|
عثمان ميرغني..الحكومة تحتاج لصدمة شعبية!!
|
حديث المدينة تنشيط الإحساس ..!!
عثمان ميرغني
لأن إحساس الحكومة بشعبها استرخى الى درجة مميتة، فإن مجرد الصراخ والأنين لم يعد كافيا لعلاج الحالة.. في تقديري أن الحكومة مخدرة لابد من إيقاظها من سباتها بصدمات كهربائية تعيد الوعي والرشد .. ولكن لا تقتل .. لم يعد كافيا أن يتحدث الرأى العام عن كدر أقداره الرسمية .. و صمم الأذن الرسمية عن سماع صوته ..فالأولى أن يتحول رد الفعل الى حجر مدوٍ يسقط في البركة الراكدة فيحركها .. فقوائم الأعمال والإصلاحات المطلوبة طويلة للغاية، والزمن ضيق جدا قبل أن يتوه الوطن في معارج الفوضى أو التقسيم.. وقضية «سلعة السكر"» التي أشرت اليها هنا بالأمس تصلح لافتة مناسبة لشحذ الهمة الشعبية لـ(لسع) الإحساس الحكومي وإيقاظه من خدره الأصم.. لماذا يظل الناس يجأرون بالشكوى و يتألمون ويكابدون حسرتين .. حسرة الغلاء الفاحش في سلعة السكر .. وحسرة الإحساس بأن وراء كل غلاء يد عابثة وضمير نائم أو ربما (متناوم) .. لماذا لا يجعل الشعب من قضية السكر مناسبة لجرد الحساب مع كل الجهات الرسمية لتدرك أن لكل خطأ أو خطيئة فاتورة واجبة السداد .. فالواقع - كما أسلفت بالأمس - أن موات رد الفعل الشعبي جعل الحكومة تتردى الى درجة أن يقيم وزير الصناعة مؤتمرا صحفيا رنانا ومحشودا ليعلن قرارا (خطيرا!!) هو تخفيض سلعة السكر الى سعر كانت أصلا الأسعار أقل منه قبل شهور قليلة.. فالأمر هنا ليس بمضمون القرار .. بل بالرسالة القاتلة التي يبعث بها لضمير الشعب المسترخي .. إنكم من فرط مواتكم ما عدتم ترهقون ضمير مسؤول بحساب الأرباح والخسائر من الخطوة التي يقدم عليها .. لم يعد رد الفعل الشعبي جزءا من أى معادلة أو حسابات حكومية عند اصدار أى قرار .. حتى ولو كان قرارا مضحكا مبكيا على غرار ما فعل وزير الصناعة.. ولابد من عمل شعبي يعيد تصحيح العلاقة بين الحكومة وشعبها، فتدرك أنهم ليسوا ملايين رعاع تفوت على أفهامها الأحابيل الصغيرة .. شعب لا يفهم .. وإذا فهم لا يحرك ساكنا ..فقط يلعن نفسه وأقداره،ثم ينوم قرير العين هانيها.. هل يمكن لعاقل أن يصدق أن الحكومة ترعى خاطر شعبها .. وهي تعيد تعيين وزير خرج من الوزارة بعد أن أدى مسلكه الإداري الى خسائر عشرات المليارات من عمارة سقطت .. وثمان غيرها في الطريق.. على رأسها عمارة من ثمانية طوابق..!! لا أحد يتطلع للإطاحة بالحكومة .. فهي حكومة وحدة وطنية مشكلة وفق اتفاق السلام الذي تراضت عليه الحركة الشعبية مع المؤتمر الوطني .. لكن المطلوب تصحيح العلاقة بين الحكومة وشعبها .. أن تحمل الحكومة هم المسؤولية عن مسلكها الخطأ .. وتدرك أن التمادى في التغافل يكبدها مشاقا عتية. لابد أن يتحرك الشعب بصورة صادمة لإحساس الحكومة النائم .. حتى اذا ما قررت الحكومة يوما أن تتلاعب بسعر سلعة مصيرية كالسكر .. أو خدمة حتمية كالتعليم أو الكهرباء أو العلاج .. فإن الشارع يقبل أو لا يقبل بقدروزنه بعقله للأمر .. وتدفع الحكومة فورا كلفة أخطائها .. إن كان لابد من صفع الشعب بالحذاء .. علي الأقل فليكن حذاء جديدا .
الصحافة15/12/2005
|
|
|
|
|
|