبية نرى ان الفصل يسهم في نقاش مفيد وانه ليس حجرا يلقى به في ماء ساكن، فالنقاش والحوار قد بدأ قبله وسيستمران بعده. وكل امل كاتبه ان يكون اسهاما مفيدا فيه. فالكلمة الأخيرة لم تقل بعد ولن تقال ابدا.
    تأسيس الحزب ارتبط باستنهاض حركة ديمقراطية
    لعل ما يميز نشوء الحزب الشيوعي السوداني عن الاحزاب السودانية التي سبقته (الأمة والاشقاء) ان الاخيرة كانت نتيجة لانقسام مؤتمر الخريجين وتراجع الحركة الوطنية عقب رفض مذكرة المؤتمر وقيام المجلس الاستشاري لشمال السودان، بينما صاحب نشوء الحزب الشيوعي وسنواته الاولى نهوضا في الحركة الجماهيرية شمل معركة تكوين نقابة السكك الحديدية ومظاهرة طلبة الكلية والمدارس العليا في مارس 1946 ثم معركة الجمعية التشريعية وقيام مؤتمر الطلبة ... الخ. وكان الاستعمار البريطاني قد واجه صعود هذه الحركة الجماهيرية بمجموعة من الاجراءات تهدف إلى مصادرة الحريات العامة، يقول عبد الخالق محجوب:
    "لقد احس الاستعماريون بخطورة تطور الحركة الجماهيرية فسلكوا سبيل البطش بالتقدميين فسنوا القوانين الرجعية وحلوا منظمة انصار السلام وجعلوا من مصادرة حرية الافراد والجماعات والصحف قاعدة لهم وبدأوا خلال عام 1951 يعدون العدة لحل اتحاد نقابات العمال الذي كان يقف بقيادته الصلبة وعلى رأسها المناضل الشفيع احمد الشيخ في طليعة الحركة الجماهيرية""(عبد الخالق محجوب، لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي، ص 70 )
    وهكذا ارتبط تأسيس الحزب الشيوعي بالنضال الجماهيري ضد الاستعمار المرتبط بالنضال من اجل الحريات العامة واهمها حرية التنظيم والتعبير والتظاهر والحرية الشخصية (ضد اجراءات الاعتقال و التفتيش والرقابة والتبليغ اليومي لمراكز الشرطة)، ولكن هذا النضال لم يرتبط بنظرية للديمقراطية ايجابية المحتوى فلا رفض الجمعية التشريعية قدم بديلا، ولا رفض دستور القاضي بيكر قدم تصورا مختلفا، ولكنه عبر بوضوح عن رفض الطريق البرلماني (وقد تم التعبير عن ذلك في نشيد مشهور للشيوعيين حينئذ: اخي المجد للكتلة الجائعة، والذي يقول:
    اخي ان اجازوا دستورهم واحيل النضال إلى البرلمان
    فانا لن نبارك احلافهم لكي يدوس اعراضنا الامريكان
    ولعل ذلك انعكس في الموقف المتشدد من اتفاقية 1953 وفي المعارضة داخل الحزب لانتخابات الفترة الانتقالية. وهنا تاتي اهمية اجتماع اللجنة المركزية في مارس 1953 فهو إلى جانب انجازاته الكثيرة قد حسم دخول الحزب للانتخابات واقر التعاون مع بقية الحركة الوطنية لانجاز اغلبية برلمانية، مقدما مساهمة هامة في صياغة نظرية حول علاقة الممارسة الديمقراطية بالنشاط الجماهيري و التمثيل البرلماني، وكيف ان الاثنين يكملان بعضهما. يقول عبد الخالق محجوب انه كان واضحا ان الاغلبية البرلمانية "لن تستطيع انجاز مطالب الشعب الوطنية و الديمقراطية بدون تنمية الحركة الجماهيرية النشطة وتعهدها"(عبد الخالق محجوب، لمحات ، مرجع سبق ذكره، ص 83). بل ان دخول الانتخابات نفسها هو "اداة لتوسيع الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار وتعميق مطالبها الديمقراطية و الاقتصادية ويقظة الجماهير ازاء المزالق التي تحف بالاتفاقية المصرية البريطانية" (المرجع السابق، نفس الصفحة).
    اننا ازاء عنصرين للديمقراطية: البرلمان المنتخب والحركة الجماهيرية الضاغطة. وذلك ان الحزب الشيوعي لا يرى ان العملية الديمقراطية تنتهي بانتخاب البرلمان، بل انها تستمر بعد ذلك من خلال النشاط الجماهيري الديمقراطي الضاغط. وقد ادى ذلك، من خلال الميكانيزم الذي سنوضحه للتو، إلى جعل النضال من اجل الحقوق الاساسية جزءا هاما من نضال الشيوعيين السودانيين، اذ انه بدونها لا يمكن للجماهير ان تمارس دورها في العملية الديمقراطية.
    ما هو هذا الميكانيزم؟
    اولا: الانتخابات البرلمانية، ونسبة لظروف تخلف السودان "وضعف الاساس الاجتماعي للبرلمانية الغربية في بلادنا" (الماركسية وقضايا الثورة، الطبعة الثانية، ص 10، تؤدي لوصول القوى الرجعية للسلطة.
    ثانيا: الحقوق الديمقراطية التي تتيحها الديمقراطية الليبرالية تسمح للحركة الجماهيرية الديمقراطية وحركة التغيير الاجتماعي ان تنمو وتتطور وتمارس ضغوطا على البرلمان والسلطة السياسية. وتوضح تجربة النضال في عام 1958 ضد المعونة الأمريكية و الأحلاف العسكرية الأثر الواضح الذي يمكن ان تلعبه حركة الجماهير (حركة الشارع) في تغيير المواقف المختلفة للنواب والقوى السياسية. وقد اتضح نفس التأثير ابان حرب يونيو 1967 وتكوين مؤتمر الدفاع عن الوطن العربي (المحجوب اعلن الحرب على اسرائيل ودعا لمؤتمر الخرطوم الذي اعاد تنظيم الصفوف العربية ورصها ضد العدوان..)، ولعل تجربة انتفاضة ديسمبر 1988 وتكوين حكومة الوحدة الوطنية في مارس 1989 مثال آخر من تاريخنا القريب.
    ثالثا: وكمحصلة ل "اولا" و "ثانيا" اعلاه، فان القوى الرجعية ظلت تسعى بشكل دائم لمصادرة الحقوق الديمقراطية بدءاً من ترددها في تنفيذ قرارات البرلمان الاول و القاضية بالغاء القوانين المقيدة للحريات، فرض حالة الطوارئ عام 1957 ابان حكومة عبد الله خليل، وتسليم عبد الله خليل الحكم للجيش في نوفمبر 1958، وحل الحزب الشيوعي في شتاء 1965، ورفض حكم القضاء في 1966، ومشروع الدستور الاسلامي 1968/ 1969، (ويمكن اضافة تعديلات الدستور في 1986 والتي ادعى صادق المهدي انه يريد تصفية اثار مايو بها بينما كانت تلك التعديلات تمثل تهديدا حقيقيا للحريات الاساسية لم تدركه حينئذ الا المنظمة السودانية لحقوق الإنسان بينما وافقت عليه كل الأحزاب بما في ذلك الحزب الشيوعي)، ومحاولة قانون النقابات 1986 وقانون الصحافة 1988 واعلان حالة الطوارئ ابان حكومة الوفاق والتي استغلها وزير الداخلية مبارك الفاضل لممارسة الاعتقال التحفظي ضد المشاركين في ندوة امبو ... الخ
    وقد كانت حصيلة كل ذلك كما اوردنا، ان اصبح جزء كبير من نضال الشيوعيين والحركة الجماهيرية هو نضال من اجل الحقوق الأساسية أي من اجل حقوق الانسان والحقوق الديمقراطية، بدءاً باضراب الحريات الذي قاده اتحاد النقابات عام 1951 ومرورا بمشاريع تعديل والغاء القوانين المقيدة للحريات والتي قدمها نائب دوائر الخريجين الأستاذ حسن الطاهر زروق في البرلمان الأول. ويضاف إلى ذلك النشاط الجم للهيئة الشعبية الدائمة للدفاع عن الحريات عام 1954، ومذكرة الجبهة المعادية للاستعمار عن الحريات للازهرى، وكان رئيسا للوزراء، في اكتوبر ذات العام، ومذكرة رؤساء تحرير الصحف للازهرى في يناير 1955 بعد اجتماعهم مع الهيئة الدائمة للدفاع عن الحريات. ولقد شكل بند كفالة الحريات العامة البند الثاني ضمن ثلاث بنود قامت على اساسها الجبهة الاستقلالية بين الشيوعيين وحزب الأمة. ولقد تكررت المطالب بالحريات العامة في كل مذكرات وبيانات الجبهة المعادية للاستعمار واتحاد النقابات واتحادات المزارعين واتحاد طلاب الكلية واتحادات المعهد الفني والمدارس الثانوية.
    وأجمل الأستاذ حسن الطاهر زروق تلك المطالب والتوجهات الديمقراطية في خطاب ضاف عشية الاستقلال في 31 ديسمبر 1955 عند مناقشة مسودة الدستور المؤقت حيث اقترح خمسة اسس للدستور:
    1-ان يكون مستمدا من مصالح الشعب وان يحترم ارادته.
    2- ان يجعل جهاز الدولة ديمقراطيا ينص على حق الشعب في مراقبة جميع اجهزة الدولة وحقه في محاسبة ممثليه، وان يشترك الشعب اشتراكا واسعا في الحكم.
    3- ان يسمح باطلاق كل قوى الشعب في النضال ضد الاستعمار ومؤسساته بتوفير الحريات العامة وحرية العقيدة وحرية اعتناق الآراء السياسية والعمل من اجلها.
    4- ان يحمي مصالح العمال والمزارعين والتجار وكافة المواطنين من الاستغلال ويحمي حقهم في الراحة وحقهم في العمل.
    5- ان ينص على انتهاج سياسة خارجية مستقلة سلمية تقوم على معاملة جميع الدول على اساس المساواة والاحترام المتبادل" (محمد سليمان، اليسار السوداني في عشرة سنوات، 1969، ص ص 173-175)
    وطالب الاستاذ حسن الطاهر في خطابه ذلك بضرورة النص على قيام الجمعية التأسيسية في الدستور المؤقت حتى يشارك ممثلي الشعب في وضع الدستور الدائم للبلاد. أوضح إن هناك تناقضا بين مشروع الدستور وبعض القوانين والسياسات السائدة حينئذ مما يتطلب تغيير وتعديل تلك القوانين والسياسات حتى تتماشى مع الفصل الثاني من مشروع الدستور الخاص بالمساواة بين السودانيين والحريات العامة وحدد تحديدا قضايا الأجر المتساوي للعمل المتساوي في الشمال والجنوب والأجر المتساوي للعمل المتساوي للرجل وللمرأة، وقانون الصحافة وبعض مواد قانون العقوبات (المرجع السابق، ص ص 175-176).
    وجاء المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي في فبراير 1956 ليؤكد موقف الشيوعيين من قضية الديمقراطية و الحريات العامة، فيتبنى الحزب الجمهورية البرلمانية ويطالب بالحكم الإقليمي الذاتي للمديريات الجنوبية. ولقد اشار عبد الخالق إلى ان المؤتمر الثالث قد اعتبر ان قضية الديمقراطية تحتل "المكان المقدم اذ ان سير البلاد في طريق التطور المستقل لا يمكن ان يتم كما اشار البرنامج بدون استمرار الحركة الجماهيرية ونموها واتساعها وصلابة تنظيماتها وتنوعها" (لمحات، ص، 112).
    واشتد نضال الشيوعيين وحلفائهم ضد محاولات حكومة عبد الرحمن خليل (1956-195 لتقييد الحريات العامة خاصة بعد لجوئها لفرض حالة الطوارئ في عام 1956 في مواجهة المد الجماهيري الذي صاحب رد فعل الجماهير السودانية وتنظيماتها الديمقراطية للعدوان الثلاثي على مصر. وقد عبر الأستاذ حسن الطاهر زروق عن معارضة الشيوعيين لاستمرار حالة الطوارئ بتأييده الاقتراح المقدم من عضو البرلمان الأستاذ ابراهيم المفتي مطالبا برفع حالة الطوارئ في ديسمبر 1956. قال حسن الطاهر:
    " الاستقلال بدون حريات هيكل متداع بغير روح أو ارادة. ولسنا على استعداد للتفريط في أي مظهر من مظاهر هذا الاستقلال الذي جاء بتضحيات غالية. فعندما تختفي حريات الشعب من حياته يصبح ذلك الاستقلال جسما بلا روح وتتغول الحكومات على المحكومين وتسلط عليهم اوضاعا ضد حرياتهم خاصة اذا انتفت الأسباب الوجيهة لقيام هذه الحالة كما هو الحال في السودان" (اليسار السوداني، ص 257)
    وظل الشيوعيون وحلفاؤهم متمسكين بتكتيكيين أساسيين للعمل الديمقراطي: العمل وسط الجماهير وتنظيمها لانتزاع حقوقها الاقتصادية والاجتماعية وحقها في التنظيم المستقل، والسعي في نفس الوقت لبناء حلف وطني معادٍ للاستعمار لخوض الانتخابات وداخل البرلمان. ان العمل الديمقراطي اذن يرتكز على العمل الجماهيري الشعبى والنضال البرلماني. ولكن يجب الا ينظر إلى التكتيكيين في انفصال وانما في وحدتهما وعلاقتهما المتبادلة؛ لا من خلال ممارسة الضغط عن طريق المنظمات الديمقراطية كالنقابات واتحادات الطلاب فقط، بل بالتوجه المباشر لقيادات الأحزاب وجماهيرها وطرح مشروع التحالف الوطني قبل وبعد الانتخابات وجذبهم للنضال المشترك في الشارع والبرلمان حول قضايا محددة مثل قانون الطوارئ وحلف بغداد والعدوان الثلاثي على مصر والمعونة الأمريكية. وهذا يفسر موقف الشيوعيين والجبهة المعادية للاستعمار من انقسام الاتحاديين وخروج الختمية بحزب الشعب، حيث اعتبروه قسما للصف الوطني، وكذلك مخاطبتهم المباشرة لشيخ علي عبد الرحمن رئيس حزب الشعب الديمقراطي في اكتوبر 1957 داعين حزب الشعب لفض ائتلافه مع حزب الأمة والانضمام للأحزاب الوطنية "لوضع حد لحالة الانقسام والتوتر في المعسكر الوطني" (مذكرة الأستاذ الوسيلة عن سكرتارية الجبهة المعادية للاستعمار للشيخ علي عبد الرحمن، اليسار السوداني، ص 286). وكذلك مخاطبتهم للسيد علي الميرغني في نفس الوجهة. وكان ذلك كله مرتبطا بعمل جماهيري: مظاهرات واضرابات وليال سياسية كان لها اثر واضح في استنهاض حركة جماهيرية شملت الاتحاديين والشيوعيين وجماهير العمال والطلاب والمثقفين، حتى ان السفارة البريطانية اتهمت في احدى رسائلها للندن الرئيس الأزهري بالوقوع تحت نفوذ الشيوعيين. وتوج هذا الخط في النضال من اجل الديمقراطية وصيانة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de